أردان زنتورك/ ترجمة وتحرير ترك برس

لا يمكنني أن أتكلم عن الفكرة التي أريد دون أن أعرج على ذكر خبر قديم نشرته صحيفة "هآرتس" التي تحترم الإعلام، فقد علت حافلات النقل العامة في مدينة "آلاشهر" أو كما كانت تسمى قديما "فيلادلفيا" في أمريكا بوسترات يظهر فيها هتلر بصحبة مفتي القدس في ذلك الحين "الحسيني" وبجانبها عبارات: "بغض الإسلام لليهود" مكتوب في القرآن، ثلثا المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة الأميركية تذهب لمساعدة المسلمين، أوقفوا الكراهية وأوقفوا المساعدة.

يمثّل هؤلاء فرعاً متعصباً من الجالية اليهودية التي تقطن أمريكا، وليس هذا هو اللافت للنظر بل الملفت في الأمر هو أن الإدارة العامة في مدينة آلاشهر الأميركية لم تجد أي مانع في تعليق مثل هذا الملصق، وبل ورأت فيه على ما يبدو "حرية تعبير"، ولم تلجأ إلى المحاكم لمعاقبة من وضعه بل أعلنت عن عدم تهاونها مع من يتهجم عليه.

ولا يخفى علينا اليوم ما يمكن أن تؤول إليه الأمور إذا ما قامت مؤسسة مدنية مسلمة بوضعه  ليراه العامة ولو احتوى على عبارت أكثر لطافة.

إن الازدواجية في المعايير واستعمال كلمات تحثّ على الكراهية والبغض هي التي تستدرج الشرق الأوسط رويدا رويدا إلى "حرب كبيرة".

وإنّ عداء السامية أو عداء اليهودية ليس مفهوما أوجده المسلمون، فالمسيحيون لا يحبون هؤلاء اللذين صلبوا نبيهم، وما كان للمسلمين عليهم أيّ شيء لو أنّهم لم يأتوا ويؤسسوا دولة لهم في قلب الشرق الأوسط متسببين بالكثير من اللآلام والمآسي، وأي قضية كانت ستشغلهم عن إسرائيل لولا ذلك؟ إذا ما حاولنا شرح هذه الحقيقة إلى الأميركي الذي يعيش في مدينة آلاشهر هل سيفهم يا ترى؟

تأويلات الجهلة

فلنترك الجهالة في أمريكا ولنعد إلى أنفسنا، هناك من وصف الموقف الذي اتخذته تركيا في دعم التحالف الذي قادته السعودية بالتعاون مع مصر بأنه "انكسار في التفكير"، وقالوا: "إنّ تركيا التي نادت بدكتاتورية السيسي تتواجد اليوم معه في تحالف واحد، إن في هذا إفلاس كبير في السياسة الخارجية."

ليس كذلك، فلنشرح هذه المسألة باختصار: إن العملية التي تتزعمها السعودية وتشارك فيها مصر في اليمن ما هي إلا نقطة تحول كبرى لنفس الفريق الذي دعم حتى الحوثيين الذين هم أقلية شيعية وحاول إسكات الإخوان المسلمين في الربيع العربي.

وها هو الجيش المصري يخوض عملية تحي الإخوان في اليمن الذين سحقتهم على أرضها.

وعندما رأت دول الخليج انتشار المد الإيراني الذي حاول سحق مطالب الديمقراطية للشعب العربي أدركت أنه لا بد من التحرك، وقريبا سنرى تطورات مشابهة في سوريا والعراق. (ومن المهم هنا الإشارة إلى اشتراك لواءين تركمانيين مجهزين بشكل جيد في السيطرة على مدينة إدلب السورية إلى جانب قوات المعارضة السورية المختلفة.)

والخطأ الآخر، أن يُتناول الموضوع وكأنه نزاع سني- شيعي، إن قرار اتحاد القوى العسكرية العربية هو إشارة لكيان جديد ضد الحملة التي تقوم بها إيران مستخدمة مذهبها الشيعي في خدمة غرضها هذا. (وليعلم هؤلاء الذين ينتفضون خائفين عند كل خطوة تتخذ ليقولوا إنها بوادر إمبراطورية عثمانية جديدة، أين هم من الذين يجوبون حولنا لتأسيس إمبراطورية فارسية جديدة؟).

ليست إيران وحدها من انزعجت من هذا التحالف الجديد بل إسرائيل أيضا، ستكون التحولات التي ستشهدها المنطقة كبيرة للغاية على صعيد مثلث القومية: العرب – العجم – والصهاينة، أين تركيا من هذه المعادلة، وتركيا البلد الوحيد الذي يقف مع الديمقراطية.

إنه ظلم كبير قراءة أو الإصغاء إلى ما يكتب في الصحف ويُقال على شاشات التلفاز، فها هو زعيم المعارضة كلتشدار أوغلو لا يفتأ يقول إنه عندما يأتي إلى الحكم سيصلح العلاقات مع ليبيا وسوريا والعراق ولكنه لا يقول مع أية حكومة سيفعل ذلك؟ ولم سيقول فليس هنك من يسأل عن ذلك.

إن الجهل يبعث على السأم والملل.

عن الكاتب

أردان زنتورك

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس