نوح البيرق – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

مسألة إدلب معادلة متعددة المجاهيل. كل بلد يضع مصالحه ضمن الحل الذي يقدمه، وفوق ذلك فإن جميع هذه "الحلول الأنانية" تمثل "مشاكل كبيرة" بالنسبة لتركيا.

في الحقيقة، يتشوق الأسد، المكلف أصلًا بحماية وحدة التراب السوري وأمن مواطنيه، إلى تسوية إدلب حيث تجمعت المعارضة، بالأرض ليقول إنه "الحاكم الوحيد لسوريا". وكأن أحدًا لن يسأل عما سيؤول إليه احتلال إرهابيي حزب الاتحاد الديمقراطي للجزء الأغنى من الأراضي السورية.

أما روسيا وإيران، فكل همهما هو ترسيخ حكم الأسد، الذي يضمن لهما احتلال سوريا. بدورها، تتحين الولايات المتحدة الفرصة كالضباع المفترسة من أجل الانقضاض على إدلب، وهي تحلم بأن تقيم الممر الإرهابي في شمال سوريا حتى البحر المتوسط.

وبالنتيجة فإن عقدة الأزمة السورية تشتد في إدلب.

تركيا تعزز مبادرتها بخصوص إدلب

مواصلة الأسد ومحتلي سوريا الهجمات التي فرضوها على أنها "حل"، يعني عودة حلقة النار لتحيط بسوريا من جديد. وللأسف ليس هناك من يبذل أي جهد من أجل السلام في سوريا سوى تركيا.

ومع أن الغرباء في صفوفنا ما فتئوا يعيدون ويكررون مقولة "السياسة التركية بخصوص سوريا خاطئة"، إلا أن تركيا نظرت إلى الأزمة السورية دائمًا من زاوية "إنسانية"، وبناءً عليه اتخذت موقفها.

أظهر أردوغان أنه الزعيم الوحيد الذي يهتم بأمر السوريين من خلال إصراره في قمة طهران الثلاثية على "وقف إطلاق النار"، وأمس الأول عزز مبادرة تركيا هذه في إدلب، خلال الاجتماع مع بوتين في سوتشي.

سيشارك أردوغان الأسبوع القادم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن بعدها سيعقد لقاءات مع المسؤولين الألمان، حيث سيسعى لتعزيز المبادرة، والإسهام في حل المشكلة من دون إراقة دماء.

إدلب بمثابة هطاي بالنسبة إلى تركيا

لو أن الهدف الحقيقي لروسيا وتابعها الأسد هو تطهير إدلب من الإرهاب فإن تركيا أظهرت كيف يمكن القيام بذلك من دون إلحاق أي أذى بالمدنيين.

الإصرار على مهاجمة إدلب سيؤدي إلى عواقب وخيمة. إذا كانت روسيا والنظام يفكران بتكرار ما فعلاه في الغوطة الشرقية بإدلب فهما مخطئان، لأن إدلب بمثابة هطاي بالنسبة إلى تركيا.

تركيا هو البلد الوحيد الذي يبذل الجهد من أجل وقف إراقة الدماء في سوريا، وعودة النازحين والمهاجرين إلى ديارهم فيها. وأكبر عقبة تقف أمام ذلك هي الأسد الذي وهب بلاده للإمبرياليين والإرهابيين في سبيل الحفاظ على منصبه.

من يثيرون الضجة مطالبين تركيا بالتواصل مع الأسد، ينسون أن تركيا هي أكثر من التقى رئيس النظام السوري قبل أن يفقد شرعيته، وهي البلد الوحيد الذي حاول اقناعه بإجراء إصلاحات.

عن الكاتب

نوح ألبيرق

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس