د. ياسر سعد الدين - خاص ترك برس

العالم منشغل حتى النخاع والتحالفات بمحاربة داعش والإرهاب الإسلامي، ذلك الإرهاب العجيب الغريب والذي يتناغم تماما مع مصالح دول تريد الهيمنة على منطقتنا ومقدراتنا بذريعة محاربته وقد صوروه أنه خارق للعادات وعجيب القدرات بطرق تخالف المنطق وتستهين بالعقول. في هذا الأجواء المحمومة بالعداء للمسلمين وفيما ترتفع أصوات السياسيين العنصرية وعلى رأسهم ترامب والتي تتعامل مع المسسلمين بصفتهم الداء والبلاء ومصدر الشرور والإرهاب، جاءت مجزرة المساجد في نيوزلندا لتعيد التذكير بأن المسلمين هم ضحايا إرهاب مزدوج، فهم من يتعرض لأشكال من القتل والاحتلال والتهجير ونهب ثرواتهم وهم النسبة الأكبر من اللاجئين في العالم وفوق ذلك فهم المتهمون ظلما وزيفا وعدوانا بالإرهاب وكأن المطلوب منهم أن يشكروا قتلتهم ومن يحتل أرضهم وينهب ثرواتهم.

ثمة دلالات للحادثة المفجعة وملاحظات ينبغي الوقوف عندها:

• التحريض على المسلمين ومساجدهم لم يكن فقط من قبل اليمين المتطرف والمتصاعد شعبيا في الغرب والذي يمثل ترامب أكثر صوره وضوحا وصفاقة خصوصا وأن القاتل برانت أعتبره مثله الأعلى. فدول عربية تسوم شعوبها سوء القهر وتلعب دورا مشبوها في محاربة الأمة وثوابتها وتطلعات شعوبها للحرية والكرامة، تقوم بالتحريض على المسلمين ومساجدهم. ففي تصريحات صحفية، لوكالة الأنباء الألمانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، قال وزير ما يسمى التسامح الإماراتي نهيان مبارك آل نهيان، إن إهمال الرقابة على المساجد في أوروبا أدى إلى وقوع هجمات إرهابية هناك وأنه لا يجوز فتح المساجد ببساطة هكذا والسماح لأي فرد بالذهاب إلى هناك وإلقاء خطب. وبحسب آل نهيان، فإن اعتناق مسلمين في أوروبا للفكر المتطرف في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا، جاء بسبب غياب الرقابة الكافية على المساجد والمراكز الإسلامية. فيما حث السيسي خلال مؤتمر ميونيخ للأمن في شباط/ فبراير 2019 الأوروبيين على مراقبة المساجد، قائلا إنه دأب في لقاءاته مع المسؤولين الأوروبيين أو من أي دولة أخرى على حثهم على الانتباه لما ينشر في دور العبادة.

• العمل الإرهابي الذي استهدف المصلين ليس فرديا بل يشكل تيارا متصاعدا بالغرب، فالكتابة التي تركها القاتل فيها معلومات تاريخية لا يستطيع جاهل غير متعلم كتابتها بل على الأغلب كتبت له. كما إن تعليقات أستراليين على الحادثة في منصات التواصل والذين احتفى كثير منهم بالمجزرة وحيوا مقترفها تشير لتنامي العنصرية في المجتمعات الغربية وهو ما تكشفه نتائج انتخابات سياسية في عديد من الدول الغربية.

• القاتل برينتون تارانت كتب مطولا وقبل الحادثة عن مخططه وسجل جريمته على الهواء ولم يوقفه أحد ولو كتب أحدهم يهاجم اليهود لحوكم بتهمة معاداة السامية وتم اعتقاله أو في أضعف الإيمان تمت مراقبته. بطبيعة الحال تأخر الشرطة لمدة عشرين دقيقة يشير بالإضافة لما سبق إلى مدى الاستخفاف الذي يتم التعامل به مع المسلمين وأرواحهم.

• العديد من الضحايا هم من اللاجئين الذين فروا من بلادهم مثل سوريا والعراق وغيرها ليلقوا حتفهم في مجزرة إرهابية في بلد كانوا يحسبونه آمنا وملجأ لهم. ومع تصاعد الموجات العنصرية في الغرب، يبدو أن الحل الأكثر نجاعة للمواطنيين العرب هو في مقاومة طغاة العرب الذين يشكلون وكلاء للقوى الدولية في تدمير بلادنا ونهب ثرواتنا وامتهان كرامة الفرد والمجتمع.

• التمتع بالقتل على أنغام الموسيقى والتصوير والتباهي به رأيناه في جريمة نيوزلندا بهوية معروفة وهو منهج داعشي بامتياز. ينبغي أن نذكر بأن داعش المنطقة مجهولة الهوية والوجوه وأن معظم من انتسب إليها من الغرب من خريجي السجون الجنائية مما يطرح سؤالا منطقيا عمن أسس داعش ومن أي بيئة قد انطلقت.  

جريمة مجزرة مساجد نيوزلندا هزت الضمير العربي والمسلم والضمير العالمي الحر، وإذا كان مقترفها قد صورها ليحرض غيره على الفعل –وقد يحدث- إلا أنها وثقت بشكل فج الإرهاب الغربي وفضحت إعلاما ذا معايير مزدوجة.

 للحادث الأليم تبعات كثيرة منها:

• سيضعف موقف التيارات اليمنية الغربية أخلاقيا وسيجعل سياسيها في موقف دفاعي ضعيف. فترامب اضطر للتغريد حول الحادثة بشكل عام دونما أن يذكر ديانة الضحايا ولا يندد بالمجرم بل ختم تغريدته بقوله فليبارك الله الجميع، فهل تشمل البركة القاتل والذي اعتبر ترامب ملهمه فيما فعل؟!!

• سيعزز المشاعر الإسلامية الغاضبة والشعور الجمعي بالظلم والاستهداف والحاجة إلى رفض الوصاية الغربية الأخلاقية وتعزيز الشعور بالحاجة إلى الثورة على طغاة العرب الذين هم أدوات الغرب وأزلامه.

• تعزيز القيادة التركية للعالم الإسلامي، فتركيا أردوغان الأسرع أستجابة والأعلى صوتا والأكثر أثرا في مواجهة المظالم والكوارث التي تحل بالمسلمين سواء في تركستان الشرقية بحق الإيغور، أو في ميانمار، أو باستهداف مساجدهم ودور عبادتهم. في حين تقف دول عربية كبرى ضد حقوق المسلمين بل وتحرض على قتلهم وإبادتهم.

• ستتصاعد مشاعر الغضب العربية والإسلامية من القيادات المنتسبة للأمة وهي التي تحرض ليل نهار، سرا وعلانية على دينها ومعتقداتها ومساجدها كوزير التسامح الإماراتي والانقلابي السيسي.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس