سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجميع في توقيت غير متوقع بإعلانه قرار سحب قواته من سوريا. خلف الإعلان العديد من الأسئلة. 

السؤال الرئيسي هو ما سبب اتخاذ ترامب مثل هذا القرار هكذا دون سابق إنذار. لم يكن هناك أدنى مؤشر على أن الإدارة الأمريكية تعمل على "استراتيجية خروج" من سوريا، حتى ساعة اتخاذ القرار. 

في هذه الحالة، ما الذي دفع ترامب لاتخاذ القرار؟ المسوغ الذي قدمه هو هزيمة داعش، وبالتالي إمكانية عودة القوات الأمريكية البالغ عددها ألفي عسكري، إلى الوطن. 

بهذا التصريح، وجه ترامب رسالة مفادها أن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا كان متعلقًا فقط بتهديدات تنظيم داعش. 

في الواقع، هناك في الولايات المتحدة والبلدان الغربية من يشككون بمسألة انتهاء تهديد داعش تمامًا. وأعضاء الكونغرس الأمريكي ومسؤولو الدول الحليفة أعربوا عن شكوكهم هذه.

ما الغاية من القرار؟ 

المسألة الأساسية هي الأسباب الأخرى التي يستند إليها في الحقيقة الوجود العسكري الأمريكي بسوريا. على سبيل المثال، حصار إيران، كسر نفوذ طهران، حماية إسرائيل وبلدان الخليج، وتحقيق توازن القوى مع روسيا في المنطقة.. 

في الواقع، ساد تصور أن الولايات المتحدة حافظت حتى اليوم على وجودها العسكري في سوريا، وإن كان رمزيًّا، من أجل الأهداف المذكورة. 

إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، هل يعني اتخاذ الولايات المتحدة قرار الانسحاب أن واشنطن تخلت أو تراجعت عن هذه الأهجاف الاستراتيجية التي ذكرناها؟ 

تعرب أوساط الكونغرس، التي انتقدت القرار، وبعض البلدان المعنية عن قلقها. لكن من الخطأ التوصل إلى استنتاج بأن الولايات المتحدة تعتزم ترك المنطقة بسلام الآن والانسحاب منها تمامًا وعدم لعب أي دور فيها. 

بعض المشككين يقولون إن قرار ترامب "شكلي"، وإن الوجود الأمريكي سيتواصل، بل إن ترامب قد يلغي قراره بنفسه إذا اقتضى الأمر. سيُظهر الزمن مدى صحة هذا الرأي. 

ماذا ستكون العواقب؟

يجب الانتظار قليلًا من أجل فهم التطورات التي ستنجم عن حادثة الانسحاب سواء في سوريا أو في المنطقة. والقرار نفسه حدد 3 أشهر مهلة لانسحاب القوات. لكن على الجميع إجراء حساباته ومخططاته بشأن مستقبل المنطقة منذ الآن. 

الأمر الهام هو من سيملأ الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي. لا شك أن نظام الأسد وإيران وروسيا، سيسعون لاستغلال الانسحاب لمصالحهم. 

الانسحاب سيجعل وحدات حماية الشعب تقف وحيدة. ومن دون دعم الولايات المتحدة لا يمكن للوحدات المحافظة على الأراضي التي تسيطر عليها. ولا ننسى أن استراتيجيات تركيا العسكرية بشأن شرق الفرات ما تزال على الطاولة. 

باختصار، قرار ترامب الانسحاب من سوريا يخلق وضعًا جديدًا في المنطقة، وهذا ما قد ينجم عنه نتائج مفاجئة وغير متوقعة.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس