ترك برس

تواصل السفن الحربية التركية عرقلة نشاط سفينة الحفر في المياه العميقة "سايبم 12000" في المنطقة الاقتصادية الخاصة بقبرص، التي لم تتمكن من العبور إلى موقع بحري يعرف باسم (بلوك3)، حيث كان من المقرر أن تبدأ نشاطها، وذلك وفقا لما ذكره مدونون في موقع "تانكر تراكرز".

وحيال هذا الشأن، نشر موقع "مارين ترافيك"، المتخصص في البيانات البحرية وحركة الملاحة العالمية، بعض صور الأقمار الاصطناعية التي تُظهِر مواقع وتحركات السفن الحربية التركية، وذلك ما يؤكد صحة المعلومات الواردة من قبل مدوني موقع "تانكر تراكرز".

بعد الغزو التركي لقبرص سنة 1974، بات العالم وبشكل رسمي يعترف بدولتي قبرص وقبرص الشمالية. وبسبب الموقع البحري الذي يعرف باسم (بلوك3)، المتاخم لمواقع الثروات البحرية، عملت قبرص الشمالية والبحرية التركية على عرقلة وصول سفينة الحفر إلى منطقة التنقيب عن الثروات الطبيعية، وذلك بداية من النصف الثاني من شهر شباط/ فبراير.

ووفقا لما صرح به ممثل عن شركة "إيني" الإيطالية لوكالة رويترز، فإن السفن الحربية التركية أوقفت السفينة، مطالبة إياها بعدم مواصلة رحلتها بسبب العمليات العسكرية القائمة في المنطقة التي تقصدها سفينة الحفر. في هذا الإطار، صرحت وزارة الخارجية اليونانية والرئيس اليوناني، بأن تركيا تنتهك القانون الدولي عن طريق عرقلة نشاط السفينة. في المقابل، اتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبرص واليونان بخرق القانون الدولي، ناصحا إياهما بعدم التعدي على حقوق تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط.

في الواقع، يعتقد نائب رئيس صندوق أمن الطاقة القومي، أليكسي غريفاش، أن العديد من العوامل تلعب دورا هاما في الصراع من أجل الثروات الطبيعية المتواجدة بقبرص. وفي الحقيقة إن "الصراع من أجل الموارد هو الأهم، حيث تعتبر أنقرة نفسها الراعي الرسمي لمصالح  قبرص الشمالية، ومما لا شك فيه أنها ترغب في الاستحواذ على حقل ليفياثان للغاز سعيا منها لتطوير قدراتها".

عموما، تطمح تركيا إلى أن تصبح مركز الغاز بالنسبة لأوروبا، ومنافسا قويا لدرجة ما. وعلى مدى العقد الماضي، تم اكتشاف العديد من حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط في إسرائيل، ومصر، وقبرص، كما تجرى مناقشات حية بشأن تشييد خط أنابيب الغاز "إيستمد" من إسرائيل، الذي يربط احتياطي الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط مع أوروبا عبر قبرص.

إن حجم الغاز الذي يضخه هذا الخط يقتصر على 10 مليارات متر مكعب، كما أن طريق الأنابيب لا يشابه "ممر غاز جنوب القوقاز" الذي يمر من أذربيجان، و"السيل الجنوبي" الذي يمر من روسيا عبر تركيا. ورغم تخصيص المفوضية الأوروبية لمبلغ 34.5 مليون دولار في نهاية العام الماضي، من أجل تطوير خطة بناء خط أنابيب الغاز "إيستمد"، إلا أن مستقبل المشروع لا يزال قيد النقاش.

ووفقا لما ذكره المحلل في مركز الطاقة العالمي التابع لمجلس الأطلسي، تشارلز إليناس، فإن الغاز الإسرائيلي والقبرصي غير قادر على منافسة الغاز الروسي؛ سواء كان عن طريق أنابيب الغاز أو في شكل غاز طبيعي مسال، وسيباع بسعر متوسط يتراوح بين177 و213 دولارا لكل ألف متر مكعب في دول الاتحاد الأوروبي. وحسب شركة "نوبل"، قدرت تكلفة إنتاج الغاز الإسرائيلي من حقل ليفياثان بمبلغ يناهز 160 دولارا، ولذلك يرى الخبير أن استخراج الوقود الأزرق سيكون مكلفا للغاية سوى عبر مروره بتركيا أو من خلال البحر الأبيض المتوسط.

منذ العقد الأول من القرن الحالي، عملت شركة النفط التركية العامة "تباو" على اكتشاف حقول النفط والغاز في البحرين الأسود والمتوسط، واستثمرت عدة مليارات من الدولارات في البحث مع الشركات الغربية كما قامت بشراء وبناء عدة سفن اهتزازية. ومع ذلك، لم تنجح هذه الاستراتيجيات ولم تتمكن هذه المشاريع من العودة بفائدة كبيرة على تركيا التي لا زالت تعول على الغاز المستورد بنسبة 99 في المائة.

ففي سنة 2016، أنتجت البلاد 386 مليون متر مكعب، مقابل استيراد 46 مليار متر مكعب. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، فتحت إسرائيل حقلي "تمار" و"ليفياثان" مع احتياطيات إجمالية قدرت بنحو 900 مليار مكعب، إضافة إلى حقل "زور" للغاز الذي أكتشف مؤخرا في مصر، والذي ينتج ما يقدر بنحو 850 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

في الحقيقة، نجحت سفينة الحفر سايبم 12000 قبل توجهها إلى الموقع البحري (بلوك 3) في حفر نقطة أخرى في قبرص في (البلوك 6)، حيث أعلنت شركة إيني الإيطالية وتوتال عن حفر حقل مماثل لحقل "زور" المصري. بالإضافة إلى ذلك، إن ظهور مثل هذه الأنباء لا يمكن أن يزيد إلا في استياء أنقرة التي لم تعثر على أي مصدر للطاقة الأحفورية على شواطئها البحرية منذ أكثر من 20 سنة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!