فرج كُندي - خاص ترك برس

تقديم الدستور وإعلان استقلال ليبيا

شرع  العمل في الجمعية التأسيسية، وتم تشكيل لجنة ذات طبيعة خاصة وعاجلة سميت "لجنة الدستور ووضع نصوصه" التي عكفت على إعداد النصوص وإرسالها تباعًا إلى المجلس الاستشاري لمناقشتها أولًا بأول إلى حين أوشكت الجمعية التأسيسية على الانتهاء من إعداد الدستور، اقترح مندوب الامم المتحدة تشكيل لجنة من ممثلي الأقاليم الثلاث "برقة، وطرابلس، وفزان" وممثلين من دول الوصاية (فرنسا وبريطانيا) تتولى مباشرة نقل السلطات إلى حكومة ليبية مؤقتة وترأس اللجنة المندوب الأممي، وتقرر في آذار/ مارس 1951 ميلادي تعيين الحكومة المؤقتة.

واصلت الجمعية التأسيسية عملها في طرابلس في أثناء اجتماعات المجلس الاستشاري بجنيف لاستكمال وضع مواد الدستور. استغرق مدة الشهرين كانت خلالها الجمعية التأسيسية قد فرغت من وضع الدستور في تشرين الأول/ أكتوبر 1951 ميلادي ثم انتقل الأعضاء إلى برقة لتقديم الدستور بصورته النهائية للأمير -  الملك - إدريس السنوسي في السابع من أكتوبر سنة 1951 الذي صار يوما وطنيا يحتفل به واعتبر من أيام الأعياد الوطنية الليبية.

إعلان الاستقلال

مع بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر1951 ميلادي، بدأ التحضير لإعلان استقلال ليبيا، وشرع التكثيف في اجتماعات لجنة التنسيق التي تم تكليفها بنقل السلطات لليبيين.

وخلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 1951 ميلادي، عقد أعضاء المجلس الاستشاري العديد من الاجتماعات المطولة مع أعضاء الحكومة المؤقتة ولجنة التنسيق لحلحلة بعض المشاكل التي تعترض السير قدما في تحقيق الاستقلال الفعلي والتي تعترض طريق عملية سير الحكومة؛ منها توفير اعتمادات لميزانية الدولة الناشئة وسك العملة الوطنية وتوفير غطاء مالي لها، إذ لم تكن ليبيا تمتلك أي موارد مالية تغطي المتطلبات الأساسية لاحتياجات الدولة.

وإزاء ذلك قررت الحكومة المؤقتة برئاسة محمود المنتصر فتح مفاوضات مع ممثلي فرنسا وبريطانيا وأمريكا للحصول على مساعدات مالية مقابل تسهيلات عسكرية؛ على أن تكون هذه الاتفاقية مؤقتة لا تتجاوز صلاحياتها ستة أشهر أو سنة على أكثر تقدير، وبعد إعلان الاستقلال يعاد النظر في الاتفاقيات إما بالإلغاء أو التمديد.

في ليلة 24 ديسمبر 1951 ميلادي، اجتمعت الحكومة المؤقتة وكبار الموظفين والأعيان وممثلو الأمم المتحدة والدول الأجنبية، وفي يوم 24 ديسمبر وسط حشود غفيرة توافدت على مدينة بنغازي من كافة أرجاء ليبيا أعلن "الملك محمد إدريس السنوسي" استقلال ليبيا والقى كلمته التاريخية (يسرنا أن نعلن للأمة الليبية الكريمة أنه نتيجة لجهودها وتنفيذا لقرار هيئة الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949 ميلادي قد تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة وأننا لنبتهل إلى المولى عز وجل بخالص الشكر وأجمل الحمد على نعمائه ونوجه إلى الأمة الليبية أخلص التهاني بمناسبة هذا الحدث التاريخي السعيد. ونعلن رسميا أن ليبيا منذ اليوم أصبحت دولة مستقلة ذات سيادة ونتخذ لنفسنا من الآن فصاعدا نزولا على قرار الجمعية الوطنية الليبية الصادر في 2 ديسمبر 1950 ميلادي لقب "صاحب الجلالة ملك المملكة الليبية المتحدة".

ونشعر أيضا بأعظم الاغتباط لبداية العمل منذ الآن "بدستور" البلاد كما وضعته وأصدرته الجمعية الوطنية في 6 من محرم 1370 هجرية الموافق 7 من أكتوبر سنة 1951 ميلادية، وإنه لمن أعز أمانينا، كما تعرفون، أن تحيا البلاد حياة دستورية صحيحة، وسنمارس من اليوم سلطاتنا وفقا لأحكام هذا الدستور.

ونحن نعاهد الله والوطن في هذه الفترة الخطيرة التي تجتازها البلاد أن نبذل كل جهد بما يعود بالمصلحة والرفاهية لشعبنا الكريم حتى تتحقق أهدافنا السامية وتتبوأ بلادنا العزيزة المكان اللائق بها بين الأمم الحرة.

وعلينا جميعا أن نحتفظ بما كسبناه بثمن غال وأن ننقله بكل حرص وأمانة إلى أجيالنا القادمة. وإننا في هذه الساعة المباركة نذكر أبطالنا ونستمطر شآبيب الرحمة والرضوان على أرواح شهدائنا الأبرار ونحيي العلم المقدس رمز الجهاد والاتحاد وتراث الأجداد. راجين أن يكون العهد الجديد الذي يبدأ اليوم عهد خير وسلام للبلاد ونطلب من الله أن يعيننا على ذلك ويمنحنا التوفيق والسداد إنه خير معين).

واستمرت الاحتفالات وعمت الفرحة جميع مدن ليبيا وقراها بذلك الحدث السعيد، وصار يوم 24 ديسمبر عطلة رسمية يحتفل به في كل سنة احتفالا رسميا وسمي عيد الاستقلال.

----------------------------------------------------------

•    من مذكرات الاستاذ محمد عثمان الصيد* رئيس وزراء ليبيا في العهد الملكي * بتصرف *.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس