محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

لا يوجد في عالم السياسة اليوم "تركيا جديدة" فحسب، فنحن اليوم على أعتاب "عالم جديد" يتكون من خلال "عصر المعلومات"، فعندما نلقي بنظرة إلى التاريخ الإنساني، نجد العديد من المواقف والفترات والمراحل التي كان فيها إطار السياسة والحياة وتبادل الخبرات ضيق للغاية، والسبب في ذلك بسبب إما إهمال المعلومات والخوف منها أو عدم نشرها.

مرت عشرات الآلاف  من السنين والإنسان يسعى لإخفاء المعلومات والاحتفاظ بها، ولا يكشفها إلا لجماعته أو قبيلته أو عشيرته أو دولته، لكننا اليوم، نعيش في "عصر المعلومات"، في هذا العصر، يتم مشاركة كل المعلومات مع كل الناس.

تسارع الزمن

ومن الميزات الهامة الأخرى لهذا العصر هو سرعة الزمن، فاكتشاف واحد في العصور الماضية كان يبقى حديث العالم لمئات السنين، واكتشاف آخر جديد كان ينهي عصرا ويبدأ عصرا جديدا، وهكذا بدأ العصر الصناعي.

لكننا اليوم، في عصر المعلومات، نشهد كل يوم اكتشافات واختراعات جديدة تسهل حياتنا، ونستخدمها بصورة يومية، هذه الاختراعات والاكتشافات أصبحت غير محدودة العدد، وغير محدودة المكان والزمان.

أصبحنا اليوم نرى اكتشافات العلوم المختلفة بصورة روتينية، بينما لو حدثت مثلها في العصور الماضية لاعتبرت ثورة وانتفاضة علمية.

تشارك المعلومات

اليوم أصبح عدد مستخدمي الهواتف الذكية يتجاوز عدد مستخدمي هاتف غراهام بيل خلال  100 عام. وبينما كانت المؤتمرات الطبية تعقد مرة كل عام في الماضي، اليوم كل الباحثين والمكتشفين والعلماء يتشاركون المعلومات عبر الانترنت كل دقيقة، فيستطيعون معرفة فعالية الدواء وأعراضه الجانبية بأرقام وإحصائيات عالمية خلال دقائق.

ما لم يتغير

برغم سرعة تناقل المعلومات وسرعة الزمن، إلا أنّ الأمور التي لم تتغير ليست قليلة أيضا، ففي كل دولة يوجد فقراء ومحرومين، وفي كل دولة فئات لم تأخذ نصيبها وفرصتها للتعليم، والعالم اليوم كما الماضي، فيه فقراء ومحرومون ومعنفون وفيه عنصرية وإرهاب وعرقية، وفيه أناس يموتون من الجوع.

لكن نفس الإنسان سعى ووصل إلى الفضاء، وما زالوا يفتحون أمامهم المجالات أكثر وأكثر، في المقابل يعجز العالم على حل مشاكل ربما تظهر وكأنها مستحيلة! مثل الفقر والجوع والعنصرية والإرهاب وغيرها.

الهاجس

اليوم يوجد "مواطنون عالميون" في كل دولة وفي كل منطقة، واليوم يعيش الناس بمختلف مشاربهم في "العالم المتقدم" بتجانس بصورة أسهل من الماضي بكثير، لأن المعلومة اليوم متاحة للجميع.

نستطيع اليوم بكل سهولة أن نصل إلى مستوى الثقافة، وإلى إيجاد مثقفين استغرق الغرب في الماضي مئات السنين ليصلوا إلى ما وصلوا إليه، بينما نستطيع نحن اليوم الوصول إلى ذلك بوقت أقصر بكثير، لهذا العالم اليوم مفتوح على المعلومات، والمعلومات مفتوحة أمام العالم أجمع.

فهم "العالم الجديد"

لهذا يجب علينا أنْ نملك من الشجاعة ما يؤهلنا إلى قطع المسافات، وكسر الحواجز، وتخطي المراحل كي نصل إلى الصفوف الأمامية لهذا العالم، ويجب على كل فئات الشعب وأطيافه وأحزابه التنافس الشريف فيما بينهم من اجل السعي لتحقيق هذا الهدف، لأننا اليوم بحاجة ماسة جدا إلى علماء ومثقفين يكتشفون ويخترعون بالاستناد إلى المعلومات المتاحة أمامهم.

وفي النهاية، يجب علينا أنْ نفهم "العالم الجديد"، من أجل الوصول المثالي إلى "تركيا الجديدة" بشتى المجالات.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس