برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

كان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في زيارة إلى تركيا في الأمس، إذ جاء الأخير إلى تركيا للمشاركة في الاحتفال بمناسبة انتهاء تأسيس البنية البحرية من مشروع التيار التركي، هذه الزيارة هي اللقاء السادس لبوتين بنظيره التركي أردوغان خلال هذا العام، والزيارة الثالثة التي قام بها بوتين إلى تركيا، تتمثّل الزيارة الأولى بمشاركة بوتين في حفل افتتاح محطة الطاقة النووية في منطقة أق قويو التابعة لولاية مرسين التركية بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2018، أما الثانية فتتمثّل بزيارة بوتين إلى تركيا للانضمام إلى القمّة الرباعية المعقودة في ولاية إسطنبول التركية بتاريخ 27 تشرين الأول / أكتوبر 2018.

ستضمّن جدول أعمال الرئيسين بوتين وأردوغان مسائل هامّة مثل مشاريع الطاقة والقضية السورية (إدلب وشرق الفرات) وحادثة مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، ومن خلال التسارع الذي شهدناه خلال السنتين الأخيرتين نلاحظ أن أنقرة وموسكو تطوّر علاقاتها لتنتقل من التعاون في بعض المجالات مثل الطاقة والسياحة والغذاء إلى التعاون في مجالات جديدة وذات أهمية أكبر من المذكورة.

تمتد مجالات التعاون بين الدولتين التركية-الروسية إلى الصناعة الدفاعية من خلال شراء تركيا لصواريخ S-400 من روسيا، وإلى التقييم الاستراتيجي من خلال إرادة التعاون والعمل المشترك التي أظهرتها أنقرة وموسكو في الساحة السورية، إذ صرّح الرئيس التركي أردوغان خلال الاحتفال بأن روسيا هي دولة صديقة ومورد غاز طبيعي موثوق يمكن التعاون معه على المدى البعيد، وأكّد أردوغان على أن طبيعة علاقات بلاده مع روسيا لا تتحدّد بناء على رغبات الدول الأخرى، ومن جهة أخرى أشار الرئيس الروسي بوتين إلى عدم إمكانية تحقيق مشروع كبير مثل التيار التركي من دون وجود ثقة متبادلة بين الدولتين.

من المعروف أنّ علاقات الثقة القائمة بين أردوغان وبوتين تتسبب في إزعاج عواصم دول الغرب، وتأتي تصريحات متتالية من الغرب تصف ما يحدث برؤوس أقلام مختلفة مثل "اتفاق أنقرة الجديد" و "انحراف محور أنقرة" و "ابتعاد أنقرة عن حلف الشمال الأطلسي وأمريكا" وما شابه ذلك من التقييمات، وتزامناً مع ذلك تأتي تصريحات في خصوص روسيا أيضاً وتكون تحت رؤوس أقلام مثل "تزعزع الاتفاق القائم بين بوتين وبين حلف الشمال الأطلسي والغرب".

من الخاطئ أن نقرأ تعاون تركيا مع روسيا وإيران على أنه اتفاق جديد ضد الغرب، لكن لا يمكن إنكار أن السياسات الخاطئة والسلبية التي تنتهجها أمريكا والاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وسوريا قد أدت إلى فتح مجال تعاون جديد بين تركيا وروسيا.

واشنطن تصرّ على دعم وحدات الحماية الشعبية وتنظيم الكيان الموازي، وبالتالي تتجاهل قوانين حلفائها وتتسبب في هدم علاقات الثقة، إذ اضطر الرئيس الفرنسي ماكرون إلى توجيه رسالة لأمريكا كان مضمونها "فرنسا هي حليف لأمريكا وليست تابعاً لها"، ونظراً إلى ما سبق ذكره يمكن القول إنه يتوجّب على واشنطن ترميم الثقة المتضررة بينها وبين تركيا بما أنها ستضطر للتعاون مع أنقرة في الشرق الأوسط.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس