ترك برس

نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا للباحث والخبير في منتدى الشرق، غالب دالاي، رأى فيه أن من السابق لأوانه الحديث عن استعداد تركيا للتحالف مع روسيا خاصة في منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من انجرافها بعيدا عن الغرب.

وكتب دالاي أن تركيا تعيد تعديل سياستها الخارجية والإقليمية في وقت يمر فيه الشرق الأوسط بتحول كبير، وهو ما تفعله روسيا أيضا. ولكن نظرًا لأن كليهما يبحثان عن مزيد من النفوذ في المنطقة، فإن علاقتهما ستكون في بعض الأحيان متعاونة وفي بعض الأحيان تنافسية.

وأضاف أنه مع تحول العلاقات بين تركيا وروسيا نحو التعاون العسكري والاقتصادي بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، فإن على الغرب أن يضع في اعتباره أن تطلعات البلدين الجيوسياسية غير متوافقة إلى حد كبير، وأن التعاون اليوم لا يعني التعاون غدًا.

وأوضح أن العوامل الرئيسية في تشكيل العلاقات التركية الروسية ليست قناعات أيديولوجية مشتركة، وإنما جيوبوليتيك الشرق الأوسط، والعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، وطبيعة القيادة في أنقرة وموسكو.

أولًا، "بالنظر إلى تورط روسيا العسكري في الحرب السورية في عام 2015 وتصميمها على إبقاء بشار الأسد في السلطة، كان الاشتباك بين تركيا وروسيا في سوريا المجاورة، أمرًا لا مفر منه تقريبًا. وتداخل هذا الاشتباك بين القتال والتعاون مع مرور الوقت، ولكن يبدو أن الجانبين قد استقرا على التعاون في النصف الثاني من عام 2016."

ثانيًا، أن ازدهار العلاقات التركية-الأمريكية له تأثير مباشر في علاقات تركيا الودية مع روسيا. فعندما تكون أنقرة وواشنطن متقاربين، فإن شهية تركيا لاستكشاف العلاقات مع روسيا بوصفها سياجا جيوسياسيا تتراجع. لكن عندما تشعر تركيا بالإحباط من الغرب - كما هو الحال الآن بسبب الدعم الأمريكي لتنظيم "ي ب ك" - فإنها تجد في روسيا أذنا متعاطفة.

وأخيرًا، يرى الباحث أن العلاقات التركية الروسية لها بعد شخصي، إذ يضطلع رئيسا البلدين بدور كبير في السياسة الخارجية، وقد أقاما علاقة شخصية مع بعضهما البعض. ولكن في المقابل ما تزال الروابط المؤسساتية بين البلدين لدعم الشراكة الناشئة ضعيفة.

ويلفت الباحث إلى أنه ما تزال هناك فجوات بين روسيا وتركيا يصعب تجسيرها، الأمر الذي سيضع قيودًا على تعاون البلدين، خاصةً في الشرق الأوسط. وهي:

أولًا، سعت تركيا دائما منذ أيام الإمبراطورية العثمانية، إلى حرمان روسيا من وجود كبير في الجنوب أو في شرق البحر المتوسط. لكن مع تنامي النفوذ الروسي، سوف تتقلص مساحة تركيا للمناورة في المنطقة. ومن ثم فإن التوفيق بين تركيا وروسيا في الآونة الأخيرة غير معتاد تاريخيًا وجيوسياسيًا، ولن يستمر على الأرجح إلى الأبد.

ثانيًا، أن البلدين على خلاف كبير فيما يتعلق برغباتهما في الشرق الأوسط، حيث أظهرت روسيا باسامرار دعمها للقوى العلمانية من قوات خليفة حفتر في ليبيا إلى منظمة التحرير الفلسطينية في فلسطين. وعلى النقيض تعارض تركيا الأسد، ونددت بانقلاب السيسي ودعمت حماس. وعلى ذلك فإن كثيرا من القضايا الجيوسياسية الشائكة ستقود البلدان إلى الابتعاد عن بعضهما.

ثالثًا، المصالح الاقتصادية المتباينة للبلدين. وتريد روسيا كدولة مصدرة للطاقة، الإبقاء على أسعار الطاقة مرتفعة. ولهذا السبب تطور البلاد بسرعة علاقات أوثق مع الدول العربية الأعضاء في أوبك، وخاصة المملكة العربية السعودية، بهدف الحفاظ على مستويات وأسعار النفط مرتفعة.

وفي الوقت نفسه، فإن تركيا بلد رئيسي مستورد للطاقة، وتفضل انخفاض أسعار الطاقة، خاصة بالنظر إلى العجز الهائل في الحساب الجاري، والذي يرجع جزئيًا إلى زيادة احتياجاتها من الطاقة.

وخلص الباحث إلى أنه نظرًا لأن مصالح تركيا وروسيا متضاربة إلى حد كبير في الشرق الأوسط، فإن التعاون بينهما يواجه قيودا حقيقية. وعلى الرغم من أن الدولتين ستستمران على الأرجح كشريكين - وربما تتقاربان أكثر كلما دفعت الولايات المتحدة تركيا بعيدًا - فستكون هناك الكثير من الفرص للغرب لاستغلال خلافاتهما وفي مقدمتها مستقبل محافظة إدلب السورية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!