نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تحدث تطورات مثيرة في إدلب خلال هذه الفترة التي تنشغل فيها الأجندة التركية بالشأن الداخلي. قوات الأسد المدعومة روسيًّا تهاجم الجبهات الخارجية لإدلب وتدفع المجموعات المسلحة للتراجع. 

من الواضح أن هذه الحملة ليست اشتباكًا مسلحًا فحسب، وسيكون لها نتائج إنسانية وسياسية وعسكرية.

يعيش حوالي 3 ملايين مدني في إدلب، علاوة على مقاتلين مسلحين تتراوح أعدادهم بين 45 ألفًا إلى 60 ألفًا. 

اعتبرت روسيا المسلحين منذ البداية "إرهابيين" وأكدت أنها لن تتساهل معهم. موقف بوتين هذا يتطابق مع ثقافة روسيا في "مكافحة الإرهاب"، التي تتمحور حول القضاء المبرم على "الإرهابيين" دون الالتفات كثيرًا لما يصيب المدنيين في الأثناء. المؤشرات الحالية تظهر أن بوتين بدأ بتطبيق هذه السياسة.

تحركت تركيا دبلوماسيًّا في أيلول/ سبتمبر الماضي، بحثًا عن مخرج ورغبةً في الحيلولة دون حدوث نتائج مأساوية.

أقنعت أنقرة موسكو بالإقدام على بعض الخطوات من أجل نزع أسلحة هذه المجموعات، التي اعتبرتها روسيا "إرهابية"، دون قتال. 

في هذا الإطاار وقعت تركيا وروسيا وإيران في 17 أيلول/ سبتمبر 2018، "خارطة طريق إدلب" في سوتشي. 

بحسب الاتفاق، تنسحب كل المجموعات في 15 أكتوبر 2018 من خطوط التماس إلى مسافة 15 كم داخل إدلب، بهدف وقف الهجمات على القوات الروسية، وبذلك تتوقف التحركات العسكرية في محيط إدلب. 

ونص الاتفاق على تأسيس الجانبين التركي والروسي "تقاط مراقبة وقف إطلاق النار"، لمتابعة الوضع. أسست تركيا 12 نقطة مراقبة ونشرت قواتها فيها رغم كل الصعوبات. 

نصت المرحلة الثانية للاتفاق على فتح طريقي حلب- اللاذقية وحلب- حماة بشكل آمن، لكن لم يتم تحقيق هذا الهدف. 

في مطلع العام الحالي سيطرت هيئة تحرير الشام على 80% من المنطقة. بدأت تركيا وروسيا إجراء دوريات متزامنة بهدف الحيلولة دون انهيار الاتفاق. لكن مع قدوم الربيع بدأت خروق وقف إطلاق النار وتزايدت بالتدريج. 

يمكن القول إن تحرك قوات النظام بدعم من روسيا يهدف للسيطرة على طريقي حلب- اللاذقية وحلب- حماة. وهذا الهدف العسكري يعني اندلاع قتال شديد جنوب وجنوب شرق إدلب، وهو ما يجعل نشوب أزمة إنسانية أمرًا يستحيل تفاديه. 

لا تقتصر المشكلة بالنسبة لتركيا على اللاجئين فحسب، فالأولوية لأمن القوات الموجودة في نقاط المراقبة. 

بدأ الغموض يخيم بسرعة على "الهدف السياسي" الذي حددته تركيا في إدلب. فالمهام العسكرية والترتيبات الموضوعة من أجل تحقيق الهدف السياسي أصبحت بمثابة مجازفة بالنسبة لصناع القرار السياسيين والعسكريين، أكثر من دعمها الهدف السياسي.

ليست تعاريف الزمان والمكان والصديق والعدو واضحة. ولذلك حان الوقت لإعادة التفكير فيما تم إنجازه وما لم يتم، ومنح الأولوية لأمن العسكريين. 

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس