ميرا خالد خضر - خاص ترك برس

أنت الأمان أنت الحنان.. من تحت قدميك لنا الجنان

عندما تضحكين تضحك الحياة.. تزهر الآمال في طريقنا نحس بالأمان

أمي أمي أمي.. نبض قلبي نبع الحنان..

من منا لا يتذكر أغنية المسلسل الكارتوني الياباني دروب ريمي المقتبس من رواية فرنسية كتبت عام 1878 عن قصة حقيقية، الكلمات المؤثرة بصوت الفنانة رشا رزق أبكت الكبير قبل الصغير لا لشيء إلا أنها تلامس القلوب والحب الأول لكل البشر "الأم".. رمز التضحية والحب والوفاء والحنان والعطف والرحمة والكثير الكثير.

أتى رجلٌ لرسولَ الله صلى الله عليه وسلم وقال: إني أشتَهي الجهادَ ولا أقدِرُ عليه، قال: هل بقِي مِن والدَيكَ أحَدٌ؟ قال: أُمِّي، قال: فأبل الله في بِرِّها، فإذا فعَلتَ ذلك فأنتَ حاجٌّ ومعتمرٌ ومجاهدٌ، فإذا رَضِيَتْ عنكَ أمُّكَ فاتقِ الله وبِرَّها".

الأم "آيسل ييلماز " حكاية كفاح وتحدي الصعاب

في يوم من الأيام أمست السيدة التركية "آيسل يلماز"، على كربة غيرت مجرى حياتها إلى الأبد بعدما تلقت خبر وفاة زوجها وشريك حياتها ورفيق دربها وحبيب قلبها في حادث مرور مميت، ليتركها وحيدة برفقة 3 أبناء ولدين وابنة دون دخل مالي أو سند كفيل غير الله سبحانه وتعالى. كانت صدمة وضعفا وألما شديدين، لكنها بعد فترة استفاقت لتكون قوية من أجل صغارها وتكافح لتدريسهم وإطعامهم. لم تكن تتقن أية حرفة أو لديها مؤهل دراسي يسمح لها بوظيفة براتب شهري، فتعلمت "آيسل" الخياطة في فترة وجيزة  لتعيل بيتها.

تروي الأم المثالية قصة كفاحها ومرارة صبرها ونومها في أيام عدة برفقة دموعها على الوسادة، كان هدفها الوحيد تربية أبنائها تربية إسلامية وتدريسهم ليصلوا أعلى المراتب. ولأنهم بنظرها أمانة من أبيهم رحمه الله وأنه حلم بذلك قبل أن تأتيه المنية، فقد عملت الأم آيسل على ألة الخياطة لليلا نهارا لتحسن دخلها وتحسن ظروفها المعيشية دون أن تنتظر إعانة من أحد، كانت قوية كاللبؤة على صغارها كغيرها من الأمهات، كانت الأم والأب تحنو مرات وتقسو تارات، تسهر في مرضهم وفي امتحاناتهم ،وبذلت كل جهدها لتحقيق حلمها.

لم يكن حمل  لقب الأرملة سهلا ولا تربية الأبناء، وسعت لتوفير متطلبات أطفالها، تستيقظ قبل الناس تعمل دون كلل ولا ملل أمام آلة الخياطة تلك موردها الوحيد، تحملت كثيرا من المشاكل والألم لم ترغب بزواج جديد فكان أطفالها كل حياتها، فصمدت وأصرت على تربية أبنائها وتحقيق نجاحهم، ووضعت حياتها بين يدى أبنائها، ودفنت أحلامها في أعماق قلبها، ونسجت من أحزانها ثياب فرح كست به أبناءها وأخاطت قلبها المتألم الذي لم يشفى بعد من فراق زوجها، وصنعت من عوزها غنى لنفس وروح صغارها، فقدمت قصة كفاح فريدة اختلطت فيها الدموع بالعرق.. ومشاعر الأرق بالحب والرضا، لترسم من خلالها ملحمة إنسانية تؤكد أن المراة التركية هي الأصلب في المحن والأشد في مواجهة الأزمات، وأن العوز والحزن ليسوا مبررات للفشل ولا مدعاة لليأس، بل هي في حقيقة الدوافع لكل نجاح يديها المجعدتين، لتعيش الأم مع أطفالها، وتذوق في وحدتها وتعبها كل معاني الحزن والألم والعذاب، فالحنان فطرة وهبها الله للأم.

فكانت "آيسل" قصة تجَسِّدْ روعة التضحية والحنان والعطف والرحمة، معجزات الأم كثيرة أهمّها العطاء فكانت معطاءة تظلِم نفسها لتُنصف أبناءها، وتزيل العقبات من أمامهم وتُتعب نفسها لراحتهم، وهي قارئة أفكارهم، ومن أشد الصابرين عليهم، فخففت بقوتها الظروف والمصاعب، وكانت أجمل معاني الحبّ، ووفاؤها لأبنائها لا يمكن أن تغيره مشقة الحياة.

تسرد الأم آيسل قصة نجاحها بعدما وصلت لمبتغاها وحسنت ظروفها وكبرت أبناءها وأحسنت تربيتهم بفضل الله عزوجل، ليصل الولدان للجامعة والابنة تتابع دراستها في المرحلة الثانوية، حيث أصبح الابن الأكبر لديه عمل حر في مجال البناء والأصغر تخصصه الجامعي في الرياضيات ويشتغل حاليًا في مركز خدمات (كول سنتر)، وقد تزوجا حاليا، وهذا ما يثلج صدرها ويفرح قلبها. أما الابنة لا تزال تكمل دراستها وتتمنى لها النجاح والفلاح. وما أفرحها أكثر بعدما تم إرسالها لأداء العمرة لبيت الله بمكة المكرمة من طرف ابنيها...

حكاية نقف عندها لنتذكر كل الأمهات الصامدات المكافحات، والأمر الأصعب أننا لا نقدر على رد الجميل لهن. وترى الأم آيسل أن المرأة يجب أن تكون قوية صبورة في وجه مصائب ومصاعب الحياة، وتضع ثقتها في الله عزوجل، لا يسعنا  إلا تقديم الإحترام للأم "آيسل يلماز" ونتمنى لها الأفضل ونحييها على شجاعتها وقوتها وجمال قلبها وروحها الكبيرين لينعم الله عليها بخيرة الأبناء..

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!