ترك برس

يشهد خط أنقرة – واشنطن سلسلة لقاءات مكثفة هذه الأيام، إذ أنه بعد زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي ماكماستر إلى تركيا نهاية الأسبوع الماضي، يزورها اليوم الخميس وزير الخارجية تيلرسون، فيما التقى وزيرا دفاع البلدين مساء أمس الأربعاء في بروكسل، في خطوة يراها البعض أنها محاولات من قبل واشنطن للتقليل من حدة هذه التوترات مع أنقرة واحتواء عملية غصن الزيتون وتجنيب ميليشيات "ي ب ك/ب ي د" الضربات التركية.

في هذا الإطار تناول مقال نشرته صحيفة "صباح" التركية، للكاتب الصحفي ومدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" برهان الدين ضوران، تطرق فيه إلى هدف واشنطن من إرسال مسؤولين رفيعي المستوى إلى أنقرة، وتداعيات عملية عفرين بالنسبة لعلاقات البلدين وتأثيرها على وضع "ي ب ك/ب ي د" في الشمال السوري.

يرى "ضوران" بأن التواجد الأمريكي في سوريا، دخل في مرحلة الضعف، مستشهداً على ذلك بأرتال تنظيم "ي ب ك/ب ي د" المتوجهة من مناطق سيطرتها المختلفة في شمالي سوريا، إلى منطقة عفرين حيث تجري عملية غصن الزيتون التركية.

ويتابع ضوران قائلاً: "توجّه مجموعات تنظيم "ي ب ك" التي تتدعي محاربتها لتنظيم ’داعش‘، إلى منطقة عفرين، أدت إلى انهيار التمييز الذي عبّر عنه القادة الأمريكيون من خلال القول بأن ’المجموعات الموجودة في عفرين، ليست من بين تلك التي ندعمها في مكافحة داعش‘. الأمر الذي يظهر أن "بي كي كي" هي نفسها "ي ب ك"، وبالتالي ترسيخ فكرة أن واشنطن تدعم منظمة إرهابية."

الأهم من ذلك – وفقاً للاستراتيجي التركي- أن الأرتال والقوافل المتوجهة إلى عفرين، أظهرت أن كافة مجموعات "ي ب ك" هي في الأصل واحدة، وأن واشنطن غير قادرة على السيطرة على أتباع "بي كي كي" الذين سارعوا إلى إنقاذ عفرين انطلاقاً من مشاعر قومية، رغم التصريحات الأمريكية حول عدم دخول عفرين، ضمن منطقة عملياتهم العسكرية ضد "داعش".

ويشير الكاتب إلى أن سماح قوات النظام السوري بدخول أرتال "بي كي كي" إلى عفرين، خلق تأثيراً ذو ثلاث أوجه. ووجه رسالة إلى "ي ب ك" مفادها أن النظام هو الملجأ الوحيد في الأساس لمجموعات "ي ب ك" أمام الضربات التركية. كما وجه رسالة إلى أنقرة مفادها أنه سيستمر في التعاون مع "ي ب ك"، محاولاً بذلك استجداء أنقرة لمخاطبتها هي في سوريا بدلاً من روسيا.

ويتوقع "ضوران" أن موضوع زيارة الشخصيتين الهامتين لدى إدارة ترامب (ماكماستر وتيلرسون) إلى أنقرة، سيكون التفاوض في موضوع "ي ب ك".

وفيما يتعلق بسيناريو المقترحات التي قد تكون مقبولة نوعاً ما لدى أنقرة، يرى الكاتب أن بإمكان تيلرسون وماكماستر، تقديم اقتراح سحب ميليشيات "ي ب ك" من منبج مقابل عدم دخول تركيا إلى مركز مدينة عفرين، كما أن عليهما أيضاً تقديم مقترح مقبول لدى أنقرة حول تواجد عناصر "ي ب ك" في شرقي نهر الفرات، من أجل تخفيض مستوى التوتر في علاقات البلدين ولو لفترة مؤقتة.

ويعرّج الكاتب أيضاً في مقاله إلى العلاقات التركية - الأمريكية في المرحلة الأخيرة، معتبراً أن السبب الرئيسي للتوتر القائم يكمن في عدم تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن سياستها الخاطئة في سوريا، وإصرارها على دعم "ي ب ك"، متوهمة أنها تستطيع إقناع تركيا بذلك.

وبحسب "ضوران" فإن الأمريكان يتجاهلون الأهمية التي تعنيها عملية غصن الزيتون بالنسبة لتركيا التي كانت آخر من دخلت عسكرياً إلى المعادلة السورية، وهي تواجه الآن على الأرض الولايات المتحدة حليفها لدى "ناتو"، لافتاً إلى أن المرحلة التي تم الوصول إليها مثيرة للقلق جداً.

ويختتم الكاتب بذكر سببين رئيسيين للأزمة القائمة حالياً والمثيرة للقلق في العلاقات بين واشنطن وأنقرة: الأول، لا زال هناك نوع من عدم الجدية لدى إدارة ترامب فيما يخص تلقي الانتقادات التركية، والثاني هو أن العلاقات تشهد مرحلة من التحول الجيوسياسي، وأن الأزمة الحالية متميزة عن أزمة العراق بين البلدين في عام 2003، بأن تركيا على الأرض في سوريا بكامل قوتها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!