ترك برس

يقول رئيس نشر مجلة سمرقند التركية صباح الدين أيدن، إن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، كان مثل حجر الزاوية في جسر قوسي، بانهدامِه انهدم كل شيء، مستدلًا بمقطع مسجل يوّثق محاولات القوات الكرواتية لتدمير جسر موستار التاريخي العثماني، وهو أحد أهم رموز البوسنة والهرسك.

والسلطان عبد الحميد الثاني (ولد في إسطنبول عام 1842 وتوفي فيها عام 1918)، هو السلطان الـ34 بين سلاطين آل عثمان، والـ26 ممن جمعوا بين الخلافة والسلطنة، فضلًا عن أنه الخليفة الـ113 بين خلفاء الدول الإسلامية المتعاقبة. وتولّى الحكم عام 1876، وانتهت فترة حكمه عام 1909.

وعُرف عبد الحميد الثاني كأقوى وأدهى سلاطين آل عثمان؛ حيث شهدت فترة حكمه تحولات صناعية وإصلاحات دستورية هامة، إضافة إلى إعادة هيكلة الدولة ومؤسّستها، وهو ما جعله في مواجهة دبلوماسية وعسكرية مع القوى الكبرى الطامعة في أراضي الدولة العثمانية.

ويؤكّد المؤرخ التركي أيدن أن السلطان عبد الحميد، كان مستهدفًا من الداخل والخارج خلال فترة حكمه للدولة العثمانية، ولكن النقطة الغريبة في هذا الصدد هي أن الجبهة الداخلية كانت تضم شخصيات قومية وإسلامية وملحدة وعلمانية، وكان هدفًا مشتركًا بالنسبة لها.

https://www.youtube.com/watch?v=lqRlIkuJAME

وفي الجبهة الخارجية، يُشير أيدن إلى تحالف كبير ضد السلطان العثماني بين الدول العظمى واليهود، وخاصة أصحاب الأهداف الصهيونية مثل تيودور هرتزل، مبينًا أن كل هؤلاء كانت لديهم أهداف وأفكار مختلفة، لكنهم يتفقون فقط في العداء ضد عبد الحميد.

هذه الأطراف تمكنت في النهاية، وفق المؤرخ التركي، من تحييد وإسقاط السلطان عبد الحميد، ثم بدأوا في اتخاذ إجراءات معاكسة تمامًا لما اتخذه السلطان على مدى 33 عامًا من الحكم، وفجأة ينهار كل شيء، وهذا دليل على أن عبد الحميد كان مثل حجر الزاوية في جسر قوسي.

ويستدل أيدن بمقطع فيديو شاهده خلال زيارته إلى مدينة موستار في البوسنة والهرسك، يظهر قصف القوات الكرواتية للجسر التاريخي الشهير في المدينة وكيف تضرب المدافع أطرافه ولكن دون جدوى، وفي النهاية يتم استهداف حجر الزاوية في المنتصف، لينهار الجسر فورا.

وسئل الإمام الشافعي (رحمه الله تعالى): كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم".

ويقول باحثون إن السلطان عبدالحميد الثاني سعى للنأيّ بدولة الخلافة من أن تكون طرفا في أي نزاع عالمي، فلم تستطع الدول الكبرى آنذاك أن تجعل السلطان معبرا لمطامِعها وخططها التوسعية.

ويؤكّد هؤلاء أن السلطان لعب أيضًا على تعارض المصالح بين الدول الأوروبية التي تتنافس فيما بينها بلا رحمة، وبالتالي استطاع حماية دولته في عالم متنافس.

أمّا جسر "موستار" أو الجسر القديم، فيُعتبر جسراً قوسيّاً وأثريّاً، يقع في مدينة موستار وتحديداً على نهر نرتقا بين البوسنة والهرسك، وهو من أعظم الجسور القديمة التي تعود إلى عهد الخلافة العثمانيّة، ومن أهم الجسور التي تركتها الحضارة العثمانيّة في منطقة البلقان، وقد صمم هذا الجسر المعماري خير الدين وهو من تلامذة المعمار سنان آغا.

يعود بناء هذا الجسر إلى القرن السادس عشر عام ألف وخمسمئة وستة وستين، ويبلغ طوله ما يقارب الثلاثين متراً أما بالنسبة لعرضه فيبلغ ما يقارب الأربعة أمتار، كما يبلغ ارتفاع هذا الجسر حوالي أربعة وعشرين متراً.

أمر السلطان العثماني سليمان القانوني ببناء هذا الجسر في عصر الدولة العثمانيّة عندما كان الحاكم الأول في القارة الأوروبيّة، وقد تم تصميمه ليتكوّن من برجين على شكل حصن، ويقع البرج الأول في الشمال الشرقي وهو يُعرف باسم هيليبيجا.

أما بالنسبة للبرج الثاني فيقع في الجهة الجنوبيّة الغربيّة وهو يُعرف باسم تارا، وقد تمت الاستعانة بالحجر الجيري في بناء هذا الحجر، حيث بُني بطريقة تتناسب مع حالة مياه النهر سواء في الارتفاع أو الاتخفاض، وقد استغرقت عمليّة بنائه ما يقارب التسع سنوات.

تعرّض هذا الجسر للقصف بالمدفعيّة من قِبل القوات الكرواتيّة في الحرب القائمة في تشرين الثاني من سنة ألف وتسعمئة وثلاث وتسعين، فتم تدمير أجزاء كبيرة منه بسبب تعرضه لما يقارب الستين قذيفة، وقد أثرت عملية التدمير هذه بشكل كبير في حركة المواطنين وانتقالهم عبر طرفي النهر

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!