ترك برس

أعلنت تركيا انتصارها في اليوم الـ 58 من عملية "غصن الزيتون" بعد فرار ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG)، الذراع السوري لتنظيم "حزب العمال الكردستاني" (PKK)، من مركز مدينة عفرين السورية.

مراد يشيل طاش، رئيس قسم الأبحاث الأمنية في مركز سيتا للدراسات في أنقرة، يرى أن هناك أسباب كثيرة أدت إلى خسارة منظمة الميليشيات في عفرين، أولها وأهمها، إيمانها الزائد بخصوص أنها أصبحت تمتلك الأفضلية ضد جيش دولة منظم، عقب نصرها المزعوم على تنظيم داعش.

ويقول الخبير التركي، في تقرير تحليلي نشرته وكالة أنباء الأناضول، إن ميليشيات (YPG) ظنّت بأنها اكتسبت "شرعية دولية" نتيجة نصرها المزعوم ضد داعش.

وبنَت الميليشيات استراتيجيتها على فرضية أن تركيا ستتعرض لـ"عزلة دولية" لدى إطلاقها حملة عسكرية في منطقة عفرين. ولكن على عكس ذلك، تعرضت هي لهذه "العزلة" خلال العملية.

فمع مضي تركيا قدما في العملية وقضائها على الخطوط الدفاعية للمنظمة الإرهابية، عمل (PKK) على استهداف تركيا من خلال ورقة حقوق الإنسان، واتهامها لها بأنها تضرب المدنيين، لكنها لم تقرن ادعاءاتها هذه بأدلة، وبالتالي لم تكن مقنعة بالنسبة للمجتمع الدولي.

انتصرت القوات المسلحة التركية في عملية غصن الزيتون إثر اجتماع عدة عوامل، أولها، توجه المعادلة في شمال سوريا نحو تركيا إثر اكتسابها أفضلية سياسية وعسكرية بالمنطقة عقب نجاحها في عملية درع الفرات، والذي أدى بدوره إلى إصرار تركيا على تقليص خطر بي كا كا، واضعاف فعالية الجانب الأمريكي في معادلة عفرين.

من جهة أخرى، يرى يشيل طاش أن اتفاق تركيا مع الجانب الروسي في مباحثات أستانة أدى إلى اكتساب أنقرة مجددا دور اللاعب الأساسي في الأزمة السورية، حيث أدى تكفل تركيا بتشكيل منطقة خفض توتر في إدلب إلى تعزيز دورها في سوريا.

كما اتجهت تركيا نحو التغيير في سياستها بشأن مكافحة الإرهاب إثر درع الفرات، حيث زادت من حدة تصريحاتها السياسية، وأعلنت بصوت عال أنها غير مستعدة للتفاوض بهذا الخصوص.

وخلال غصن الزيتون، استخدمت تركيا قواتها بشكل فعال للغاية، إذ دخلت القوات المسلحة التركية من عدة محاور ما أتاح لها السيطرة على النقاط الاستراتيجية بأقل خسائر ممكنة في صفوفها، وأكثر خسائر ممكنة في صفوف التنظيم الإرهابي.

ولعبت كذلك الأسلحة التكنولوجية محلية الصنع دورا كبيرا في نجاح العملية، وخاصة الطائرات المسلحة بدون طيار.

أما العامل الأهم، فهو التوقيت الذي اختارته تركيا من حيث عدم تأثير العناصر الخارجية على إثباث عزمها السياسي والعسكري، حيث لم تلقِ بالا للانتقادات الأمريكية، ولم تسمح لمساعي النظام السوري وحليفه الإيراني بإنقاص وتيرة العملية، بل على العكس أكسبت تلك المساعي تسارعا على مجريات العملية.

بدوره، توقع أويطون أورهان، الخبير في مركز الشرق الأوسط للأبحاث الاستراتيجية، في تقرير تحليلي، أن يكتسب التعاون التركي الروسي زخما بعد عملية غصن الزيتون، فالضغوط التركية ستزداد تدريجيا على مدينة منبج في حال لم تتمكن أنقرة وواشنطن من الوصول إلى اتفاق بشأنها.

ومن المتوقع أن تحظى الخطوات التي ستُقدم عليها تركيا ضدّ "YPG" بدعم روسي، لأن الأهداف المقبلة لتركيا في الداخل السوري، تتمثل في السيطرة على مناطق نفوذ الولايات المتحدة.

ومع خسارة  (YPG) مدينة عفرين، انتهى تماما الرابط العسكري الذي كان يصل التنظيم بروسيا، وبذلك بات تحت حماية الولايات المتحدة، ويجب ألّا ننسى بأن "YPG" يحمّل الروس جزءًا من المسؤولية لأن موسكو أعطت الضوء الأخضر لعملية غصن الزيتون.

وكل ما ذُكر آنفاً سيساهم، بحسب أورهان، في توتير العلاقات بين روسيا و"YPG" من جهة، وتركيا والولايات المتحدة من جهة أخرى، وبالتالي سيعزز التعاون بين أنقرة وموسكو.

صحيح أن عملية غصن الزيتون حظيت بدعم من روسيا، لكن هذا الدعم لم يصدر من حلفاء موسكو في الداخل السوري (إيران ونظام بشار الأسد)، بل يمكننا القول إن طهران ندّدت بمواقف موسكو حيال غصن الزيتون.

ودليل ذلك محاولة دخول ميليشيات تابعة لإيران والنظام إلى عفرين لدعم "YPG"، وربما جرت هذه الخطوة بعلم موسكو، لكن دون موافقتها. ولعل الروس يرغبون من خلال تعزيز الوجود التركي في سوريا، تحقيق التوازن والحد من تعاظم قوة إيران في الداخل السوري.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!