صالح تونا – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

أنهت الولايات المتحدة، التي تهدد تركيا منذ مدة، قبل أيام تدريبات الطيارين الأتراك على مقاتلة إف-35.

لا تأبه الولايات المتحدة لأصول التعامل والاتفاقات عندما يتعلق الأمر بمنفعتها. لديها مبدأ واحد هو المصلحة. فهي متعلقة بهذا المبدأ بشكل بدائي إلى درجة أنها تأكل "الأصنام التي تصنعها من الحلوى" عند الحاجة. 

رأينا ما فعلته بشركة هواوي عندما اشتد عودها في السوق. لم تأبه لاقتصاد السوق الحر الذي تعبده ولا للقيم الليبرالية. 

بقرار من الدولة الأمريكية توقفت انتل وكولاكوم عن توريد المعالجات لهواوي، وألغت غوغل ترخيص أندرويد للشركة الصينية.

***

كما هو معروف، وجه وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة باتريك شاناهان رسالة إلى نظيره التركي خلوصي أكار، أبلغه فيها بـ"شروط" بلاده. 

هذه "الشروط" هي المصائب التي ستحل با إذا اشترينا منظومة "إس-400" من روسيا. الذريعة الأمريكية هي أن شراء المنظومة من روسيا لا يتوافق مع علاقات التحالف في الناتو. لكن عندما تشتري اليونان منظومة إس-300 فهي تتوافق!!

جوهر الأمر هو أن الولايات المتحدة لا تريد لنا أن نشتري منظومة دفاع جوي. أي أن نكون عرضة دائمًا للهجمات. 

ستقول واشنطن: "لا نطلب منكم ألا تشتروا منظومة دفاع جوي. نقول لا تشتروها من روسيا". بيد أننا لم نتجه لشراء إس-400 هكذا بلا سبب. 

في البداية طلبنا شراء منظومة باتريوت، وبطبيعة الحال مع نقل التكنولوجيا (هذا هو الصحيح، وإلا سنصبح تحت رحمة شركة الأسلحة). عندما لم تقبل واشنطن اتجهنا إلى إس-400. 

***

الغريب هو أننا زدنا الأشرار في الداخل والخارج غضبًا على غضب. فقد أدخلنا سفننا إلى البحر المتوسط الذي قالوا لنا بخصوصه: "لا يمكنكم دخوله أبدًا". 

لأن مستقبلنا متعلق باستقلال "وطننا الأزرق". فعلى حدودنا الجنوبية تنظيم إرهابي منحته الولايات المتحدة آلاف الشاحنات المحملة بالأسلحة، كما أن المتوسط يعج بمئتي سفينة حربية أمريكية. 

القول بعدم شراء إس-400 في هذه الظروف والأحوال يعني الرضا بترك بلدنا المحاصر من كافة الجهات، أعزل بلا دفاع.

لا تقتصر التهديدات الأمريكية على مشروع إف-35. فالجمهوريون والديمقراطيون متفقون تمامًا بخصوص فرض عقوبات على تركيا في إطار قانون "CAATSA"، في حال شرائها إس-400. 

باختصار، تقول واشنطن: "إما أن لا تشتروا منظومة الدفاع الجوي وتكونوا عرضة للهجمات، وإما ان ندمر اقتصادكم".

ماذا سنفعل؟

كيف وإلى متى سنستطيع المقاومة مع اقتصادنا الهش أساسًا؟ هل سنتخلى عن المقاومة وعن تركيا الحائزة على الاستقلال الكامل؟

علينا أن نحافظ على تفاؤلنا، العالم وحيد القطب يلفظ أنفاسه الأخيرة. أكبر مؤشر على ذلك هو التقارب الروسي الصيني.

إذا كنا نريد أخذ الموقع اللائق بنا في العالم المتشكل من جديد، يتوجب علينا الخروج منتصرين من معركة الاستقلال الثانية عبر تلاحم الجميع من منطلق أننا "على متن السفينة نفسها".

عن الكاتب

صالح تونا

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس