ترك برس

أشاد خبراء في مجال الطاقة بأهمية مشروع "تاناب" الذي افتتحه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام، والمخصص لنقل الغاز الطبيعي من أذربيجان إلى البلدان الأوروبية عبر الأراضي التركية.

افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الثلاثاء 12 يونيو/ حزيران الجاري، خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول "تاناب"، المعروف بـ"مشروع العصر"، في ولاية "أسكي شهير" وسط تركيا.

وشارك في افتتاح المشروع العملاق رؤساء أذربيجان إلهام علييف، وصربيا ألكسندر فوتشيتش، وأوكرانيا بيترو بوروشينكو، وشمال قبرص التركية مصطفى أَقنيجي، إلى جانب وزراء ومسؤولين كبار معنيين.

الخبير التركي، إسماعيل كافاز، وهو باحث في قسم الاقتصاد بكلية العلوم السياسية في جامعة "يلدريم بيازيد" بأنقرة، يرى أن افتتاح مشروع "تاناب" يمثل خطوة استراتيجية مهمة للغاية بالنسبة إلى تركيا، حيث سيلعب دورا حساسا من حيث تأمين أنقرة لأِمن إمدادات الطاقة لنفسها ولأوروبَا.

وقال كافاز في تقرير نشرته وكالة الأناضول التركية: "لا شك أن مشروع "تاناب" سيساهم في إعادة تنظيم سياسة المنطقة"، وأنه "سيلعب دورا في حل الخلافات السياسية والعسكرية في منطقتنا، وتأسيس علاقات تعاون اقتصادي جديدة بين دول المنطقة، فضلا عن دوره في إعادة الاستقرار في مناطق الشرق الأوسط، وآسيا، والقوقاز".

وبحسب الخبير التركي، فإنه "من حيث موازين الطاقة الدولية، يمكن القول إن الأسواق الأوروبية خاصة تتابع هذا المشروع عن كثب، إذ تهدف القارة العجوز التي تستهلك سنويا أكثر من 450 مليار متر مكعب من الغاز، إلى دعم "تاناب" لتأمين مصادر طاقة آمنة ومستدامة".

وتابع كافاز: بفضل هذا النوع من المشاريع ستزداد فرص بحث القارة عن دول مصدرة للطاقة، ومسارات متنوعة للطاقة، وستلعب تلك المشاريع دورا استراتيجيا من حيث تأمين أمن إمدادات الطاقة بالنسبة إلى تركيا.

مع افتتاح مشروع "تاناب"، اقتربت تركيا من تحقيق هدفها بأن تصبح مركزا للطاقة. ويجب على أنقرة لتحقيق هذا الهدف بالكامل أن توسع من سعتها التخزينية للغاز الطبيعي، وأن تزيد من منشآت الغاز الطبيعي المسال، وتشكيل سوق للطاقة.

ومن المتوقع أن ترفع تركيا من سعة مخازن الغاز الطبيعي في كل من "سيليفري"، "شمال مرمرة" و"ديغرمنكوي" إلى 5 مليارات متر مكعب، وسعة مركز تخزين بحيرة الملح إلى 5.4 مليارات متر مكعب.

إلى جانب استمرار العمل على توسيع سعة مخزن الغاز الطبيعي المسال في كل من "إزمير" و"هطاي"، وبناء منشأة جديدة في "خليج ساروس" في شمال بحر إيجة.

وبدأت تركيا عام 2015 السعي إلى افتتاح بورصة خاصة بالطاقة، ما أدى إلى فتح الطريق أمام عمل المؤسسات الناشطة بهذا المجال سويا.

إن هذا النوع من الأنشطة سوف يتطور ويزداد مع مشاريع الطاقة الدولية، مثل "تاناب"، ضمن أهداف تركيا للعب دور لاعب فاعل في أسواق الطاقة العالمية، والتحول إلى دولة مركزية في قطاع الطاقة.

بفضل مشروع "تاناب" ستنخفض كلفة إنتاج الطاقة، وستتمكن تركيا من تأمين الغاز دون انقطاع، حيث ستبلغ حصتها ضمن المرحلة الأولى من المشروع ملياري متر مكعب، على أن تصل لاحقا إلى 6 مليارات متر مكعب.

وبهذا ستتضاعف كمية الغاز الأذري المصدر إلى تركيا، ما سيؤدي إلى انخفاض نسبة اعتمادها على الغاز الروسي، وبالتالي تقليص المخاطر السياسية والاقتصادية الناجمة عن هذا الأمر.

في المقابل، يرى المحلل السياسي والخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية نيكولاي باخوموف، أن هناك عددا من العوامل الاقتصادية والسياسية التي تعيق تركيا للحد من اعتمادها على الغاز الروسي.

وقال باخوموف، في تقرير سابق نشرته صحيفة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، إنه "كانت هناك فرضية تقول بأن إسرائيل ستقوم بتزويد تركيا بالغاز، ومنها إلى أوروبا، إلا أن المسؤولين الأتراك رفضوا هذه الفكرة.

بالإضافة إلى إسرائيل هناك قطر والسعودية، ولكن يستحيل تنفيذ بناء خط مكلف للغاية لنقل الغاز في ظل الأوضاع الأمنية التي يشهدها العراق وسوريا".

وبحسب الخبير فإنه "ثمة خيار اَخر بالنسبة لتركيا وهو إيران، التي تملك ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم. ولكن الاقتصاد الإيراني منهك بعد سنوات من الحصار الدولي، لذلك من غير الواضح  فيما إذا كانت الصناعة الإيرانية قادرة على تنفيذ مشروع لنقل الغاز إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، التي تسعى لتحسين علاقتها بطهران مع اقتراب لحظة رفع العقوبات الدولية عنها.

وفي ظل هذا الوضع فإن المورد الوحيد الآخر لأنقرة هي أذربيجان، التي تربطها علاقات وطيدة بتركيا، حيث يقوم البلدان ببناء خط لنقل الغاز من حقل شاه دنيز الأذربيجاني إلى جنوب إيطاليا، مرورا بجورجيا وتركيا واليونان وألبانيا، يسمى "تاناب" بقوة تمريرية تقدر بنحو 6 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا إلى تركيا، ونحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز إلى أوروبا، ما يدل أن مشروع "تاناب" لن يكون كافيا لتلبية احتياجات تركيا من الغاز".

وخلص المحلل نيكولاي باخوموف إلى أن جميع خيارات تركيا لتلبية احتياجاتها من الغاز، من دون صادرات إضافية من روسيا، ستكون صعبة ومكلفة، مضيفا: "قريبا سنرى خيار أنقرة، وفيما إذا كان سيؤثر على موقع الغاز الروسي في السوق الأوروبية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!