أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

أظهرت الأحدات الدائرة في فرنسا خلال الآونة الأخيرة من جديد انعدام التفهم في الغرب على الخصوص تجاه تركيا. وفي الواقع، تفتح احتجاجات السترات الصفراء وباريس، التي عاشت فترة طويلة تحت حالة الطوارئ، نافذة جديدة تمكن الغرب من فهم تركيا بشكل أفضل.

يجب التأكيد أولًا على أن فرنسا لم تشهد في الخمسة أعوام الماضية حتى واحدًا في المئة مما عاشته تركيا من إرهاب وهجمات على صعد مختلفة.

رغم أن فرنسا واجهت نسخًا مختصرة جدًّا من الكثير من الهجمات التي وقعت في تركيا بدءًا من أحداث غيزي حتى المحاولة الانقلابية، إلا أنها اتخذت تدابير أكثر صرامة من تركيا وتدخلت بشكل أعنف في مواجهة الأحداث.

تبقى حالة الطوارئ والتدابير التي أعلنتها فرنسا جراء هجمات تنظيم داعش "غير ضرورية" بالمقارنة مع ما اتخذته تركيا أو كان من الواجب أن تتخذه من تدابير.

ولو أن فرنسا واجهت عُشر ما شهدته تركيا، لما كان بالإمكان العبور من شوارع باريس بسبب العربات المصفحة والجيش والشرطة، كما حدث السبت الماضي، ولما ناقش أحد وجود قوات الأمن في الشارع، ولأصبحت أحداث العنف والإجراءات الصارمة جزءًا لا يتغير من الحياة اليومية.

المظاهرات السلمية هي حق، والعنف وتخريب الممتلكات العامة جريمة. من حق الدول التدخل في مواجهة من يسيؤون استعمال الحقوق ويلجؤون إلى العنف. وهذه القواعد تسري في فرنسا وتركيا على حد سواء.

الكيل بمكيالين هو أقل ما يقال عن إدانة المخربين في فرنسا، وتصويرهم بصورة عاطفية في تركيا. خلاصة ردود الأفعال التي واجهناها في الآونة الأخيرة هي أن تدخلات الأمن في فرنسا اعتُبرت لصالح المنفعة العامة، في حين استُغلت التدخلات ضد أحداث تشارك فيها مجموعة إرهابية مباشرة في تركيا، للتهجم السياسي.

من الواضح أن الأمر يتعلق برفض الغرب فهم المشكلة، وليس عدم القدرة على فهمها، بهدف فتح مجالات جديدة للمناورة السياسية. لا يمكن اعتبار مساعي الأوساط التي نقلت مباشرة الأحداث الرامية لاستهداف اقتصادنا وأمننا، واعتبرت هجمات داعش وبي كي كي وغولن أحداثًا عادية، وسعت لإضفاء المشروعية على الإرهاب ضد تركيا، مجرد تعاطف بريء مع فرنسا.

من جهة أخرى، لم يواجه الغرب بعد عواقب الراديكالية اليسارية التي تحالف معها في سوريا، وصور هجماتها الإرهابية على تركيا بشكل عاطفي. آمل أن تلعب التنظيمات الإرهابية الراديكالية اليسارية، التي أصدرت بيانًا دعمت فيه المخربين في فرنسا، دور منبه يصحو الغرب على وقع تنبيهه.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس