ترك برس

تباينت آراء الخبراء والمراقبين حول مصير قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول، وخاصة بعد اللقاء الذي جرى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، في العاصمة الفرنسية باريس.

وناقش برنامج على قناة الجزيرة القطرية، الاحتمالات العملية التي تنتظر مسار قضية تصفية جمال خاشقجي في ضوء ما قد يصدر عن البيت الأبيض من مواقف بعد لقاء باريس بين أردوغان وترامب.

وفي أجواء إيجابية ولنحو 45 دقيقة؛ أجرى أردوغان في باريس مباحثات مع نظيره الأميركي على هامش عشاء جماعي أقامته الرئاسة الفرنسية، وتطرق الطرفان لسبل الرد على مقتل خاشقجي.

الكاتب والمحلل السياسي التركي يوسف أوغلو، رأى أن الاجتماع يحمل أهمية قصوى لتركيا؛ لأنها تبحث عن الحقيقة منذ البداية لكون الجريمة حصلت على أرضها، وهذا الاجتماع نقل ملف اغتيال خاشقجي من التعاون الثنائي بين تركيا والسعودية إلى التعاون الدولي بشأنه.

وأضاف أن موقف ترامب يشهد تحولا، فبعد أن كان داعما للسعوديين -وهم يٌعتبرون متورطين في القضية- نقل الملف إلى الكونغرس ليخفف الوطأة عن نفسه، وربما نشهد بعد اجتماع باريس تشكيل محكمة دولية وممارسة ضغط أميركي أكبر على السعودية.

ويؤكد أوغلو أن الموقف التركي واضح منذ اليوم الأول، وإذا لم يتم التعاون مع تركيا فهناك إجراءات أخرى ستستخدمها، والمماطلة لن تفيد أحدا بعد الآن لأن تركيا لن تسكت أكثر، وسيسمع العالم نتائج التحقيق من الجهة التركية المستقلة وهي مكتب المدعي العام.

ويعتقد برادلي بلايكمان، المستشار السابق للرئيس الأميركي جورج بوش، أن اجتماع باريس مفصلي في مسار القضية، لأن خاشقجي كان مقيما في أميركا وقتل بتركيا.

ويعلل موقف ترامب بأنه كان يريد أن يعطي السعودية الفرصة لكي تكشف التفاصيل، ولكنها كذبت على أميركا والعالم وهذا ما جعل ترامب يفقد ثقته بهم.

ويتوقع بلايكمان أن ترامب يريد التأكد من كل التفاصيل، وأي خطوة يجب أن تأتي بالتوافق الدولي بين الجميع ووفق سيادة القانون.

ويرى أنه سيكون هنالك مزيد من التعاون بين الطرفين، ولكن يجب على السعوديين تسليم تقريرهم حتى يستطيع العالم الحكم عليهم بشكل قطعي.

أما الأكاديمي والباحث السياسي التونسي محمد هنيد، فقد أوضح أنه كان هناك انسجام بين ترامب وأردوغان في اجتماع باريس، لأن تركيا تريد إنقاذ نفسها بعد محاولة السعودية توريطها في القضية، ولكذب السعودية على الأميركيين فقد توعد ترامب بمحاسبة من كذب عليه، وهو يحاول إنقاذ نفسه بعد تغير المشهد الأميركي بنتائج انتخابات الكونغرس الأخيرة.

وأكد هنيد أن الدول العربية لا تمتلك أدوات لتحقيق العدالة، وهو ما يجعل الانسجام بين أنقرة وواشنطن أكبر من أجل الخروج من هذه الأزمة، خاصة أن الموقف الأوروبي ثابت ولديه اتجاه أخلاقي مربوط بالرأي العام.

وفي وقت سابق، قال الرئيس التركي إن بلاده أسمعت التسجيلات الصوتية الخاصة بمقتل خاشقجي، للسعودية ودول أخرى بينها أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وأنه لا دعي للمماطلة في هذه القضية. ودعا السعودية إلى التحلي بالعدل.

في السياق يرى مدير القسم العربي في هيئة الإذاعة والتلفزيون التركي رسول سردار أتاش، أن الرئيس التركي أردوغان محبط للغاية من عدم تعاون السلطات السعودية وإضاعتها للوقت، ويعتبر حديثه عن إسماع هذه التسجيلات لعدة دول نوعا من الضغط على السعودية لتكشف عن الأمر بالكامل.

أما الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة باريس رامي الخليفة العلي، فيضع سؤالا حول كيفية حصول تركيا على التسجيلات، ويؤكد أنه من الواضح أن السلطات التركية على علم بهذه العملية من قبل وقوعها ولم تنبه خاشقجي.

لكن أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية حسن البراري، يعتقد أن أردوغان وضع العالم أمام مسؤولياته بعد أن أثبت للجميع أن القتل تم بتخطيط مسبق، وهو لم يعد يصبر على المماطلة السعودية.

وأوضح البراري أن أردوغان يصعد ضدها وقد يدوّل القضية، والحديث عن تجسس تركي على القنصلية غير صحيح لأن الجانب السعودي هو من كشف عن التخطيط المسبق للعملية.

ويضيف أتاش أن المجتمع الدولي لا يريد التحرك ضد السعودية نظرا لمصالحه المالية فيها، ويرفض ما قاله العلي لأن ما لدى تركيا تسجيلات لما دار أثناء القتل وليس قبله.

ويؤكد أن تأخر السعوديين في السماح للسلطات التركية هو أكبر دليل على المماطلة، وواضح أن من قام بهذه العملية فريق مبتدئ لأنهم تركوا الأدلة في كل مكان دون أن يعلموا.

أما العلي فيقول إن السلطات السعودية قالت منذ البداية إنها بحاجة لوقت من أجل إكمال التحقيقات، وهي لا تملك أي أدلة غير ما حصلت عليه من إفادات الموقوفين، ويجب أن يكشف الجانب التركي كيف حصل على هذه التسجيلات.

ويعتقد البراري أن السعودية تحاول شراء الوقت لإماتة القضية، وهناك قناعة بدأت تتشكل لدى الغرب بأن السعودية لن تفصح عن شيء إلا بالضغوط، والقضية دخلت فصلا جديدا بدت معالمه في تصريحات أردوغان اليوم، إذ لم يعد يفصل بين الملك سلمان وغيره كما فعل في السابق، بل تحدث مع الرياض بشكل عام.

ويرى أتاش أن اللقاء المرتقب بين أردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترامب مهم للغاية، لأن أردوغان يعرف أن الإدارة الأميركية تستطيع إجبار السعودية على الإفصاح عما ترفض كشفه في هذه القضية.

ويؤكد أن أردوغان يبحث عن موقف دولي كامل -وليس أميركيا فقط- في قضية خاشقجي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!