سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

يتابع العالم، وفي طليعته تركيا، عن كثب منذ أسابيع ما يدور في السودان. السبب في هذا الاهتمام الخاص هو الإطاحة بنظام عمر البشير جراء حراك شعبي في هذا البلد العربي الواقع في إفريقيا. 

بيد أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كان الجيش ومؤسسات الدولة القوية ستسمح بنظام مدني حر، أما الشعب فهو مصر على مواصلة المقاومة إلى حين تحقيق التغيير والتخلص من رموز النظام القديم. 

لهذا، مع أن المرحلة الأولى من "الثورة" في السودان تحققت وتمت الإطاحة بالبشير، إلا أنه ليس من الواضح مدى تحقق الجولة الثانية أي العملية الانتقالية.

بطبيعة الحال، يلعب الترقب حول ما إذا كانت تجربة "الربيع العربي" الجديدة هذه ستنجح، دورًا في متابعة اللاعبين الإقليميين والعالميين أحداث السودان. 

غير أن الاهتمام الخاص للقوى الإقليمية والعالمية نابع من السعي لتحقيق مصالحها الخاصة، أكثر من التعطش "للقيم الديمقراطية". 

عالم المصالح

رغم التمنيات بتحقق إرادة الشعب السوداني في نظام أفضل، من حيث المبدأ، غير أن ما تطمح إليه القوى الخارجية القريبة والبعيدة فعليًّا هو انسجام الظروف السياسية الجديدة في هذا البلد مع مصالحها الخاصة. 

مهما تحدث الغرب عن الديمقراطية، هدفه الحقيقي هو المحافظة على السودان تحت سيطرته. أما الجيران القريبون كالسعودية ومصر والإمارات فلا يهمهم وجود نظام ديمقراطي في السودان.

بالنسبة لروسيا والصين، الأولوية هي لإقامة علاقات ثنائية جيدة مع السودان، ولا تكترثان لطبيعة النظام في الخرطوم. 

ليس من الواضح كيف ستكون مرحلة ما بعد البشير في السودان، لكن هناك احتمال كبير بأن يكون البلد مسرحًا لصراع شديد بين اللاعبين الخارجيين. 

دور تركيا

خلال الأعوام العشرة الأخيرة، كانت تركيا في طليعة البلدان التي تولي أهمية خاصة للسودان. السبب الرئيسي لهذا الاهتمام هو الأهداف الاستراتيجية التي وضعتها أنقرة. 

لم تعتبر أنقرة شخصية وسلوكيات البشير عائقًا أمام إبداء ثقة وتغاطف كبيرين معه. رغم أنه مطلوب من الإنتربول، وجهت تركيا دعوة إلى البشير لزيارتها العام الماضي.

وفي 2017، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السودان، ووقع مع البشير عددًا كبيرًا من اتفاقيات التعاون. كما تناول الجانبان مسألة إقامة قاعدة عسكرية تركية في جزيرة استراتيجية بالبحر الأحمر. 

تقيم تركيا مع السودان تعاونًا في المجالين العسكري والأمني. ويبلغ حجم استثمارات المؤسسات التركية الحكومية والخاصة في السودان 600 مليون دولار. 

في الواقع، تولي تركيا من هذه الناحية أهمية كبيرة للسودان، وتهدف إلى لعب دور استراتيجي في تلك المنطقة الواسعة من خلال وجودها العسكري في قطر والصومال والسودان. 

فهل تؤثر الإطاحة بحكم البشير على التعاون الذي تسعى تركيا لإقامته مع السودان؟ كل شيء مرتبط بطبيعة الحكومة التي ستسلم زمام الأمور في السودان..

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس