حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

يبدو أن الأمور في الساحة السورية ستزداد تعقيداً خلال المراحل القادمة، إذ لا يتوقف الأسد عن تنفيذ الهجمات الكيميائية وذلك بسبب عدم معاقبته على الرغم من لجوئه لهذا الأسلوب لمرات عديدة، في حين يزعم ترامب أنه سيتم توجيه رد صارم ضد نظام الأسد وحلفائه، حيث استهدف ترامب روسيا للمرة الأولى منذ بداية الحرب السورية.

 كما صرّح ترامب بمعاقبة نظام الأسد وروسيا وإيران بأشد أنواع العقاب، ويجدر بالذكر أن جميع هذه التطورات قد جاءت خلال الأسبوع الذي أعلن فيه ترامب عن سحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، ومع استمرار النقاش حول هذه المسألة تم إجبار أمريكا على التدخّل العسكري في سوريا، وهذه النقطة تشير إلى عدم وجود أي أهمية لآراء القادة، ولذلك بدلاً من التساؤل عن ما يريده ترامب وأمريكا يجب التساؤل حول شروط المنطقة، وفي هذا السياق سنرى اتجاه أمريكا وفقاً لهذه الشروط.

على الأرجح سيسعى ترامب إلى معاقبة نظام الأسد على تنفيذه لهجمات كيميائية في الغوطة الشرقية، لكن ذلك لا يلغ أهمية الخطوات التي ستتخذها روسيا أيضاً، كما أن سيطرة أمريكا على الساحة التي تُركت في حوذة روسيا لفترة طويلة لن يكون بالأمر السهل، وهذا الوضع يدفعنا للتساؤل حول نوع التدخل الذي سيبادر به ترامب في الساحة السورية، هل سيكتفي ببعض الغارات مثل المرة السابقة أم سيبادر في تدخّل ذي نطاق أوسع؟ لكن الاحتمال الأكبر في الوضع الراهن هو التدخّل من خلال القصف المدفعي أو الغارات الجوية، على سبيل المثال إن تنفيذ عملية عسكرية برية ليس ضمن الاحتمالات الواردة في الوقت الحالي، وفي حال اتخاذ مثل هذا القرار قد يستغرق نقل القوات البرية فقط لشهور عديدة، إضافةً إلى أن باتخاذ مثل هذا القرار في مدة قصيرة لن يكون عملاً عقلانياً، إذ يجب انتظار ومراقبة مجرى الأحداث لمدة أطول من أجل اتخاذ مثل هذا القرار.

كما رأينا أنّ هذه المسألة نوقشت في مجلس الأمم المتحدة أولاً، حيث استخدمت روسيا الفيتو، ونظراً لذلك يمكن القول إن مدى قدرة أمريكا على توسيع نطاق التدخّل العسكري ضد قوات نظام الأسدهو أمر مجهول في الوقت الحالي.

وفي هذا السياق يجب على الدولة التركية أن تكون منفتحةً لجميع الخيارات البديلة، إذ ستؤيد تركيا أي قرار ينص على تنفيذ عملية عسكرية ضد نظام الأسد، كما دافعت عن هذه الفكرة لسنوات عديدة، ومن جهة أخرى اعتادت تركيا على التحرّك بحرية أثناء الهدوء الأمريكي، كما قامت تركيا بتحويل هذا الهدوء إلى فرصة كبيرة وبادرت في تنفيذ عمليات عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية الموجودة في الشمال السوري، لكن لم تتمكن تركيا من إتمام مداخلاتها العسكرية والقضاء على الإرهاب الموجود في جوار حدودها مع سوريا بشكل كامل، وقد تتسبب عودة أمريكا إلى الساحة في توزيع الأوراق من جديد.

لا أعتقد أن التوزيع الجديد للأوراق سيكون ضد مصالح تركيا، لأن أمريكا لن ترغب في نزع علاقاتها مع تركيا، بل ستنظر إلى تركيا على أنها حليف قوي وبالتالي ستعطي الأولوية لآراء الدولة التركية.

 في جميع الأحوال أرى أن تركيا منفتحة لجميع الخيارات البديلة، إذ صرّح وزير الطاقة التركي "بيرات البيرق" بعبارة في غاية الأهمية ألا وهي "لقد دخلت الدولة التركية في حرب جديدة رسمية في عفرين، ولم تعد هذه الحرب رداً على أمر واقع".

تركيا تحاول شق طريق آمن لها في وسط هذه الفوضى منذ سنوات عديدة، إذ عانت تركيا كثيراً في الفترة التي اكتفى فيها الآخرون بالمشاهدة، وعندما فقدت الأمل تجاه حلفائها اضطرت إلى الاعتماد على نفسها، وأظهرت مرونةً ومهارةً دبلوماسية خلال المفاضوات، إضافةً إلى تنفيذ عمليات عسكرية ناجحة خلال الفترة الأخيرة، وبذلك تمكنت من الحافظ على أمان حدودها بنفسها، وذلك يشير إلى أن تركيا قادرة على تدبير أمورها بنفسها، ولهذا السبب لا يوجد أي أمر يدعو للقلق.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس