ترك برس

رأى المحلل الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن المؤشرات الاقتصادية الكلية لتركيا تشهد تحسنًا على مدار الأشهر الستة الأولى من عام 2019، وقدم مقترحات لضمان استمرار هذا التحسن.

وفي مقال بصحيفة العربي الجديد، قال الصاوي "حتى يستمر هذا التحسن، وتتجاوز تركيا أزمتها الاقتصادية، من حيث معدلات النمو الاقتصادي، وكذلك استكمال مشروعاتها التنموية الكبرى، فلا بد أن تستكمل حزمة الإصلاح من خلال المقترحات الآتية: 

** بلا شك أن تراجع معدلات الواردات السلعية، كان عاملًا مهمًا لتخفيض العجز التجاري، ولكن ذلك يتطلب تركيز صانع السياسة الاقتصادية على أن يجتهد في تدبير مستلزمات الإنتاج بشكل كبير من خلال السوق المحلية، لكي تزيد القيمة المضافة من جهة، وكذلك تخفيف العبء عن كاهل ميزان المدفوعات، والطلب على العملات الأجنبية. ولن يتوقف الأمر على هذا فقط، بل إن زيادة الاعتماد على مستلزمات الإنتاج المحلية ستؤدي كذلك إلى زيادة الطلب على العملة. 

** العمل على ضبط المضاربات بأسواق الصرف والبورصة داخليًا، لأنه خلال فترة الأزمة في الأشهر الأخيرة من عام 2018، كانت هناك سوق رائجة للمضاربة على العملة المحلية، وكذلك داخل البورصة، وقد تسبب ذلك بالفعل في خسائر غير منطقية للاقتصاد التركي، دفع ثمنها المواطن البسيط، وكذلك تأثرت شعبية الحكومة التركية بشكل سلبي، وظهر ذلك بشكل واضح في انتخابات البلديات في مارس/ آذار 2019، وإن كان حزب العدالة والتنمية الحاكم استحوذ على 52% من البلديات، إلا أنه خسر نحو 5 بلديات كبرى من إجمالي البلديات السبع الكبرى في تركيا. 

كما نجحت السياسة الاقتصادية في النهوض بالمؤشرات الاقتصادية الكلية ووجود تحسن ملحوظ، إلا أنها مطالبة كذلك بالعمل على تحقيق حالة من السيطرة على المديونية الخارجية، وبخاصة تلك المتعلقة بالقطاع الخاص، ولا يعني ذلك شل حركة التمويل الخارجي للقطاع الخاص، ولكن مطلوب إدارتها بشكل يساعد على عدم وجود أزمة في الالتزامات الخارجية، وإرباك سعر الصرف. 

ومن المؤكد أن الحكومة التركية مطالبة كذلك بالتوسع في اتجاهها نحو التمويل بالمشاركة (التمويل الإسلامي)، كبديل عن التمويل عبر الديون، سواء في ما يتعلق بالتمويل الحكومي أو القطاع الخاص، وأمام الحكومة التركية فرصة كبيرة في الاستفادة من حالة التعاطف الخارجي معها، ويمكنها تدبير تمويل عبر آليات التمويل الإسلامي بشكل أفضل من الأسواق الخارجية.

وبلا شك أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، وتواجه تركيا العديد من التحديات على الصعيد السياسي الخارجي، سواء في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية أو الدولية، ولكن على الحكومة أن تدير ملفاتها السياسية الخارجية، بما لا يؤدي إلى آثار سلبية على مقدرات الاقتصاد. 

فثمة حالة نجاح تحققت في إدارة الحكومة لأزمة منظومة الدفاع الروسية، والتي كان يتوقع لها أن تكون أزمة كبيرة مع الإدارة الأميركية، كالتي حدثت في 2018 بشأن القس الأميركي، ولكن مرت أزمة استيراد تركيا للأجزاء الأولى من منظومة الدفاع الروسية دون أن يكون لها أثر سلبي على سعر الصرف، وبالتالي على باقي المؤشرات الاقتصادية. وينبغي أن تراعى هذه السياسة الناجحة في باقي الملفات. 

تبقى الإشارة إلى أمر مهم وهو أن تركيا استطاعت أن تحقق تحسنًا في مؤشراتها الاقتصادية من خلال حزمة من السياسات دون الارتباط بالأفراد، وكذلك جرأة اتخاذ القرار المتعلق بالجوانب الاقتصادية كما حدث في شأن عزل محافظ البنك المركزي التركي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!