ميهميت أجيت – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

لنبدأ بهذا السؤال، هل كانت زيارة وزير الخارجية الأمريكي "تيلّرسون" لأنقرة بسبب قيام تركيا بعملية غصن الزيتون في منطقة عفرين السورية؟ أم أن الزيارة كانت ستحدث في جميع الأحوال سواء أتمّت عملية غصن الزيتون أم لم تتم؟

ربما كانت الزيارة عامة وسيقوم بها تيلّرسون في جميع الأحوال، لكن لا أعتقد أنها كانت ستعطي مثل النتائج التي شهدناها خلال زيارة تيلّرسون لأنقرة في الأسبوع السابق.

أقصد أنه يوجد سببان لهذا الوضع الذي أجبر تيلّرسون على زيارة تركيا والتصريح عن أن حكومته ستشارك تركيا في جميع الخطوات التي ستُتحذ بعد الآن، السبب الأول هو إثبات تركيا نفسها مؤخراً على الساحة، والسبب الثاني هو تصريح تركيا الذي أفاد بأنّ الهدف لن يقتصر على منبج وعفرين فقط، إنما سيسعى إلى القضاء على الإرهاب في جميع المناطق التي تقع شرق الفرات.

والآن لا بد من التذكير بما قاله رجل السياسة الأمريكي ووزير الخارجية في سنة 1973 "هينري كيسّينجر": "في حال عدم إظهار القوة على طاولة الدبلوماسية فإن كل ما يُقال سيبقى في إطار الهزل".

عندما أظهرت تركيا قوتها في الساحة فإن هذه القوة انعكست على طاولة الدبلوماسية أيضاً، وبذلك أُجبرت أمريكا على اتخاذ خطوة جديدة بناء على الوضع الجديد.

وفي هذا السياق سنذكر العبارات التي ذكرها الرئيس أردوغان خلال المؤتمر المعقود في منطقة "كاراهيسار" حيال فوائد النقاش والدبلوماسية:

"في السابق شهدنا على بعض الاختلافات في وجهات النظر والآراء مع إيران والعراق وروسيا واليونان وأمريكا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى، لكن عندما بدأت تركيا بحل هذه المشاكل من خلال استخدام المنطق والنقاش فقد حققت نتائج ملموسة".

أمريكا تتخذ خطوات تكتيكية وليست استراتيجية

خلال المستقبل القريب ستنظر تركيا إلى الاتفاق الذي توصل إليه أردوغان وتيلّرسون على أنه بمثابة قرض يمكن استخدامه عند الحاجة، لكن ما السبب في ذلك؟

يمكن القول إن تيلّرسون قد ربط نفسه بأنقرة بشكل خاطئ عندما صرّح بأن حكومته ستشارك تركيا في جميع الخطوات التي ستُتخذ بعد الآن، والسبب في ذلك هو أن تركيا ستعيد تذكير أمريكا بهذا التصريح في كل خطوة خاطئة تتخذها واشنطن حيال مسألة شمال سوريا، لكن عند النظر إلى الماضي وتقييم الحاضر بناء على ذلك نلاحظ أن كثرة الخطوات الخاطئة التي اتخذتها واشنطن تؤدي إلى نظر تركيا لهذا التصريح على أنه قرض يمكن استخدامه للاحتياط في أوقات الحاجة فقط.

المسألة في الأساس هي أنه على الرغم من أن زيارة تيلّرسون لأنقرة كانت بصيص أمل للحكومة التركية إلا أنه لا يمكن القول إن أمريكا قررت التعاون مع تركيا وتغيير السياسة التي تمارسها في سوريا بشكل جذري.

والسبب في ذلك هو أن هذه الخطوة تبدو كمحاولة إلهاء الحكومة التركية أكثر من كونها تغييراً استراتيجياً للسياسة الممارسة.

هل تهدف أمريكا لإفساد التعاون الموجود بين الدولتين التركية-الروسية؟

خدعت أمريكا الحكومة التركية في العديد من المسائل منذ بداية القضية السورية، إذ صرّحت بأنها ستسعى إلى تغيير النظام السوري بالتعاون مع تركيا ثم تراجعت عن ذلك، كماذكرت أنها ستقوم بدعم وتدريب المعارضة السورية المعتدلة، لكنها قامت بدعم العدو الأكبر لتركيا وهو تنظيم بي كي كي الإرهابي.

وفي هذا السياق لم تؤيد أمريكا أي عملية عسكرية نفذتها تركيا لوحدها أو بالتعاون مع روسيا في الأراضي السورية، كما اتخذت أمريكا العديد من الخطوات الغير مشروعة من أجل إفساد التعاون الذي توطّد بين الدولتين التركية-الروسية مع بداية عملية درع الفرات في 24 آب/أغسطس 2016.

ومثالاً على هذه الخطوات الغير مشروعة يمكن ذكر حادثتين تحافظ على رسوخها في ذاكرتنا:

الأولى هي تنفيذ غارة دامية صادرة عن تخطيط أمريكي ضد القوات المسلحة التركية الموجودة في منطقة الباب بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، أي في الذكرى السنوية لإسقاط طائرة روسية نتيجة تجاوزها للحدود الجوية التركية.

والثانية تعرض القواعد الروسية مع بداية عملية غصن الزيتون لغارة جوية من قبل طائرات بدون طيار مجهولة المصدر.

وفي هذا السياق يجدر بالذكر ما قاله الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" حيال هذا الغارات، إذ قال: "هذه الهجمات لم تكن صادرة عن الدولة والقوات التركية، نحن نعلم مصدرها، وندرك أنها صادرة عن الجهات التي تسعى لإفساد التعاون الموجود بين روسيا وتركيا".

أنا لا أزعم أن روسيا هي الشريك المثالي والموثوق، لكن لا يمكن تجاهل أن تركيا اتخذت جميع خطواتها في سوريا منذ 24 آب/أغسطس 2016 بالتناقض الشديد مع أمريكا والاتفاق مع الحكومة الروسية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس