أكرم قزل طاش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

منذ مدة طويلة ونحن لم نشهد على أي تصريحات إيجابية من قبل الدول الأوروبية لصالح تركيا، ولذلك كان تصريح البرلمان الأوروبي بـ "إن زيادة الرئيس الأمريكي ترمب لضرائب الحديد والألمنيوم الواردة من تركيا هو قرار غير مشروع ومخالف لقوانين منظمة التجارة الدولية" كان أمراً ملفتاً للانتباه.

يوضّح تصريح البرلمان الأوروبي أن أمريكا تعطي الأولوية لمصالحها الشخصية دائماً، ولذلك لا يوجد أي ضمان لأن لا تعيد ما تفعله مع تركيا تجاه الدول الأخرى وعلى رأسها دول أوروبا أيضاً، بتعبير آخر إن ميل أمريكا للضغط على الدول الأوروبية التي تواجه الضغط الأمريكي بنسبة معيّة بين الحين والآخر هو احتمال وارد دائماً، خصوصاً أن أمريكا أصبحت تتخذ قرارات متهورة جداً في الفترات الأخيرة.

يمكن تشبيه الضغوطات التي تحاول أمريكا فرضها على تركيا من خلال التلاعب في أسعار صرف الدولار برواية الذئب والخاروف، إن كانت هذه الرواية تشير إلى أن الذئب يأكل الخاروف بحجة أن طبيعته تفرض عليه ذلك، إلا أنّ الأحوال تغيّرت وأصبح العالم في القرن الـ 21، أي في مرحلة تفرض على جميع الدول أن تتبع أساليب دبلوماسية في علاقاتها ومعاملاتها مع الدول الأخرى، وعند النظر إلى الأحداث الحالية من هذا المنظور يمكننا رؤية أن ما تفعله أمريكا تجاه تركيا والدول الأخرى هي تصرفات قبيحة ولا تمت بأي صلة لمفهوم الدبلوماسية، وفي السياق ذاته يمكن القول إن أمريكا تحاول تأدية دور الذئب ووضع تركيا والدول الأخرى مكان الخاروف، وتبادر في تصرفات غريبة لا تحمل أي معنى من أجل إفساد سير النظام الاقتصادي لتركيا وباقي الدول.

حتى حجّاج بيت الله الحرام وهم في مكة المكرمة يتابعون تطوّرات الدولار الأمريكي من خلال الريال السعودي، ويشعرون بالسعادة لارتفاع قيمة الليرة التركية، إذ كان الحجّاج الأتراك يصرفون كل مئة ليرة تركية مقابل 80 ريال سعودي، لكن مع بداية الأزمة أصبحوا يصرفون المبلغ ذاته مقابل 55 ريال، ولذلك إن تلاعب أسعار الصرف يؤثر على السوق السعودي أيضاً إلى جانب الحجّاج الأتراك، إذ يعاني البائع السعودي من مشاكل تجارية للسبب ذاته، ويشعر بالدهشة عندما يرى أن الحجّاج لم يعودوا قادرين على شراء الكميات القديمة بسبب تلاعب أسعار الصرف.

من المعلوم أن الدولار الأمريكي يُعتبر عملة احتياطية في مجال التجارة الدولية، لكن إن تحويل الدولار إلى أداة للضغط وتفضيل المصالح الشخصية يفرض على الدول الأخرى اتخاذ الاحتياطات اللازمة تجاه المسألة، كما إن ارتفاع أسعار الصرف بعيداً عن مفاهيم العدالة والحقوق يؤدي إلى ضرر البائع والمشتري في مجال التجارة الدولية، في حين أنه يزيد من أرباح من ليس لهم أي علاقة بمجال التجارة، وفي هذه النقطة بالتحديد تزداد أهمية نداءات أردوغان للتعامل بالعملات المحلية خلال العلاقات التجارية.

إن استخدام العملات المحلية في إطار التجارة الدولية بين تركيا والدول الأخرى سيؤدي إلى ضمان عدم ارتفاع أسعار السلع دون أسباب معقولة، وكذلك إلى زيادة أرباح جميع أطراف العلاقة التجارية، ومن الواضح أن النظام المذكور يا يناسب أمريكا التي تهتم بزيادة أرباحها فقط، حتى ولو كانت هذه الأرباح على حساب مصالح الطرف الآخر.

 يبدو أن السبب الرئيس في الهجمات الاقتصادية التي تتعرض لها خلال الفترة الراهنة هو انزعاج أمريكا من نشر الرئيس التركي أردوغان لفكر استخدام العملات الوطنية في إطار التجارة الدولية على مستوى العالم، ومع زيادة اعتراضات الدول الأوروبية على الخطوات التي تتخذها أمريكا في هذا الصدد يمكن القول إن هيمنة الدولار قد بدأت بالزوال.

عن الكاتب

أكرم كيزيلتاش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس