ترك برس

قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده لن تتردد في تلقين زعيم الميليشيات في ليبيا الإنقلابي خليفة حفتر، الدرس اللازم "في حال واصل اعتدائه على أشقائنا الليبيين والحكومة الشرعية للبلاد".

جاء ذلك على خلفية رفض حفتر التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا، خلال محادثات جرت الإثنين في العاصمة الروسية موسكو، برعاية تركيا وروسيا.

وذكرت تقارير إعلامية أن أحد أسباب مغادرة حفتر لموسكو دون توقيع هو اعتباره أن الاتفاق يعني الاعتراف بالحكومة، وذلك سيخدم السياسة التركية، وسيمنح الاتفاقية بينها وبين "الوفاق" شرعية، وهو ما يرفضه حفتر.

مراقبون للمحادثات التي تمت في موسكو أشاروا إلى أن موقف حفتر قد يضغط على حكومة أنقرة، كونه يتحجج بها وبتدخلاتها في الشأن الليبي، ما قد يدفع المجتمع الدولي لإبعاد تركيا عن أي محادثات مستقبلية بين "السراج وحفتر"، وفق تصوراتهم.

من جهة أخرى، قد تستغل أنقرة الأمر في ممارسة ضغوط أكثر على معسكر الجنرال الليبي. وفق تقرير لصحيفة "عربي21".

عن عضو مجلس الدولة الليبي إبراهيم صهد، قال إن عدم توقيع حفتر لم يكن مستغربا؛ كون موقفه هو استمرار الحرب، لكن المستغرب هو "رفضه للتوقيع على وثيقة شاركت روسيا، أحد حلفائه، في صياغتها، والأشد غرابة أن رد فعل موسكو لم يكن متناسبا مع ما أحدثه حفتر من تخريب مبادرتها مع تركيا".

وأكد، وفق "عربي21"، أن انسحاب حفتر "سيضع تركيا أمام مسؤولياتها بموجب مذكرة التفاهم الأخيرة، ودعمها لحكومة الوفاق حال تعنته، لكن في ظل استمرار سياسة الاسترضاء من قبل المجتمع الدولي، فإن هذا الاسترخاء قد يأخذ أشكالا متعددة وسيؤثر سلبا على مؤتمر برلين".

ورأى الضابط الليبي ومساعد الحاكم العسكري في بنغازي سابقا، العقيد سعيد الفارسي، أن موقف حفتر "سيكون له تأثير سلبي بعض الشيء على تركيا، ومن ثم سوف يحاول المجتمع الدولي إبعاد أنقرة عن الملف الليبي أو المفاوضات المتوقعة قريبا، لكن أعتقد أن تركيا ستفرض نفسها وتتواجد بالقوة خاصة بعد الاتفاقية الأخيرة مع حكومة الوفاق".

وأوضح أن "الدول الداعمة لحفتر إقليميا ستقاتل من أجل الضغط وإبعاد تركيا من المشهد الليبي، خاصة مصر والإمارات والأردن".

بدوره، أوضح عضو المؤتمر الوطني العام السابق، عبدالرحمن الديباني، أن "تركيا موجودة بقوة في الملف الليبي، وهي لم تتحرك من تلقاء نفسها، "لذا ستشارك في أي تسوية قادمة، شأنها شأن باقي الدول، بل ستكون مشاركة بقوة كونها تكاد تكون الممسكة وحدها بملف ليبيا الآن".

وبخصوص تأثير موقف حفتر على دور أنقرة، قال: "ما فعله حفتر سيكون له تأثير سلبي، لكن ليس على تركيا فقط، بل يمتد أيضا إلى روسيا، أحد داعميه، لكن تظل تركيا تفرض نفسها بعدما نجحت في عمل توازن عسكري وسياسي ومنعت طرابلس من السقوط في يد هذا الجنرال وقواته".

الكاتب السياسي الليبي المراقب لمحادثات موسكو، فرج فركاش، أوضح أن "رفض الوجود التركي لم يكن من قبل حفتر الذي رضخ لهدنة جاءت من قبل الرئيسين "أردوغان وبوتين"، لكن الرفض جاء من أصوات موالية للإمارات مثل العارف النايض، ومن بعض أنصار النظام السابق الذي وجدوا أنفسهم فجأة خارج اللعبة".

وأضاف: "الرفض جاء من المعسكر المناهض للتدخل التركي والمتمثل في النظام المصري والإماراتي، وهو في الواقع لا يؤثر كثيرا في المشهد، بل ربما ينقلب على حفتر وداعميه، ويظهر الأخير في موقف ضعف، وأن القرار ليس بيديه، وبتصرفه هذا أحرج نفسه وروسيا وقادتها".

في سياق متصل، رأى وزير العمل الليبي السابق، محمد بلخير أن "الاتفاق على هدنة محددة بوقت معين بين قوتين مثل تركيا وروسيا هي بمثابة إبعاد "موسكو" عن دعم "حفتر" مع ضمان مجموعة مصالحها في ليبيا، مقابل تقديم بعض التنازلات التركية لروسيا في "ادلب" مع المحافظة على المصالح التركية، أي عملية لتبادل الأوراق".

وقال عضو المؤتمر الوطني الليبي السابق، عبد الرحمن الديباني إن "الهدنة "الروسية- التركية" هي نتاج حلول "ترقيعية" للحالة الليبية وأنها جاءت متأخرة جدا، ونتيجة تفاقمات وتداعيات الانهيار لاتفاق الصخيرات الموقع في عام 2015، حيث بدأت عملية الانهيار السياسي المتدحرج منذ توقيعه".

بدروه، توقع الكاتب السياسي الليبي المقيم في ولاية "تكساس" الأميركية، محمد بويصير أن "يحاول "حفتر" المناورة في مساحة رمادية تحاول مصر وفرنسا خلقها له، خاصة أن قبوله للهدنة مباشرة سيتسبب في حدوث انشقاقات في صفوفه، ناهيك أن الأمر سيعني إيقاف مشروعه العسكري".

الباحث التونسي في العلاقات الدولية، نزار مكني أشار إلى أنه "من الممكن أن تنفذ الهدنة في حالة استجاب الجنرال حفتر لها دون مراوغة، أما إصراره على الحسم في معركة "طرابلس" سيؤثر على كل الجهود الدولية الساعية لحل سياسي، ومن ثم تتوسع المعارك وتؤثر بالفعل على الجوار التونسي والجزائري وباقي الدول المتاخمة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!