ترك برس

قال تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن التراجع الكبير لقيمة الليرة التركية خلال المدة الأخيرة، أعاد التوازن السريع لاقتصاد البلاد، مشيرة إلى أن تركيا حققت أكبر فوائض فى الحساب الجاري فى تاريخها، خلال شهري آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر الماضيين.

وأوضحت الصحيفة أن أكبر خسائر الليرة التركية حدثت في أغسطس الماضي، ومع ذلك توجد علامات مؤقتة على أن هذا الانخفاض يؤدي إلى تصحيح سريع في رصيد الحساب الجاري التركي، الذي انخفض إلى عجز نسبته 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2017.

وقالت نورا نيوتيبوم، الخبيرة الاقتصادية فى شؤون اﻷسواق الناشئة في بنك "ABN Amro" الهولندي، إن تصحيح الحساب الجاري يبدو أسرع وأقوى مما توقعه الكثيرون.

ولفتت الصحيفة إلى أن البيانات الأخيرة التي أصدرتها عن وزارة التجارة التركية، تشير إلى انخفاض العجز التجاري إلى 1.9 مليار دولار في سبتمبر الماضي، وبنسبة 77% عن الشهر ذاته من 2017.

كما أن هذا الانخفاض يأتي بعد انخفاضات مماثلة على أساس سنوي، وصلت نسبتها إلى 59% في أغسطس الماضي، و33% فى تموز/ يوليو.

وفي حين انخفضت الواردات بنسبة 18% في سبتمبر، مقارنة بـ23% فى أغسطس، ارتفعت الصادرات بنسبة 23% لتسجل رقماً قياسياً مقداره 14.5 مليار دولار فى سبتمبر، مما أدى إلى ارتفاع نسبة تغطية الصادرات للواردات التركية إلى 88.4%، مقارنة بـ59.1% قبل 12 شهراً.

وتظهر البيانات الصادرة عن جمعية المصدرين الأتراك  أن صادرات سبتمبر الماضي شهدت زيادة واسعة النطاق شملت جميع القطاعات الرئيسية.

وارتفعت صادرات السيارات بنسبة 21% على أساس السنوي لتبلغ 2.6 مليار دولار، وصادرات المنتجات الزراعية بنسبة 16.5% لتبلغ 1.9 مليار دولار، والملابس بنسبة 13.8% إلى 1.5 مليار دولار، فى حين ارتفعت صادرات الصلب بنسبة 95% لتبلغ 1.4 مليار دولار.

وتعد  الأرقام أحدث دليل على إعادة هيكلة سريعة للاقتصاد، فقد تراجعت مبيعات السيارات بنسبة 67% على أساس سنوى لتبلغ 17.595 وحدة فى سبتمبر. وانخفض مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى أدنى مستوياته خلال العقد عند 42.7 بما يتفق مع الركود، حتى قبل بدء برنامج التقشف الشامل للتصدى للارتفاع فى تضخم أسعار المستهلكين إلى 24.5% وارتفاع تضخم أسعار المنتجين إلى 46.2%.

ووفقا لتقدير  تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين في بنك رينيسانس كابيتال الاستثماري، فقد سجلت تركيا فائضا فى الحساب الجاري بقيمة 2.1 مليار دولار في أغسطس وسبتمبر، وهو أعلى بكثير من أى شهر آخر منذ أن بدأت سجلاته فى عام 1992، كما أنه الفائض التجاري اﻷول والأكبر من الفائض السابق الذي تحقق في أغسطس وسبتمبر عام 2015.

وتستند هذه التوقعات إلى احتساب الفائض التقليدي في الخدمات في تركيا، خصوصاً فى أشهر الصيف عندما تكون السياحة واسعة النطاق وتدفق التحويلات المالية على رأس بيانات تجارة السلع.

وقال روبرتسون، إن العجز التجاري يتحسن في الأشهر التي تشهد سياحة كبيرة، وهذا العام شهد عدد السياح أكبر من أي وقت مضى، مرجحا أن ينخفض العجز الممتد لـ12 شهراً، والذى وصل ذروته عند 58 مليار دولار في أيار/ مايو الماضى، إلى نحو 6 مليارات دولار بحلول يوليو 2019.

ورأت الصحيفة أن انتعاش الصادرات التركية يمكن أن تكون له تداعيات على المسرح العالمي إذا تم الحفاظ عليه، وفي الوقت الذى يتفق فيه ارتفاع الصادرات فى أعقاب انخفاض حاد في قيمة العملة تماماً مع النظرية الاقتصادية، إلا أنه يبدو أكثر صعوبة فى الواقع العملي.

وفي المقابل رأت غيتا جوبيناث، المستشارة الاقتصادية الجديدة في صندوق النقد الدولي، أن المكاسب الناتجة عن أسعار الصرف المرنة أقل مما يمكن اعتقاده.

وفي عام 2015، كتبت جوبيناث أن انخفاض سعر الصرف يُظر إليه على أنه سبب في انخفاض سعر صادرات البلاد فورا في الأسواق العالمية، ومع ذلك لا يرجح أن تسير الأمور على هذا النحو بالنسبة إلى الدول التي تصدر فواتير صادراتها بالعملة الأجنبية، مثل تركيا. وعلى ذلك لا يؤدي انخفاض قيمة العملة فى تلك الدول إلى زيادة حجم الصادرات بل إنه يزيد أرباح المصدرين.

ومع ذلك، تتفق استنتاجات جوبيناث مع أبحاث البنك الدولي، التي وجدت أن تخفيض قيمة العملة أصبح الآن فعالا بمقدار النصف فقط فى تعزيز الصادرات كما كان اﻷمر في منتصف التسعينيات.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!