سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

ماذا يعني التّفاهم النّووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بالنّسبة لتركيا؟

للوهلة الأولى نجد أنّ هناك العديد من الانعكاسات الإيجابية لهذا التّفاهم على تركيا. فإذا ما أردنا أن نختصر هذه الانعكاسات، يمكننا أن نجملها فيما يلي:

1 – إنّ احتمال امتلاك إيران للسّلاح النّووي كان يشكّل مصدر قلق بالنّسبة لتركيا على مرّ السّنين. فقد كان لامتلاك إيران السّلاح النووي مردود سلبي على أمن تركيا واستقرار منطقة الشّرق الأوسط برمّتها. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ امتلاك القيادة الإيراني في طهران للسلاح النّووي، كان سيخوّلها بسط سيطرتها السياسية على منطقة الشّرق الأوسط. ولذلك فإنّ عدم امتلاك إيران للسلاح النّووي سوف يزيل كلّ هذه الاحتمالات السلبية.

2 – الوصول إلى تفاهم بشأن المفاعلات النّووية الإيرانية مع الولايات المتحدة الأمريكية، سيؤدّي بطبيعة الحال إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على هذه الدّولة من قِبل العديد من الدّول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي سيؤدّي إلى فتح باب التّبادلات التّجارية على مصراعيها بين تركيا وإيران على اعتبار أنّ الدّولتان تربطهما ببعض مساحة حدودية لا يستهان بها.

3 – في حال تمّ تطبيق النّصوص التي تمّ الاتفاق عليها بين الأطراف حول امتناع إيران من امتلاك السّلاح النّووي، فإنّ هذا سيعتبر نصراً للدّبلوماسية العالمية. وإنّ تركيا ستنال نصيبها من هذا النّصر، على اعتبار أنّ تركيا لعبت دور الوسيط فيما سبق بين الأطراف المتفاوضة.

الانعكاسات السلبية

كما أنّ لهذا التّفاهم انعكاسات إيجابية بالنّسبة لتركيا، فإنّ هناك بعض الانعكاسات السلبية التي لا يمكننا أن نتغاضى عن رؤيتها. فمن هذه الانعكاسات السلبية ما يلي:

1 – لا يمكن لأحد أن ينكر بأنّ العلاقات التركية الإيرانية يغلب عليها طابع المنافسة منذ زمن طويل. فمن المعروف أنّ سياسات هاتين الدّولتين تتعارضان في بعض الأحيان حول مسائل معيّنة، ما يؤدّي ذلك التّعارض إلى احتقانٍ سياسي ودبلوماسي بين البلدين. فبعد هذه الاتفاقية، ستعمل إيران على تحسين علاقاتها مع العالم الخارخي وخاصّة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وستعمل كذلك على جلب مؤيّدين جدد لسياساتها التي تتبعها في منطقة الشّرق الأوسط. وبالتّالي فإنّ تركيا ستنافس إيران التي ستتحرّر من قيودها والتي ستكون لها كلمة قوية في المنطقة.

2 – الكل يعلم أنّ السياسات التركية والإيرانية حيال الأزمات التي تجري في سوريا والعراق واليمن، كانت متناقضة تماماً خلال الفترة الأخيرة. ومع بدء المرحلة السياسية الجدية بعد الوصول إلى اتفاقٍ بشأن الطّاقة النووية الإيرانية، لا بدّ أن نطرح السّؤال التّالي:

كيف سيكون منحى السياسات الإيرانية تجاه قضايا المنطقة؟ هل ستعمل إيران على تغيير سياساتها بحيث تتبع سياسة الّلين حول قضايا المنطقة؟ أم ستصعّد من سياساتها التّفرّدية خاصّة بعد أنّ تحصل على الثّقة الدّولية التي ستنتج عن الاتفاقية النووية؟. هذا ما سنراه خلال الأيام القادمة. فالسياسات الإيرانية المُنتظرة تجاه قضايا المنطقة عقب توقيع هذه الاتفاقية، ستنعكس بشكلٍ مباشر على العلاقات التركية الإيرانية.

3 – على الرّغم من أنّ رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران سوف يزيد من حجم التّبادلات التّجارية بين البلدين، إلّا أنّ ذلك سيؤدّي بطبيعة الحال إلى رفع مستوى التّنافس بينهما. فمنذ اللحظة الأولى من إعلان التّوصّل إلى اتفاق مع إيران، رأينا كيف أنّ كُبرى الشّركات العالمية بدأت تطلق تصريحاتها وتبدي رغبتها في عقد مشاريع استثمارية في إيران.

4 – لقد ذكر بعض المحلّلين السياسيّين بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية يمكن لها أن تغيّر من استراتيجيتها تجاه دول المنطقة، بحيث تعوّل على إيران وتجعلها حليفة لها من الدّرجة الأولى مع مرور الزّمن. في الحقيقة إنّ الحديث عن هذا الاحتمال سابق لاوانه، لكن على القيادة التركية أن تفكّر بذلك منذ الآن.

الميّزات التركية:

وعلى الرّغم من كلّ ما ذكرناه من احتمالات الانعكاسات السلبية لهذه الاتفاقية بالنسبة لتركيا، فإنّ تركيا تتمتّع بميزاتٍ تجعلها تتفوّق على إيران في المنطقة والتّحالفات التي من المحتمل أن تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية والدّول الغربية إعادة برمجتها. فعلى سبيل المثال. إنّ من بين الميّزات التي تتمتّع بها تركيا، أنّها عضوة في حلف شمال الأطلسي (NATO) ولديها ملف مفتوح مع الاتحاد الأوروبي بخصوص العضوية الكاملة، بالإضافة إلى أنّ تركيا تعتبر من الدّول التي قطعت شوطاً كبيراً في طريق الدّيمقراطية. كما يجب علينا أن لا ننسى أنّ تركية عضوة أساسية في مجموعة الدّول العشرين الاقتصادية. وهذا يشكّل عاملاً أساسيّاً من عوامل التّفوّق التركي على إيران.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس