سركان دميرطاش - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

أصبح من الواضح تمامًا أن نتائج الانتخابات العامة في بريطانيا ستترتب عليها عواقب وانعكاسات هائلة خارج البلاد، وخاصة في أوروبا.

بادئ ذي بدء، تتماشى نتائج الانتخابات البريطانية مع الاتجاهات الحديثة في بقية العالم، حيث يشهد العالم صعود الزعماء الشعبويين.

كما أن فوز المحافظين الساحق في مواجهة نكسة تاريخية لحزب العمال يكشف لنا السياسة البريطانية وتغير السوسيولوجيا البريطانية. يبدو أنه من الصعب على العماليين في بريطانيا عكس الاتجاه المحافظ في الفترة المقبلة ما لم يعدلوا سياساتهم تحت قيادة جديدة.

الأمر الثاني حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هو أن النصر الساحق الذي ضمن لبوريس جونسون أغلبية مريحة في مجلس العموم يعني أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المؤجل مرتين سوف يتم في 31 كانون الثاني/ يناير 2020.

على أن مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون لها تحديات متعددة الأبعاد تواجه حكومة جونسون. فبعد زيادة تمثيله في وستمنستر أربع مرات تقريبًا، سيضغط الحزب الوطني الأسكتلندي (NSP) على جونسون لإجراء استفتاء آخر حول الاستقلال.

سيتعين على رئيس الوزراء البريطاني أيضًا معالجة المخاوف والأضرار المحتملة التي ستلحق بالشركات البريطانية، في الوقت الذي يجب عليه الاستعداد لمفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبي من أجل مستقبل العلاقة بين بروكسل ولندن.

بالنسبة للسلطات البريطانية، لن يغير البريكسيت دور بريطانيا ووزنها على الساحة العالمية؛ فهي ما  تزال إحدى الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي دولة نووية تمتلك قوة عسكرية قوية في الناتو. ومع ذلك، يشير كثير من الخبراء إلى أن البريكسيت سيؤدي إلى ضعف كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي. 

لا مفر أمام لندن سوى الدخول في تحالف آخر مع واشنطن، لكن الكثيرين يحثون جونسون على بحث طبيعة هذه الشراكة الجديدة. وستواصل لندن إحياء الكومنولث والبحث عن تحالفات جديدة في مختلف أنحاء العالم.

ستكون تركيا واحدة من هؤلاء الحلفاء الجدد لبريطانيا في عصر ما بعد البريكسيت. تتمتع هاتان الدولتان غير العضوين في الاتحاد الأوروبي بعلاقات جيدة وحوار سليم، وستنشئان إطارا سياسيا جديدا.

بنفس القدر من الأهمية، يجب على تركيا والولايات المتحدة إعطاء الأولوية لكيفية مواصلة التجارة والاستثمارات التجارية في فترة ما بعد البريكسيت. كانت هناك بعض المحادثات غير الرسمية لتوسيع نطاق التجارة الثنائية وللتعامل مع مشاكل الأتراك في بريطانيا والبريطانيين في تركيا في فترة ما بعد البريكسيت. 

ولكن بعيدا عن هذه المسائل الثنائية، فإن مرحلة ما بعد البريكسيت تتوافق بشكل كبير مع فترة تبحث فيها كل من أنقرة ولندن الآن عن كيفية صياغة علاقاتهما مع أوروبا في ظل الظروف المتغيرة. ستزيد البريكسيت من قوة فرنسا وألمانيا كقوتين أوروبيتين بارزتين، وستبدأ فترة جديدة للاتحاد الأوروبي. ومن المشكوك فيه إلى أي مدى ستؤدي هذه الفترة الجديدة إلى المصالحة بين أنقرة وبروكسل.

ومن ثم ففي بيئة أوروبية أكثر تعقيدًا، ستكون كل من تركيا وبريطانيا أكثر اهتمامًا بالعديد من القضايا الإقليمية والمتعلقة بالأمن. من الممكن أن يبرز تنسيق جديد رباعي الاتجاه يجمع تركيا والولايات المتحدة مع فرنسا وألمانيا لمناقشة سوريا والصراعات الإقليمية الأخرى تحت هذا العنوان.

سيجتمع قادة من أربع دول في إسطنبول في شباط/ فبراير 2020 وسيكون ذلك أحد الاجتماعات الدولية الأولى التي سيحضرها بوريس جونسون بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير.

وكما رأينا، فإن الانتخابات التاريخية في بريطانيا أمنت البريكسيت، ولكن ما يزال هناك كثير من الأسئلة العالقة. من المنظور التركي، سيكون من الجيد التوافق مع لندن بشأن كثيرمن القضايا، لكن هذا لا يمكن أن يعطي الانطباع بأنها تتخلى تمامًا عن عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. يجب أن تستمر تركيا في اعتبار أوروبا ككل وعضوية الاتحاد الأوروبي هدفها الاستراتيجي الرئيسي.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس