ترك برس 

حذر مركز أبحاث إسرائيلي من أن ابتعاد تركيا عن الغرب وتوجهها نجو روسيا والصين سيؤثر بالسلب على  المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية في مختلف المجالات، ويمنح الروس أرضا خصبة لتحقيق هدفهم المتمثل في خلق خلاف داخل حلف شمال الأطلسي. 

وتناول تقرير نشره مركز أبحاث الأمن القومي وأعده الدبلوماسي السابق، عوديد عيران، وجاليا ليندنشتراوس، ما اعتبره تحولا في المفهوم الاستراتيجي لتركيا في الآونة الأخيرة، بالتقارب مع كل من روسيا والصين، وهو ما قد يكون مؤشرا على حدوث تغيير طويل وأثار واسعة على  منطقة غرب آسيا - شرق أوروبا وإسرائيل أيضًا.

ويذكر التقرير أن تركيا أظهرت عزلة متزايدة عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في عدد من القضايا الرئيسية، ولا سيما الحصول على نظام الدفاع الجوي الروسي، S-400، على الرغم من معارضة واشنطن وبروكسل.

وأضاف أنه حتى إذا خفت الأزمة الحالية حول S-400، فلن تكون قادرة على إخفاء التراجع الذي حدث في السنوات الأخيرة في وضع تركيا في الولايات المتحدة وأوروبا، ونتيجة لذلك، في داخل حلف الناتو.

ويشير التقرير إلى أن تركيا رغم معارضتها لاستمرار حكم بشار الأسد في سوريا، فإنها خلال سنوات الحرب الأهلية هناك زادت من التعاون مع إيران وروسيا، في إطار عملية أستانا التي تناولت الحرب على داعش، وترتيبات وقف إطلاق النار في الأراضي السورية وصياغة حل سياسي.

وأردف أن الولايات المتحدة وأعضاء الناتو الآخرين أجبروا على قبول التعاون التركي الروسي، كما أجبروا على الإذعان لدعم  دعم تركيا لإيران في الاتفاق النووي، ومساعدة إيران على التعامل مع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وتى استخدام الحدود الطويلة بينهما واستخدام وسائل مثل INSTEX الأوروبية أو العملة الوطنية في التجارة.

وإلى جانب ابتعاد تركيا عن الولايات المتحدة وتقاربها مع محور موسكو - طهران، بدأت العلاقات تتحسن بين تركيا والصين.

ويلفت التقرير في هذا الصدد إلى المقال الذي كتبه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في صجيفة غلوبال تايمز الصينية قبيل زيارته للصين، والذي دعا فيه إلى عالم متعدد الأقطاب وليس عالم القطب الواحد، دون ذكر الولايات المتحدة صراحة، كما تحدى أردوغان أيضًا بوضع تركيا في قلب رؤية الرئيس الصيني "الحزام والطريق". 

واوضح أن هناك اهتماما متزايدا من جانب البلدين بالنهوض بمصالحهما، والتي تنعكس في رؤيتين استراتيجيتين: تطمح الصين إلى تعزيز رؤية الطرق البحرية والبرية إلى أوروبا، بينما تسعى تركيا جاهدة لتعزيز المحور الأوسط.

وقال التقرير إن تصريحات أردوغان وسلوكه في السنوات الأخيرة، تعكس تبلور استراتيجية تركية لتحويل مركز الثقل السياسي، وربما الاقتصادي، والأمني ​​من الشمال الغربي إلى الشمال الشرقي.

وأضاف أن الرئيس التركي ينظر، مثل كثيرين، إلى المنافسة الحالية بين الصين والولايات المتحدة على أنها فرص لتركيا، إذا نجحت في أن تصبح حلقة وصل في الرؤية الاستراتيجية للصين. 

ووفقا للتقرير فإن أردوغان: "يضع بلاده والصين بين الدول التي لا تحصل على الاعتراف والمكانة التي تستحقها في النظام العالمي الحالي الذي تعد الولايات المتحدة وأوروبا نفسهما أولياء لأمره. وعلى  المستوى العملي لا يقطع علاقات بلاده بالولايات المتحدة وأوروبا ويستغل ترددهم في اتخاذ موقف أوضح في مغازلة روسيا والصين.

ورأى التقرير أن: "خروج تركيا من دائرة النفوذ الغربي إذا حدث، فسيكون إنجازًا استراتيجيًا مهمًا لروسيا، يتحقق بسهولة نسبية واستثمار متواضع. وتعتمد قدرة الدول الغربية على مغادرة تركيا في دائرة نفوذها أيضًا على المرونة التي يمكن أن تقدمها للمحاولات التركية لصياغة سياسة خارجية مستقلة".

وفيما يتعلق بتأثير التغيير الاستراتيجي لوجهة تركيا في إسرائيل، قال التقرير إن اعتبارات إسرائيل معقدة.

وبيّن أن نظام أردوغان تحدى إسرائيل على مدى العقد الماضي، ودعم حماس، وساعد المنظمات العاملة في القدس الشرقية التي تحرض على الوضع في المسجد الأقصى، ومنع النشاط الإسرائيلي في الناتو لمدة طويلة. 

وأضاف أن إمكانية تدخل الصين و/ أو روسيا في شرق البحر المتوسط​، مستفيدة من ضعف أوروبا والولايات المتحدة في المنطقة، ستخلق مخاطر لجيران تركيا، ومن بينها إسرائيل. 

وأردف أن التحول التركي إلى الشرق هو تغيير تكتوني قد يؤثر سلبًا على المصالح الاستراتيجية للإسرائيليين في مختلف المجالات، بما في ذلك الطاقة، والطيران المدني والتجارة، ومن ثم فإن على إسرائيل أن تولي مزيدا من الاهتمام لهذه القصايا، وكذلك لإمكانية زيادة الوجود الصيني أو الروسي في شرق البحر المتوسط.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!