ترك برس

بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب الجنود الأمريكيين من سوريا، وحديثه عن الدور الإيجابي القوي الذي ستضطلع به تركيا في الحرب على بقايا داعش، أعرب كثير من المحللين الغربيين عن تشككهم في قدرة تركيا على هزيمة فلول التنظيم، وحاولوا تصوير أن تركيا إنما تهدف إلى محاربة "الميليشيات الكردية" وليس هزيمة داعش.

وفي هذا الصدد يرى رفعت أونجيل، الباحث في قسم الدراسات الأمنية في مركز سيتا للدرسات السياسية والاقتصادية أن ما يقال من أن تركيا بحربها على ميليشيا وحدات حماية الشعب "ي ب ك" تعقد الحرب على داعش، وأن تركيا رغم انضمامها للتحالف الدولي المناهض لداعش، فإنها لم تحارب التنظيم هي أقوال واهية يكذبها الواقع على الأرض.

وأوضح أونجيل أن داعش شن هجومه الأخير في داخل تركيا ليلة رأس السنة الجديدة في 1 كانون الثاني/ يناير 2017، الأمر الذي يعني أن الجماعة الإرهابية  فقدت قدرتها على شن هجمات جديدة على الأراضي التركية لمدة عامين. وفي المقابل شن التنظيم الإرهابي هجمات إرهابية في أوروبا والولايات المتحدة طوال العامين الماضيين.

ولفت الباحث التركي إلى أن نجاح تركيا في وقف هجمات داعش ينبع من العديد من العوامل، بما في ذلك تعزيز الوعي والاستعداد والخبرة والذكاء.

قدرات مكافحة الإرهاب

ويقول أونجيل إن سياسة تركيا في مكافحة الإرهاب خضعت لتغييرات عميقة في مواجهة مقاتلي داعش الذين واجهوا الشرطة التركية ببنادق هجومية متطورة ومواد متفجرة خلال غارات أمنية، مما تسبب في سقوط ضحايا بين قوات الأمن والتقليل من فعالية العمليات.

ولكن المراقب لهذه المسألة يستطيع إن يدرك أنه نتيجة لزيادة الاستعداد والوعي ضد تهديد داعش، تم إحباط الكثير من هجمات التنظيم دون فقد فرد أمن واحد، على الرغم من المقاومة المسلحة المستمرة.

والأكثر من ذلك أن تركيا سرعت جهودها لتعزيز عدد ونوعية ألوية العمليات الخاصة في السنوات الأخيرة، بدءا من إدارة العمليات الخاصة للشرطة إلى وحدات كوماندوز الجيش، بما في ذلك الجنود المتخصصون. وقد أثبتت الحرب الحضرية ضد حزب العمال الكردستاني في عام 2015 ومكافحة داعش في شمال سوريا في عام 2016 فعالية هذه المكونات في التعامل مع التهديدات غير المتماثلة في بيئات مختلفة.

ويلفت أونجيل أن التحسينات التي أدخلت على جمع المعلومات الاستخبارية وزيادة وتيرة تشغيلها كانت عناصر أخرى حاسمة في منع وقوع مزيد من هجمات داعش في تركيا. وقد زودت عمليات استجواب مقاتلي داعش الذين قبض عليهم، ومن بينهم قادة كبار، الأوساطَ الأمنية والمخابرات التركية بمعلومات عن الهياكل التنظيمية واستراتيجيات الجماعة الإرهابية وتكتيكاتها.

وعلى سبيل المثال، أدى القبض على عبد القادر مشاريبوف منفذ الهجوم الذي استهدف ملهى ليليا في ليلة رأس السنة 2017  إلى تفكيك كثير من الخلايا النائمة حيث تم القبض على الإرهابيين الرئيسيين من كادر قيادة داعش. واعتقلت تركيا أكثر من 4000 عضو في داعش، ونحو 1000 من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يشتبه في أنهم من أعضاء التنظيم.

وعلاوة على ذلك، خططت تركيا وبدأت في مشروع إقامة جدار أمني لحماية الحدود الجنوبية للبلاد وتزوده بمعدات عالية التقنية، وأفراد أمن مدربين وجدران خرسانية. وقد منعت هذه الإجراءات عملاء داعش في سوريا من محاولة العبور إلى تركيا. كما عززت تركيا الجهود المبذولة لوقف تدفق المزيد من المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاع، ومنعت عشرات الآلاف من الأفراد من دخول البلاد بسبب علاقاتهم المشبوهة مع داعش.

عملية درع الفرات

وفي معرض رده على الانتقادات التي توجهها وسائل الإعلام الغربية لعملية درع الفرات وأنها هدفت إلى وقف تقدم تنظيم "ي ب ك"، بدلاً من محاربة داعش، يشير أونجيل إلى أنه على الرغم من أن العملية كان من بين أهدافها منع توسع "ي ب ك"، فإن نتائج هذه العملية توضح أنه تم تحييد الآلاف من أعضاء داعش وطردهم من المناطق الاستراتيجية مثل الباب ودابق.

وبالإضافة إلى ذلك ساهمت عملية "درع الفرات" في جهود الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع التركية بفضل المراقبة العسكرية الإدارية وزيادة جمع المعلومات الاستخبارية الفنية في شمال سوريا، والتي يمكن اعتبارها مهمة أساسية للقضاء على التهديدات الإرهابية في سوريا.

ويخلص الباحث التركي إلى أن إلقاء اللوم على تركيا في قتال "ي ب ك" وتشويه حربها على داعش أمر غير صحيح تماما. وبالمثل مزاعم وسائل الإعلام الغربية من أن تركيا ليس لديها النية أو القدرة على التعامل مع بقايا داعش بعد الانسحاب الأمريكي، لأن تركيا، بوصفها  ثاني أكبر جيش في حلف الناتو بالإضافة إلى خبرتها في مكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد وحرب المدن، لديها إرادة قوية وقدرة على التعامل مع بقايا داعش.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!