ترك برس 

نشر موقع ميدل إيست البريطاني، تحليلا للباحث التركي بولنت أراس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سابانجي التركية، تناول فيه خيارات تركيا الحالية في سوريا، في ظل التحديات الخطيرة التي تواجها أنقرة هناك. 

ويذكر أراس في مقدمة تحليله أن تركيا كان لديها ثلاثة مسارات عمل ممكنة كرد على الحرب في سوريا: المشاركة الدبلوماسية، أو العزلة، أو التدخل العسكري.

وأوضح أن أنقرة كانت ترى في البداية جلب رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى طاولة المفاوضات مع المعارضة، وإقناعهم بإيجاد أرضية مشتركة، مع التركيز على الحقوق والحريات وإجراء الانتخابات. لكن النفوذ التركي لم يكن كافيًا لإقناع النظام السوري بتخفيف موقفه من الانتفاضة السلمية.

وأضاف أن النتيجة كانت الانهيار التام للعلاقات الثنائية، بعدها وقفت تركيا إلى جانب المعارضة. ولكن لم يكن هناك في الأيام الأولى ما يشير إلى أن مشاركة تركيا ستتطور إلى تدخل عسكري من خلال الوكلاء والتدخل المباشر، كما حدث في عام 2016.

ورأى أراس أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء اتباع تركيا لمسار استخدام القوة الصلبة في سوريا. أولًا، التدفق الهائل لما يقرب من أربعة ملايين لاجئ إلى تركيا. ثانيًا، تأثير تنظيم "ي ب ك" الذي اتخذ خطوات لإنشاء مناطق حكم ذاتي في المنطقة الحدودية مع إقامته علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة. ثالثًا، ظهور مناطق نفوذ روسية وإيرانية في سوريا.

وأشار إلى أن الوجود التركي في سوريا يهدف لاحتواء تنظيم "ي ب ك" الفرع السوري لتنظيم "بي كي كي" المحظور في تركيا، والقضاء على آخر فلول داعش، ولتثبيت الوضع عبر الحدود. 

ويذكر أراس أن تركيا تابعت هذه الأهداف بالتنسيق مع روسيا، ولكن الاشتباكات الأخيرة مع قوات النظام السوري في إدلب تشير إلى أن التنسيق على الأرض في سوريا هو أمر مستحيل. وعلاوة على ذلك، لم يتحقق حتى الآن تقدم حقيقي في المباحثات بين أنقرة وواشنطن حول إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا. 

ووفقا لأراس، فإنه حان الوقت لكي تفكر تركيا في خارطة طريق للخروج من النزاع السوري، أو التقليل من آثاره، طارحا ثلاث خيارات: 

الخيار الأول هو "عقد صفقة مع الأسد. لكن العقبة الرئيسة أمام هذا الخيار هي معارضة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القوية والثابتة للأسد. وفي المقابل ستدعم الشريحة العلمانية/ القومية القوية في المجتمع التركي مثل هذه الصفقة، وستبرر شراكة أردوغان الاستراتيجية مع روسيا مثل هذا التقارب، بمنطق أنه يخدم مصالح تركيا بشكل أفضل في احتواء ي ب ك."

وعلى ذلك يستبعد أراس هذا الخيار، حيث إن قاعدة دعم أردوغان تكن مشاعر معادية للأسد على نطاق واسع، وسيُنظر إلى هذه الصفقة على أنها تحول في سياسة تركيا الخارجية تجاه سوريا.

الخيار الثاني هو "عقد صفقة مع ي ب ك في سوريا، جنبًا إلى جنب مع عملية سلام داخلية في تركيا، على غرار تلك التي انتهت فجأة في عام 2015. وسيكون هذا إنجازًا، سواء من حيث السياسة الداخلية أو سياسة سوريا، مع إزالة قيود المزيد من العسكرة."

لكن التحديات الرئيسية أمام هذا الخيار تتمثل في الائتلاف القومي المحافظ المتحالف مع أردوغان، وموقف أردوغان المناهض لتنظيم "بي كي كي"، وأجندة "ب ي د" في الحصول على الحكم الذاتي في سوريا.

وأخيرًا، سيكون الخيار الثالث هو حصر التركيز، بمعنى وضع خطط للمناطق الآمنة والتحركات التكتيكية لاحتواء "ب ي د" في شمال سوريا. ويشمل هذا الخيار تشديد الإجراءات على الحدود لوقف التدفق المتزايد للاجئين إلى تركيا، والحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع روسيا في سوريا. 

ورأى أراس أن إيران ستدعم هذا الخيار بسبب غضبها من الجماعات المتربطة بتنظيم "بي كي كي" في المنطقة. 

ويضيف أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تنجح إذا وافقت الولايات المتحدة على خطة لإنشاء منطقة آمنة من شأنها إبقاء "ب ي د" بعيدًا عن الأراضي التركية وتوفير الأمان في سوريا. وسيكون التحدي هو التزام الولايات المتحدة غير الحازم، وانخراط تركيا مع قوات المعارضة، والتقدم العسكري.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!