ترك برس

رأى المحلل السياسي الأمريكي، آدام ماك كونيل، أن الشهر الماضي شهدا الكثير من التطورات الإيجابية التي أقدم عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في التقارب مع تركيا ولا سيما قرار الانسحاب من شمال شرق سوريا، ما يشي بأن الإدارة الأمريكية الحالية بدأت تدرك الأخطاء التي وقعت فيه إدارة أوباما بالابتعاد عن الحليف التركي.

ويلفت كونيل في مقاله إلى أن سوريا لم تكن التطور الإيجابي الوحيد، فمع بداية العام الجديد وصل وفد أمريكي إلى تركيا أخذ شهادات من أعضاء منظمة فتح الله غولن المحتجزين، كما شاركت الحكومة التركية معه كميات كبيرة من الأدلة المهمة المتعلقة بمحاولة الانقلاب التي وقعت في يوليو/ تموز 2016.

ويضيف أن هذا التطور قد لا يؤدي إلى أي نوع من التحرك القانوني نحو تسليم فتح الله غولن إلى تركيا. لكنه تطور حيوي لم يحدث مثيل له خلال السنتين والنصف الماضيتين، علاوة على أن جمع الأدلة الرئيسية يؤشر إلى أن الإجراءات القانونية ضد غولن تلوح في الأفق.

ترامب ينتزع زمام المبادرة

ووفقا لكونيل، فإن هذه التطورات الأخيرة تعطي الانطباع بأن ترامب قد انتزع السيطرة على قرارات السياسة المتعلقة بمنطقة تركيا من الجيش، ومن مستشار الأمن القومي، جون بولتون، وصهره جاريد كوشنر. فحتى شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي لم يكن لترامب أي تأثير في هذه القضايا، وكان تأثير بولتون قد دفع السياسة الخارجية للولايات المتحدة إلى اتجاهات أكثر عدوانية.

لكن ترامب أخذ زمام  المبادرة بعيدا عن العسكريين وعن بولتون، وأبلغ أردوغان بقرار الانسحاب من سوريا في وجود بولتون.

ورأى كونيل أن من المؤكد أن بولتون غاضب من هذا التحول في الأحداث، وبمجرد وصوله إلى إسرائيل، بدأ يناقض ترامب بشأن حزب العمال الكردستاني. وهذا يعني أن كل حركة وتصريح يدلي به يجب التدقيق فيه بشدة.

كارثة سياسة أوباما الخارجية

ويلفت المحلل الأمريكي إلى أن إدارة الرئيس السابق بارك أوباما وسياستها الخارجية تجاه تركيا كانت السبب فيما وصلت إليه العلاقات التركية الأمريكية من توتر.

وأوضح أن إدارة ترامب هي التي تتخذ القرارات التي كان يجب على إدارة أوباما اتخاذها منذ سنوات، وكان الشيء الوحيد الذي فعله أوباما فيما يتعلق بالعلاقات التركية الأمريكية خلال الأشهر الأخيرة من رئاسته هو إقناع الأغلبية الساحقة من الشعب التركي بأنه إما غير مهتم بحقيقة أن الشخص المسؤول عن قتل مئات من المواطنين الأتراك يقيم في الولايات المتحدة، أو دعمه ضمنيًا لهذا الشخص.

وأردف أن السؤال الذي يتعين على المهتمين بالعلاقات التركية الأمريكية أن يتعاملوا معه هو السبب الذي دفع أوباما لاتخاذ خيارات سياسية خاطئة تماما تجاه تركيا: هل كانت معلومات خاطئة، أو الخوف أو التعصب أو الفوضى.

ويجيب بأن إلقاء اللوم على المعلومات الخاطئة يبدو أمرا صعبا، لا سيما أن الولايات المتحدة تتمتع بقدرات متطورة لجمع المعلومات، بدءا من أقمار التجسس، مرورا بمعظم مصادر المعلومات الرقمية، إلى مؤسسات الاستخبارات الحكومية التابعة لها مثل وكالة الاستخبارات المركزية والمؤسسات الدبلوماسية مثل وزارة الخارجية.

أما التفسير الذي يقدمه كونيل، فهو أن المعلومات التي كانت تقدم إلى إدارة أوباما كانت تفسرتفسيرا خاطئا، وأن المسؤولين المكلفين بتقييم المعلومات المتاحة ومن ثم صياغة السياسة لم يكن لديهم التعليم أو الخلفية أو الخبرة أو القدرة التحليلية للتحقق من السياسات الصحيحة.

وحتى أواخر العام الماضي سارت إدارة الرئيس ترامب على نفس النهج الخاطئ الذي اتبعته إدارة أوباما تجاه تركيا، وهو ما دفع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال الهجمة التي تعرض لها الاقتصاد التركي في شهر آب/ أغسطس الماضي، للتصريح بأن الولايات المتحدة ليس لديها القدرة على تمييز من هم أصدقاؤها الحقيقيون.

وختم كونيل مقاله متسائلا: بعد التطورات الإيجابية المفاجئة خلال الشهر الماضي، هل أدرك المسؤولون الأمريكيون في النهاية بعض الحقائق الأساسية التي لم يتمكن مَن سبقهم مِن فهمها؟ وهل فهمت إدارة ترامب أخيراً أن الحليف الديمقراطي للناتو هو الخيار المنطقي الذي يجب أن يحظى بالثقة في الأمن الإقليمي؟ هل تعترف إدارة ترامب بأن غولن هو السبب في إضعاف العلاقات بين الدولتين وتتخذ الإجراءات الصحيحة؟

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!