بريل داده أوغلو  - صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

لا مجال للشك في أن الأحداث التي بدأت في جيزرة وانتشرت بعد ذلك هي بفعل التحريض. وعمليات التحريض هذه مرتبطة بشكل مباشر بعملية السلام. والجماعات التي تشجع الأطراف السياسية الكردية على العنف تضع الأكراد في موقف صعب وتجبر الحكومة في الجانب الآخر على عدم مشي خطوات جديدة. ولذلك فإن هذه الأحداث تحمل هدفاً يضر بالطرفين.

وفي هذه الحالة فإن السؤال الذي نسأله ليس عن سبب الأحداث التي تمت, وإنما عن الطرف المستفيد من المناخ المذكور.

وليس من الصعب أن نحدد الذين لا يريدون لعملية السلام أن تتم من الداخل التركي. ولكن الصعب هو تحديد الذي يشجع على التحريض من هذه الأطراف. بعد هذه الأحداث التي تتسبب في سلب حياة الناس لا يمكن أن تخمد مشاعر الكره والحقد وهذا قد يخدم الذين لا يريدون لمشروع الأخوّة أن يرى النور.

لابد أن يكون لمن يسعون خلف التحريض توقعات أخرى فيما يخص "الأخوّة". وقد يكون مفهوم الأخوّة عندهم مبني على العرق. علماً أنه لا يوجد في تركيا عرق أو دين واحد, بالعكس تماماً هناك تنوع.

البعد الخارجي

أما الموضوع الذي يرتبط به التحريض فهو متعلق بمحاولة إعاقة البيئة المستقرة التي يوعَد بها المنتمون إلى نفس العِرق الذي ينتمي إليه هذا التنظيم. وسير تركيا في هذا الطريق يعني ضمان تركيا لعملية الانفتاح على الجغرافيا القريبة ولا سيما العراق. ولا مفر من أن يشكل ذلك ضغطاً على كل الجهات في سورية.

عملية السلام تعني أن الشعب الكردي في المنطقة سيحقق الانفتاح الخارجي عبر تركيا. وهذا ما يعني أن بعض الدول وخاصة الأوربية منها لن تستطيع أن تسيّر الأكراد لخدمة سياستها كما تحب. وفي حين أن الأمن التركي تم تحقيقه جزئياً من الجانب العراقي لا يزال مفقوداً من الجانب السوري وبناء عليه فإن الحلقة الأضعف التي يمكن استخدامها هي في سورية.

ولكن هناك طرف آخر في سورية قد يجبر تركيا على التراجع أو الخوض أعمق في المستنقع السوري, ويبدو أن داعش تتابع تحضيراتها حول هذا الموضوع. ولذلك فإن تركيا توضع في موقف يجعلها تحارب الأسد من جهة و الـ ب ي د من جهة وداعش من جهة أخرى. والقضية هي قابلية المناورة بدون الانجرار إلى تلك الحرب.

احتياط

فيما يخص قابلية تركيا للمناورة فإنها يجب أن تتخذ احتياطاتها في ثلاثة محاور. المحور الأول السياسة التي تتبعها فيما يخص إحالة نظام الإسد إلى القوى الكبرى. والمحور الثاني هو إبعاد وتحييد الـ ب ي د. وفي هذا الإطار إن تركيا تحاول أن يكون أكراد سورية أصحاب قرار في سياسة بلدهم في النظام المنتظر إنشاؤه في المستقبل والذي قد يشبه النظام العراقي. وفي هذا الموضوع فإن بعض الدول الأخرى أعطت وعوداً أيضاً؛ ولكن تركيا تومئ إلى أنها لن تسمح بتحقيق الوعود التي تتعارض مع المصالح التركية.

وفي هذه النقطة بالذات تبرز داعش من خلال ضغطها على تركيا من أجل سحب يدها من المستقبل السوري. ويتصاعد تهديد داعش لتركيا طالما أن تركيا تحاول كسر ذلك الضغط من خلال دعمها للفعاليات التي يمكن أن تفتح الطريق لشق صف داعش.

لا يمكن لتركيا أن تتنازل عن خططها في سورية لمصلحة داعش. الموضوع يتعلق بوجود ما يقارب المليوني سوري في تركيا وبأكراد لم يختاروا ممثلهم السياسي وبنظام معادٍ. ولهذا فإننا يجب أن نرى مسبقاً الفخ الذي يمكن لداعش أن تنصبه في حال أعلنت تركيا كعدو لها. وهذا يستدعي سلب الطرف الآخر أيّ شيء يمكن له أن يفاوض تركيا عليه أو أن يضعها في وضع صعب, ويجب أن لا تنصاع إلى محاولات جرها إلى المستنقع عسكرياً. الاحتياطات التي سنتخذها اليوم ستضمن لنا تخطي الضغوطات التي سنتعرض لها غداً.

عن الكاتب

بريل ديدي أوغلو

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس