حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

اكتسبت الاختلافات بين وجهات النظر التركية-الروسية-الإيرانية وضوحاً أكبر خلال قمّة طهران الأخيرة، وقد وضّحت روسيا وإيران سعيها للتمهيد من أجل تنفيذ عملية عسكرية في إدلب، وحاولت الضغط على تركيا خلال الاجتماع الثلاثي المعروض ببث مباشر أمام أعين العالم، ولكن فشلت مخططاتهم في نهاية المطاف.

ضغط الرئيس التركي أردوغان على نظرائه بوتين وروحاني من خلال مفهوم وقف إطلاق النار في الساحة السورية، وذكر ضرورة تطبيق قرار وقف إطلاق النار في المنطقة، ومن المحتمل أن القوى التي تستعد لتنفيذ العملية العسكرية في إدلب -روسيا وإيران- لم تكن تتوقّع هذه المبادرة من أردوغان، وكانت مبرراتهم فاشلة لأنهم لم يكونوا مستعدين لمواجهة الموقف المذكور، إذ حاول بوتين تبرير المسألة من خلال التفاصيل التقنية، فيما ازداد روحاني حدّةً خلال تبريراته، لكن لم يدركوا أن الحدّة زادت من همجيتهم، وبالتالي تعرقل الاجتماع على الرغم من تجهيز بنية تحتيه له مسبقاً، ولكن مع مبادرة تركيا أصبحت قمّة طهران غير نافعة في إطار تنفيذ عملية عسكرية، ربما لن تكون هذه القمّة سبباً كافياً لإلغاء العملية، ولكن من المؤكد أنها ستزيد من زخم وتعقيد العملية العسكرية.

ستُوضّح القمّة الثلاثية أن روسيا وإيران لجأت لاستخدام السلاح بدلاً من وقف إطلاق النار في سوريا، ولهذا السبب يزداد احتمال تأجيل عملية إدلب العسكرية لوقت آخر، وقد لا تكون هذه التطورات كافية بالنسبة إلى تركيا، ولكن تُعتبر نتيجة إيجابية في الظروف الراهنة، وفي جميع الأحوال يمكن الحصول على نتائج أفضل من الحالية خلال الاجتماعات الثنائية وليس الثلاثية، ولكن كانت القمّة الثلاثية بمثابة فرصة أمام تركيا للمبادرة في اجتماعات ثنائية واكتساب مدة زمنية أطول.

بطبيعة الحال لم تُعجب هذه الأوضاع روسيا وإيران، إذ انتهى الاجتماع بنتائج سلبية بالنسبة للدول الأخيرة، ومن جهة أخرى بدأت الجهات المعارضة لتركيا في الداخل التركي بتحويل المسألة إلى فرصة للتنبؤ بالكوارث وهلاك البلاد، وتزعم أن قمّة طهران الأخيرة كانت نهايةً لمرحلة أستانة، بتعبير آخر تزعم هذه الجهات أن تركيا لا تستطيع الاتفاق مع روسيا وإيران مما سيؤدي إلى فشل مرحلة أستانة، ويجدر بالذكر أن التفكير بهذا الأسلوب هو خطأ كبير في مجال السياسة الدولية.

ربما ستفشل مرحلة أستانة في يوم ما، ولكن لن تكون هذه القمّة سبباً لذلك، وكذلك لن تفشل مرحلة أستانة بسبب اختلاف وجهات النظر بين أطراف القمّة الثلاثية، إذ لم تنشأ مرحلة أستانة بناء على توافق وجهات النظر، وبالتالي لن تفشل بسبب اختلاف وجهات النظر، إذ تنتهج تركيا سياسية مختلفة تماماً مع روسيا وإيران فيما يتعلّق بالقضية السورية، وفي جميع الأحوال بدأت مرحلة أستانة من أجل الوصول إلى إمكانية إجراء المفاوضات بين الأطراف على الرغم من اختلاف وجهات النظر، خصوصاً أن مثل هذه المفاوضات لا تكون بما يناسب أحد الأطراف فقط، بل تنشأ لأن الأطراف تُدرك أنها لن تربح لوحدها وبالتالي تشعر بالحاجة لإجراء المفاوضات، وكذلك لو أن الأطراف تستطيع حل المشكلة لوحدها لما شعر بالحاجة لمفاوضة قوى أخرى، ويبدو أن روسيا وإيران أدركت أنها لن تستطيع التقدّم كثيراً لوحدها في الساحة السورية، مما دفعها للتفاوض في خصوص المسألة مع تركيا أيضاً.

يُدرك بوتين وروحاني أنهما لا يستطيعان الاتفاق مع أردوغان في العديد من المسائل، وهذا هو  السبب الرئيس لوجود مفاوضات بين الثلاثي المذكور، إذ يتم تنظيم هذه القمم من أجل رفع مستوى النقاط المٌشتركة لأكبر حد ممكن، وكذلك من أجل تقليل اختلاف وجهات النظر لأدنى درجة، وإن عدم الوصول إلى نتيجة ملموسة خلال قمّة طهران الأخيرة لا يعني فشل المرحلة بأكملها، على العكس تماماً يشير إلى الحاجة لتنظيم قمّة جديدة خلال المراحل المقبلة، ولكن مع ذلك ما يزال احتمال قلب طاولة المفاوضات من قبل أحد الأطراف موجود دائماً، لكن لا يمكن توقّع أن روسيا قد تفعل ذلك بعد أن أحرزت تقدّمها الحالي، وإن لم تفعل روسيا ذلك لن تستطيع إيران قلب الطاولة، وبالتالي ليس هناك أي داع لزيادة القلق والتوتر من خلال المزاعم التي تشير إلى فشل مرحلة أستانة.

قد تنهار مرحلة أستانة في المستقبل، وهذا هو الأمر الطبيعي والمتوقّع، إذ لا يمكن لتركيا أن تسير مع روسيا وإيران إلى الأبد، وكذلك لا يمكن لروسيا وإيران أن تسير مع تركيا للأبد، ولكن في الوقت الراهن لن يرغب أي طرف بإفساد الاتفاق الموجود، أي إن مرحلة أستانة مستمرة، وستستمر لطالما هناك حاجة لها، وسيتم تأسيس مرحلة جديدة في حال انتهاء مرحلة أستانة، لأن الدافع الذي يحافظ على بقاء مراحل المفاوضات هو انعكاس نتائجها في الساحة بما يناسب مصالح جميع الأطراف، على سبيل المثال انتهت مرحلة جنيف لأنها لم تحقق نتائج ملموسة في الساحة، وكذلك ستنهار مرحلة أستانة عندما لا تُعطي نتائج إيجابية، ولكن أعتقد أنها ما زالت تعود بالفائدة إلى الآن، بوتين يُدرك هذا الواقع، وكذلك يجب على معارضي أردوغان في الدخال التركي إدراك هذا الواقع أيضاً والتوقف عن إثارة القلق والتوتر من خلال نشر الإشاعات.حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

اكتسبت الاختلافات بين وجهات النظر التركية-الروسية-الإيرانية وضوحاً أكبر خلال قمّة طهران الأخيرة، وقد وضّحت روسيا وإيران سعيها للتمهيد من أجل تنفيذ عملية عسكرية في إدلب، وحاولت الضغط على تركيا خلال الاجتماع الثلاثي المعروض ببث مباشر أمام أعين العالم، ولكن فشلت مخططاتهم في نهاية المطاف.

ضغط الرئيس التركي أردوغان على نظرائه بوتين وروحاني من خلال مفهوم وقف إطلاق النار في الساحة السورية، وذكر ضرورة تطبيق قرار وقف إطلاق النار في المنطقة، ومن المحتمل أن القوى التي تستعد لتنفيذ العملية العسكرية في إدلب -روسيا وإيران- لم تكن تتوقّع هذه المبادرة من أردوغان، وكانت مبرراتهم فاشلة لأنهم لم يكونوا مستعدين لمواجهة الموقف المذكور، إذ حاول بوتين تبرير المسألة من خلال التفاصيل التقنية، فيما ازداد روحاني حدّةً خلال تبريراته، لكن لم يدركوا أن الحدّة زادت من همجيتهم، وبالتالي تعرقل الاجتماع على الرغم من تجهيز بنية تحتيه له مسبقاً، ولكن مع مبادرة تركيا أصبحت قمّة طهران غير نافعة في إطار تنفيذ عملية عسكرية، ربما لن تكون هذه القمّة سبباً كافياً لإلغاء العملية، ولكن من المؤكد أنها ستزيد من زخم وتعقيد العملية العسكرية.

ستُوضّح القمّة الثلاثية أن روسيا وإيران لجأت لاستخدام السلاح بدلاً من وقف إطلاق النار في سوريا، ولهذا السبب يزداد احتمال تأجيل عملية إدلب العسكرية لوقت آخر، وقد لا تكون هذه التطورات كافية بالنسبة إلى تركيا، ولكن تُعتبر نتيجة إيجابية في الظروف الراهنة، وفي جميع الأحوال يمكن الحصول على نتائج أفضل من الحالية خلال الاجتماعات الثنائية وليس الثلاثية، ولكن كانت القمّة الثلاثية بمثابة فرصة أمام تركيا للمبادرة في اجتماعات ثنائية واكتساب مدة زمنية أطول.

بطبيعة الحال لم تُعجب هذه الأوضاع روسيا وإيران، إذ انتهى الاجتماع بنتائج سلبية بالنسبة للدول الأخيرة، ومن جهة أخرى بدأت الجهات المعارضة لتركيا في الداخل التركي بتحويل المسألة إلى فرصة للتنبؤ بالكوارث وهلاك البلاد، وتزعم أن قمّة طهران الأخيرة كانت نهايةً لمرحلة أستانة، بتعبير آخر تزعم هذه الجهات أن تركيا لا تستطيع الاتفاق مع روسيا وإيران مما سيؤدي إلى فشل مرحلة أستانة، ويجدر بالذكر أن التفكير بهذا الأسلوب هو خطأ كبير في مجال السياسة الدولية.

ربما ستفشل مرحلة أستانة في يوم ما، ولكن لن تكون هذه القمّة سبباً لذلك، وكذلك لن تفشل مرحلة أستانة بسبب اختلاف وجهات النظر بين أطراف القمّة الثلاثية، إذ لم تنشأ مرحلة أستانة بناء على توافق وجهات النظر، وبالتالي لن تفشل بسبب اختلاف وجهات النظر، إذ تنتهج تركيا سياسية مختلفة تماماً مع روسيا وإيران فيما يتعلّق بالقضية السورية، وفي جميع الأحوال بدأت مرحلة أستانة من أجل الوصول إلى إمكانية إجراء المفاوضات بين الأطراف على الرغم من اختلاف وجهات النظر، خصوصاً أن مثل هذه المفاوضات لا تكون بما يناسب أحد الأطراف فقط، بل تنشأ لأن الأطراف تُدرك أنها لن تربح لوحدها وبالتالي تشعر بالحاجة لإجراء المفاوضات، وكذلك لو أن الأطراف تستطيع حل المشكلة لوحدها لما شعر بالحاجة لمفاوضة قوى أخرى، ويبدو أن روسيا وإيران أدركت أنها لن تستطيع التقدّم كثيراً لوحدها في الساحة السورية، مما دفعها للتفاوض في خصوص المسألة مع تركيا أيضاً.

يُدرك بوتين وروحاني أنهما لا يستطيعان الاتفاق مع أردوغان في العديد من المسائل، وهذا هو  السبب الرئيس لوجود مفاوضات بين الثلاثي المذكور، إذ يتم تنظيم هذه القمم من أجل رفع مستوى النقاط المٌشتركة لأكبر حد ممكن، وكذلك من أجل تقليل اختلاف وجهات النظر لأدنى درجة، وإن عدم الوصول إلى نتيجة ملموسة خلال قمّة طهران الأخيرة لا يعني فشل المرحلة بأكملها، على العكس تماماً يشير إلى الحاجة لتنظيم قمّة جديدة خلال المراحل المقبلة، ولكن مع ذلك ما يزال احتمال قلب طاولة المفاوضات من قبل أحد الأطراف موجود دائماً، لكن لا يمكن توقّع أن روسيا قد تفعل ذلك بعد أن أحرزت تقدّمها الحالي، وإن لم تفعل روسيا ذلك لن تستطيع إيران قلب الطاولة، وبالتالي ليس هناك أي داع لزيادة القلق والتوتر من خلال المزاعم التي تشير إلى فشل مرحلة أستانة.

قد تنهار مرحلة أستانة في المستقبل، وهذا هو الأمر الطبيعي والمتوقّع، إذ لا يمكن لتركيا أن تسير مع روسيا وإيران إلى الأبد، وكذلك لا يمكن لروسيا وإيران أن تسير مع تركيا للأبد، ولكن في الوقت الراهن لن يرغب أي طرف بإفساد الاتفاق الموجود، أي إن مرحلة أستانة مستمرة، وستستمر لطالما هناك حاجة لها، وسيتم تأسيس مرحلة جديدة في حال انتهاء مرحلة أستانة، لأن الدافع الذي يحافظ على بقاء مراحل المفاوضات هو انعكاس نتائجها في الساحة بما يناسب مصالح جميع الأطراف، على سبيل المثال انتهت مرحلة جنيف لأنها لم تحقق نتائج ملموسة في الساحة، وكذلك ستنهار مرحلة أستانة عندما لا تُعطي نتائج إيجابية، ولكن أعتقد أنها ما زالت تعود بالفائدة إلى الآن، بوتين يُدرك هذا الواقع، وكذلك يجب على معارضي أردوغان في الدخال التركي إدراك هذا الواقع أيضاً والتوقف عن إثارة القلق والتوتر من خلال نشر الإشاعات.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس