محمود الرنتيسي - مركز الجزيرة للدراسات
مقدمة
يحظى كلٌّ من تركيا وإيران بمكانتين إقليميتين كبيرتين، وتمتد انعكاسات العلاقة بينهما إلى معظم دول المنطقة، وبالنظر إلى التطورات التي حدثت في المنطقة خلال السنوات الأخيرة فإن حدود التنافس الذي يحكم العلاقة بين البلدين كان متركزًا في ما يجري في سوريا والعراق بشكل خاصٍّ، وإن كانت هناك أدوار متفاوتة لكل منهما في بلدان مثل: اليمن، ولبنان، والبحرين، ومصر، ودول شرق إفريقيا.
ومع الخطوات التي قامت بها جماعة الحوثي في اليمن؛ التي تربطها علاقات قوية مع إيران، اتجهت الأنظار إلى مواقف الدولتين؛ خاصة مع تقارب تركيا والسعودية خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
سياق الموقف التركي
بعد ساعات قليلة من الإعلان عن انطلاق عملية "عاصفة الحزم"؛ التي شنَّتها عشر دول بقيادة المملكة العربية السعودية منتصف ليلة 26 من مارس/آذار 2015 على مواقع ونقاط استراتيجية يمنية تقع تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح؛ حتى أعلنت تركيا دعمها للعملية العسكرية التي جاءت بطلب من الرئيس هادي.
وقد بررت تركيا موقفها بأن الحوثيين رفضوا جميع الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها في اليمن؛ بما فيها قرارات مجلس الأمن، وقاموا بتحركات عسكرية للسيطرة على مدينة عدن مؤخَّرًا، وأن هذه التطورات أضرَّت بعملية الانتقال السياسي في اليمن، وشكَّلت تهديدًا خطيرًا ليس على اليمن فحسب؛ بل على الأمن والاستقرار والسلم الدولي أيضًا(1).
ويأتي الموقف التركي الحالي منسجمًا مع التطورات الإيجابية في العلاقة مع السعودية بعد مشاركة أردوغان في جنازة الملك الراحل، ولقائه مع الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز في مطلع مارس/آذار 2015، ثم الحديث عن احتمالات تطور العلاقات في القضايا ذات التوجه المشترك أو التهديد المشترك بعبارة أخرى؛ التي يبدو أن أولها يأتي في مواجهة النفوذ الإيراني؛ الذي توسَّع مؤخَّرًا عبر وكلائه في كلٍّ من العراق وسوريا واليمن(2).
ومما يدل على أن العلاقات بين الرياض وأنقرة قد تحسَّنت نسبيًّا إبلاغ السعودية لتركيا بالعملية سابقًا قبل التنفيذ، ومناقشة الملك للتطورات مع أردوغان هاتفيًّا، فضلاً عن إفصاح وزير الخارجية التركي عن وجود تنسيق مع مسؤولين سعوديين بشأن المستجدات في الساحة اليمنية، ويبدو أن التنسيق سيقود إلى مزيد من التفاهم بين البلدين.
يُعتقد أن هناك دوافع أساسية لهذا الموقف التركي؛ منها ما يلي:
1- الاستياء الكبير من الدور الإيراني المتزايد في المنطقة العربية بشكل عامٍّ.
2- الرغبة في تطوير العلاقات مع المملكة العربية السعودية؛ التي أثبتت قدرتها على التأثير في مجريات الأحداث في المنطقة في الفترة السابقة.
3- الرغبة في تأدية دور دولي أكثر في ظلِّ تراجع الدور الأميركي في المنطقة، والتأثير في التوازنات الإقليمية، ووجود تخوُّف من مرحلة ما بعد حصول اتفاق حول المشروع النووي الإيراني.
4- الرغبة في تحريك الأمور بعد حدوث انسداد في بعض القضايا التي دعمتها تركيا في كلٍّ من مصر وليبيا وسوريا.
5- الرغبة في الحدِّ من نفوذ الفاعلين الدوليين من غير الدول (non-state actors)، ومواجهة دعوات الانفصال والتجزئة التي تعصف بالمنطقة، ولتركيا في هذا تجربة مريرة مع حزب العمال الكردستاني.
عاصفة الحزم والعلاقات التركية-الإيرانية
لم تكتفِ تركيا بدعم السعودية قائدًا لعملية عاصفة الحزم؛ التي يعتقد أنها مواجهة مع إيران قبل أن تكون مواجهة مع ميليشيات الحوثيين(3)؛ وإنما وجَّهت أنقرة سهام الانتقاد إلى القيادة الإيرانية؛ وَدَعَتْها إلى الكفِّ عن محاولات بسط النفوذ عبر الوكلاء؛ حيث عبَّر عن هذا الرئيس التركي بالقول: "إن على إيران تغيير وجهة نظرها، وعليها أن تسحب كل قواتها ومالها من اليمن وسوريا والعراق، وعليها أن تحترم سيادة تلك الأراضي ووحدتها"(4). كما انتقد أردوغان التغذية المذهبية للخلافات، ووجود الحرس الثوري في كلٍّ من سوريا والعراق.
وعلى الرغم من أن تركيا لم تُخْفِ انتقاداتها في الآونة الأخيرة حتى تجاه الولايات المتحدة؛ فإن هناك تغيُّرًا ملحوظًا في نبرة الخطاب التركي تجاه السياسة الإيرانية؛ حيث حافظت تركيا وإيران في السابق ما عدا بعض الاستثناءات على محددات خطاب دبلوماسي خاص.
ولم تمر الانتقادات التركية لإيران مرور الكرام على الأوساط الإيرانية؛ حيث قوبلت بعدَّة ردود، كان منها تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف؛ الذي رفض اتهامات أردوغان لبلاده بمحاولة الهيمنة على الشرق الأوسط قائلاً: إنه يغذِّي الصراعات في المنطقة.
فيما عرَّض ظريف بتراجع سياسة تصفير المشكلات التي انتهجتها تركيا منذ عام 2002 قائلاً: "من الأفضل لو يتبنى أولئك الذين تسببوا بأضرار غير قابلة للإصلاح بأخطائهم الاستراتيجية وسياستهم المتغطرسة سياسات رشيدة"(5).
وفي سعيه لتوجيه تصريحات ظريف مباشرة إلى تركيا قال نائب وزير الخارجية الإيراني حسن قشقاوي: إن "ظريف" ردَّ بشكل مناسب على تصريحات أردوغان. وأضاف قائلاً: "ينبغي على دول المنطقة وضع حلولٍ مشتركة للمشاكل التي يواجهونها، بدلًا من إلقاء اللوم على الآخرين، وعليهم عدم الإدلاء بتصريحات تتجاهل الظروف الراهنة الموجودة فيها"(6).
وبدت الأمور متجهة إلى التصعيد عندما جاءت ردود من برلمانيين إيرانيين؛ منهم رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي؛ الذي قال بوضوح أكثر: إن تصريحات أردوغان غير مقبولة. وأن سياسة تركيا على مدى الأعوام الماضية سلبية وغير جادة، كما طالب بعضهم أردوغان بألا يأتي إلى إيران(7).
واستمرَّت دائرة الردود؛ ولكن هذه المرة قلَّل أردوغان من مستوى المتحدثين قائلاً: إن المتحدثين ليسوا نظراءه. ولم يُشر إلى أي تغيير في موعد زيارته المرتقبة في السابع من إبريل/نيسان 2015(8).
وفي هذا السياق فإنه يُتَوَقَّع أن لا تتجه الأمور إلى ما هو أكبر من التراشق الإعلامي؛ الذي ستتغير نبرته تبعًا لسخونة الأحداث في اليمن أو امتدادها إلى ساحات أخرى؛ مما سيستدعي ردود فعل من الطرفين.
وسيعمل كل من أنقرة وطهران على الحفاظ على العلاقة الثنائية في إطارها التاريخي المتوارث من الدولتين العثمانية والصفوية؛ وهو ما يعني استمرار التنافس بين البلدين ضمن حدود لا تصل إلى اشتعال الحرب بينهما، كما أنها لا تصل إلى حالة الوفاق والانسجام حتى في أفضل الظروف؛ وذلك لاعتبارات سياسية ودينية واقتصادية وثقافية(9).
ويدلِّل على ما سبق ما قاله إبراهيم كالن مستشار الرئيس التركي: "إن إيران صديق وجار مهم بالنسبة لتركيا، فضلاً عن كونها شريكًا تجاريًّا قويًّا. لافتًا أنهم تناولوا كافة قضايا المنطقة مع المسؤولين الإيرانيين، خلال اللقاءات المشتركة التي جرت سابقًا، وعلى رأسها المسألتين السورية والعراقية، وأنهم طلبوا من إيران تحمل مسؤولياتها، والسعي إلى خفض التوترات إلى أقل ما يمكن"(10).
وفي هذا السياق سيكون إتمام زيارة أردوغان إلى طهران في السابع من إبريل/نيسان اختبارًا أو مقياسًا تقريبيًا بسيطًا لدرجة التوتر في هذه المرحلة بين البلدين؛ ولا شك أن الخلاف بين البلدين لا يزال قائمًا منذ سنوات في العراق وسوريا؛ لكن العامل الجديد هو بوادر التوافق التركي السعودي، وهو ما تخشى إيران أن يتطور وتنعكس آثاره على بقية مناطق التوتر.
ولكن ما يهدِّئ الأمور بين إيران وتركيا أن الأخيرة لم تُشارك عسكريًّا في العملية؛ بل شدَّدت على عدم إمكانية المشاركة العسكرية؛ إلا أنها أعلنت استعدادها لتقديم الدعم اللوجستي والسياسي؛ وذلك لعدة أسباب:
1- الميل التركي للحلول السياسية المبنية على الحوار والتفاهم.
2- الشروط الحاكمة للعلاقات بين تركيا والدول المعارضة للعملية وتحديدًا إيران وروسيا.
3- وجود انتخابات برلمانية بعد 70 يومًا تقريبًا من بدء العملية(11).
4- وجود قناعة برفض الرأي العام التركي للمشاركة في العمليات العسكرية.
ويمكننا في هذا السياق ذكر بعض من الشروط الحاكمة للعلاقات التركية-الإيرانية:
1- اعتماد تركيا على كلٍّ من روسيا وإيران فيما يتعلق بمصادر الطاقة؛ حيث تُعَدُّ إيران ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى تركيا (بعد روسيا)؛ حيث تحتاج تركيا سنويًّا 47 مليار متر مكعب من الغاز، وتقوم بتغطية 20% منه عبر إيران، وقد وقّعت معاهدة في هذا الإطار في عام 1996 تمتد إلى 30 عامًا(12).
2- وجود طموح لدى تركيا أن تكون ناقلاً أساسيًّا للغاز من آسيا إلى أوروبا.
3- وجود تبادل تجاري بين إيران وتركيا بحجم 18 مليار دولار تقريبًا؛ يُتوقع أن يتضاعف في حال تمَّ التوصُّل إلى اتفاق بين إيران والغرب في المفاوضات بشأن المشروع النووي؛ حيث أدَّت تركيا دورًا فعَالاً في رفع العقوبات عن إيران، وتنتظر ثمار هذا الدور بعد التوصُّل إلى لاتفاق.
4- وجود اتفاقيات أمنية خاصة في مواجهة حزب العمال الكردستاني والتهديدات المشتركة.
5- وجود قناعة لدى الدولتين بضرورة تجنُّب المواجهة المباشرة؛ حتى لا يؤدي ذلك إلى تضرر مصالحهما؛ خاصة أن تركيا ما زالت دولة مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي.
6- أن 10% من سكان تركيا هم من العلويين؛ لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن القسم الأكبر من العلويين لا يرون أنفسهم امتدادًا لشيعة إيران؛ بل يرون أنفسهم شيئًا مختلفًا تمامًا حتى عن العلويين في سوريا(13) (العلويين الأتراك لا يرون أنفسهم سُنَّة أو شيعة).
7- وجود توافق نسبي تجاه بعض القضايا؛ مثل دعم القضية الفلسطينية.
لقد أدارت تركيا وإيران العلاقة فيما بينهما على الرغم من الأزمات التي مرَّت في تاريخ الدولتين، وذلك على الأقل في عهد العدالة والتنمية منذ عام 2002، وإذا كانت العلاقة لم تنقطع على الرغم من كل ما جرى في سوريا؛ فإنه من الطبيعي أنَّ ما يجري في اليمن سيكون أقل تأثيرًا؛ إلا في حالة استشعار أحد البلدين ربما لتهديد وجودي من الطرف الآخر، وفي هذا السياق لم تكن اليمن ساحة خلاف بين إيران وتركيا من قبل؛ وذلك قياسًا مع الخلافات في سوريا والعراق، وعلى الرغم من هذا فقد تمَّ عقد اجتماعات لمجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، وشهد عام 2014 قرابة 8 زيارات رفيعة المستوى بين مسؤولين من البلدين(14).
وتحاول تركيا دائمًا أن تؤكِّد أنها لا تمارس سياستها الخارجية من منطلقات مذهبية؛ بل على أساس احترام الديمقراطية وحقوق وإرادة الشعوب، ولا تخش من إعلان موقفها وانتقادها للسلوك الإيراني؛ الذي تجاوز استخدام الدين كأداة لتحقيق أهداف سياسته الخارجية إلى استخدام وتحريك الجماعات العسكرية الموالية له في عدد من البلدان(15). ومع هذه الرسائل فإنها تصر على الحفاظ على عدم انقطاع العلاقات.
انعكاسات عاصفة الحزم على علاقات تركيا الإقليمية
إن تأييد تركيا للسعودية وتنسيق الأخيرة مع أنقرة لهو بمثابة قبول من البلدين بالمكانة الإقليمية للآخر، وتأجيل الصراع على زعامة العالم السني، أو العمل حاليًّا على استبدال التعاون بها؛ وذلك بدلاً من تبديد الجهود في المناكفات الإقليمية؛ خاصة في ظل وجود تهديد مشترك يتمثل في تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة.
ويُعْتَقد أن عملية عاصفة الحزم التي لم تَنْتَهِ فصولها حتى الآن سيكون لها انعكاسات على السياسة الخارجية التركية، وأن بعض هذه الانعكاسات تتقاطع مع مخاوف إيرانية:
1- مزيد من التسليح للمعارضة السورية بالتعاون مع الدول الخليجية.
2- مزيد من التدخل التركي السياسي في العراق وبقية قضايا المنطقة.
3- ارتفاع سقف الأتراك في مباحثاتهم مع الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالأوضاع في سوريا والعراق، وتحديدًا في موضوع المنطقة الآمنة ومنطقة حظر الطيران على الحدود مع سوريا، بعدما قامت السعودية بتطبيقه مؤخَّرًا في أجواء اليمن.
4- إن ارتفاع مستوى التنسيق مع السعودية، وحدوث تغييرات ملموسة في الساحة المصرية قد يؤدي إلى فتح قنوات مباشرة بين تركيا ومصر في المدى القريب، وربما يكون لهذا تأثير على انفراج الأوضاع في قطاع غزة.
خلاصة
يُعتقد أن كلًّا من إيران وتركيا والسعودية قد أدَّت أدوارًا لتحقيق مصالحها القومية، وتفاوتت الأدوار في تقاربها وتباعدها من بعضها البعض في المنطقة؛ ولكن ما آلت إليه الأمور مؤخَّرًا يُشير بوضوح إلى تقارب تركي-سعودي نتيجة للتوصل لقناعة أن إيران هي مَنْ يكسب النقاط على حساب التنافر تجاه بعض قضايا الربيع العربي، وأن إيران تحاول استغلال الفوضى القائمة من وجود داعش وغيرها لتسجيل نقاط أكبر والوصول إلى حالة فرض أمر واقع قبل أن تحدث إفاقة من دول المنطقة.
وقد جاءت عملية عاصفة الحزم في اليمن نقطةَ تحوُّلٍ مهمة من أجل تغيير مسار الأحداث، ويُتَوَقَّع أنها ستؤثر فيه، وعلى الرغم من عدم رغبة إيران في حصول تطور في هذا التقارب خشية من انعكاسه على بقية قضايا المنطقة؛ فإن تركيا وإيران سيعملان على ألا تتدهور العلاقة بينهما لتصل إلى حالة العداء المباشر؛ ناهيك عن وجود موانع تاريخية واقتصادية وثقافية للوصول إلى هذه الحالة(16).
سيناريوهات مستقبلية
تضع الورقة ثلاثة مسارات للدور التركي فيما يتعلق بالأوضاع بعد عملية عاصفة الحزم:
1- أن تقوم تركيا بتأدية دور رمانة الميزان للحفاظ على التوازنات الإقليمية
وفي ظلِّ الواقع الحالي فإن تركيا تُعَدُّ أقرب إلى السعودية نسبيًّا، ومع هذا السيناريو فإنه من المرجح استمرار حالة التجاذب والتراشق بالتصريحات الانتقادية بين طهران وأنقرة طوال فترة دوام عملية عاصفة الحزم؛ لكن دون تدهور كبير في العلاقات بين البلدين؛ حيث لا يُتوقع أن تصل الأمور وفق الظروف الحالية إلى ما وصلت إليه العلاقات بين تركيا وبين إسرائيل.
ويندرج بالطبع تحت هذا السيناريو تكثيف الدعم الإقليمي العسكري للمعارضة السورية عبر تركيا، وهذا ما تنتظره قوى المعارضة السورية بفارغ الصبر، كما يتكثف تنسيقها مع السعودية لدعم العشائر العراقية؛ فيما ستحاول تأدية دور سياسي أكبر مع الحكومة العراقية لمتابعة تحقيق مشاركة للقوى السنية.
ويُعتقد أن هذا السيناريو هو الأنسب لتركيا في الوقت الحالي؛ إلا أنه ليس من المستحيل تطوره إلى سيناريو آخر في حال حدثت مفاجآت؛ خاصة من قِبَل إيران؛ التي يبدو أنها تفاجأت بعملية عاصفة الحسم؛ التي تزامنت مع قرب الإعلان عن نتائج الصفقة التاريخية بين إيران وبين المعسكر الغربي.
كما يُرَجَّح أن يكون الدور التركي في هذا السياق أكثر زخمًا بعد الفوز المحتمل لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية القادمة في يونيو/حزيران القادم.
2- أن تقوم تركيا بتأدية دور الوساطة بين إيران ودول الخليج والبقاء خارج المحاور
وهذا السيناريو ممكن؛ إلا أن إعلان تركيا تأييدها للعملية واستعدادها لتطوير التنسيق يجعلها طرفًا غير محايد من وجهة نظر الأطراف المعنيين؛ لكنها من الممكن أن تُسهم إسهامًا إيجابيًّا في العمل على إنجاح حلول سياسية.
3- انجرار تركيا إلى مستنقع المواجهة مع إيران من خلال الانضمام إلى محور سني
ولا يبدو أن هذا السيناريو يأخذ حظوظًا كبيرة؛ حيث إن تركيا لا تريد المواجهة المباشرة مع إيران، ولو أرادت ذلك لوجدنا تدخلاً عسكريًّا في مواجهة الأسد في سوريا، ولكن التدخل الوحيد الذي نفَّذته تركيا كان في عملية نقل ضريح سليمان شاه خوفًا من اعتداء داعش عليه، وحرصًا على سلامة الجنود الذين يحرسونه، ولرأينا إسهامًا لها في عاصفة الحزم أكبر من مجرَّد الاستعداد للتعاون اللوجستي. وتتعزز فرص هذا السيناريو في حال شهدنا عاصفة حزم جديدة في سوريا بقيادة تركية مباشرة في ظل المطالبات المتكررة لتركيا بالاستفادة من التجربة السعودية مع الفارق بين الحالتين اليمنية والسورية، وهنا ينبغي أن تُؤَمِّن تركيا بدائل مناسبة لكل ما تعتمد عليه في علاقاتها مع طهران.
كما يؤكد صعوبة تحقق ما سبق في المدى القريب أو المتوسط أن العلاقات التركية-السعودية تلتقي حاليًّا على مصالح مشتركة، وإن كان ما يجمع البلدين أكثر مما يفرقهما؛ فإن هناك مؤشرات على أن وصول العلاقة بين البلدين إلى تحالف استراتيجي ما زالت بعيدة، إضافة إلى أن تركيا تحرص على عدم الدخول للسجال الحالي من البوابة الطائفية.
الهوامش والمصادر
(1) موقع وزارة الخارجية التركية، بيان رقم 94 بشأن التطورات في اليمن، 26 مارس/آذار 2015. تاريخ الدخول (30 مارس/آذار 2015).
http://www.mfa.gov.tr/no_-94_-26-mart-2015_-yemen_deki-son-gelismeler-hk...
(2) Kral Selman, Erdo?an'? Resmi Törenle Kar??lad?, haberler, 2 Mart 2015.http://www.haberler.com/kral-selman-erdogan-i-resmi-torenle-karsiladi-70...
(3) مقابلة للباحث مع الكاتب السعودي جمال خاشقجي، أنقرة، 26 من مارس/آذار 2015.
(4) أردوغان: على إيران سحب قواتها من اليمن وسوريا والعراق وتغيير مواقفها، وكالة الأناضول، تاريخ الدخول (29 من مارس/آذار 2015)
http://www.aa.com.tr/ar/turkey/484497
(5) ظريف يتهم أردوغان بتغذية الصراعات في الشرق الأوسط، رويترز، 27 من مارس/آذار 2015، تاريخ الدخول (28 من مارس/آذار
2015):http://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKBN0MN1W420150327
(6) غيلان، أدهم، أردوغان لا تغيير في برنامج زيارتي لإيران، وكالة الأناضول، 30 من مارس/آذار 2015، تاريخ الدخول (30 من مارس/آذار 2015)،http://www.aa.com.tr/ar/turkey/485818
(7) KELK?TO?LU, Murat, ?ran ziyareti için karar? biz veririz, Ak?am, 31 Mart 2015. Grime tarihi ( 1 Nisan 2015): http://www.aksam.com.tr/siyaset/iran-ziyareti-icin-karari-biz-veririz/ha...
(8) المرجع السابق.
(9) كانت آخر حرب وقعت بين الدولة العثمانية وبين الدولة الصفوية في عام 1514م.
(10) الرئاسة التركية: لم نتخذ موقفًا مذهبيًّا بشأن دول المنطقة الإسلامية بتاتًا، وكالة الأناضول، 26 من مارس/آذار 2015 تاريخ الدخول (28 من مارس/آذار 2015): http://www.aa.com.tr/ar/turkey/484422.
(11) من المقرر أن تُعقد الانتخابات البرلمانية التركية في السابع من يونيو/حزيران 2015.
(12) M??, Nebi ve ba?kalar?, 2014’te Türkiye, 2014’te D?? politika Türkiye Iran ili?kileri (SETA, ?stanbul, 2014) S. 205.
(13) عقيدة العلويين الأتراك هي تفسير فضفاض نسبيًّا للإسلام؛ فهي مفتوحة لكلا الجنسين، وحتى لغير المسلمين عبر التاريخ، وتعتبر العلوية التركية طائفة فريدة ضمن الطوائف الإسلامية؛ حيث إنها لا تفصل بين الرجال والنساء حتى في الصلوات، كما أن عقيدة العلويين الأتراك هي عقيدة توفيقية في طبيعتها؛ حيث تجمع بين الإسلام والصوفية، ولا يرون أنفسهم شيعة أو سُنَّة.
(14) ?bid, S.206.
(15) Y?lmaz, Türel ve ?ahin, Mehmet, Ortado?u Siyasetinde Iran, (Bar?? Kitap, Ankara, 2009) s. 174.
(16) مقدم، أرشين، "العلاقات التركية-الإيرانية: أخوة إسلامية أم تنافس إقليمي؟"، مركز الجزيرة للدراسات، 9 من مايو/أيار 2013، تاريخ الدخول (30 من مارس/آذار 2015):
http://studies.aljazeera.net/reports/2013/05/201359113837501211.htm
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس