يوسف عبد الرحمن الخليلي - خاص ترك برس

هل تفكرت يوما أنك قد تبذل قصارى جهودك في إعداد مقالة وتدوينة أدبية أو فكرية، ثم لا تجدها تجلب عددا من الزوار والقراء؟ وهل تأملت حينا من الدهر لماذا تشمئز نفس محرر المجلة حينما يستلم مقالتك ويضعها جانبا دون أن يلقي لها بالا ويقيم لها وزنا؟ بينما يحظى المقال الآخر البسيط في معانيه ومبانيه بالقبول والتلقي ما لم يكن يستحقه، فما السر في ذلك؟؟ إنه العنوان يا حبيبي!

العنوان واجهة مقالتك؛ فإنه أول ما يبدو للناظر من بعيد، وهو أحد القوائم الأربعة التي يعتمد عليها هيكل مقالتك أو تدوينتك، والعنوان رائحة المحتوى، كلما كانت هذه الرائحة شهية كانت مغرية لنفوس القراء، وكلما كانت العكس تشمئز منها الطباع ولن يلتفت إليها أحد بالطبع؛ من هنا فالجميع يحرص على صياغة العنوان بطريقة تعبر عن موضوع المقال، إلا أن الناجح منهم من يعمله كوسيلة جذب ولوحة إعلانات براقة تلفت انتباه القارئ، وتقنعه بالدخول لمعرفة التفاصيل، لذا فقد يكون العنوان كالحفرة يسقط القارئ فيها، أو كالفخ الذي ينصب للقارئ ليتناول المقال، ويتعلق به... هل تخيلت معي تدوينة أو مقالة دون عنوان؟ كم ستكون نسبة القراءة يا ترى؟

وفي هذا العصر الذي انتشرت فيه التكنولوجيا في أرجاء المعمورة من أقصاها إلى أقصاها فقد ازداد عنوان المقال أو التدوينة خطورة وأهمية، حيث تتزاحم وسائل الإعلام على استقطاب الجمهور، وتزدحم الصحف والمواقع الإلكترونية ومجموعات الواتساب بأنواع المقالات والعناوين، فيكون لديك أربع ثوان فقط لشد انتباه القارئ؛ لأنه يتصفح كومة من الرسائل الواردة على الصفحات والمجموعات بسرعة ولهفة، فكلما وجد عنوانا شيقا براقا وقف عنده للقراءة، وإن لم يكن جذابا ومميزا عن بقية العناوين سيتجاهل مقالك ويستمر في المرور بها مرّا سريعا مكتفيا بالعناوين العريضة، وبالتالي تتلاشى جهودك بطرفة عين.

وسوف أتجاذب إليك اليوم أطراف الحديث عن 7 طرق وأساليب بشأن كتابة عنوان إبداعي جذاب تزيد بها نسبة القراء لمقالاتك، وتلفت انتباههم إليها، فها هي إليك، وبين يديك:

1- الجمع بين الجاذبية و المحتوى الفعلي:

في كثير من الأحيان يستغرق اختيار عنوان المقال وقتاً أعلى من الوقت الذي يستغرقه كتابة المقال نفسه، السبب في ذلك هو رغبتك في كتابة عنوان يجذب القارئ و يثير رغبته لدرجة فائقة، الكثير من المدونين والكتاب يرتكبون خطأ كبير بتركيزهم على عامل الجذب لوحده ، و لكن يجب أن تجمع بين أن يكون العنوان جذاباً من جهة و بين أن يكون قادراُ على إعطاء فكرة عن محتوى المقالة من جهة أخرى ، فالعنوان الجذاب الذي لا يعكس محتوى المقال لن يجذب لك انتباهاتهم، و العنوان المعبر عن محتوى المقال و الذي لا يحوي عنصر الجذب لن يجلب لك نقرات الروابط، لتفهم مقصدي قارن بين المثالين التاليين:

العنوان الأول:<< طرق كتابة عنوان المقالات>>...العنوان الثاني: <<كيف تكتب عنوانا جذابا لمقالاتك؟...7 طرق تلفت بها انتباه القراء>>...قارن بين العنوانين و لاحظ الفرق في الجاذبية و التعبير عن المحتوى بين كلا العنوانين، أظن أن الفرق واضح ولا يحتاج إلى شرح أكثر.

2- ابتعد عن الغموض وكن أكثر تحديداً:

هل تعلم أن متوسط عدد المقالات التي تنشر على شبكة الإنترنت يومياً يتجاوز المليونين؟! كيف تتميز مقالتك أنت بين هذا الكم الهائل من المقالات؟ من المهم أن تحدد ما الذي تتحدث عنه في مقالاتك فالعناوين العامة و الغامضة و المبهمة هي عناوين فاشلة ، كلما كنت أكثر تحديداً كلما أعطيت فكرة أوضح عن محتوى مقالتك، وكلما تميزت أكثر عن المقالات المشابهة الموجودة على شبكة الانترنت، مثال بين عنوانين، أحدهما مبهم و عام و الآخر أكثر تحديداً...العنوان الأول:<< طرق و أساليب كتابة العناوين>>...العنوان الثاني: << كيف تكتب عنوانا جذابا لمقالاتك؟... 7 طرق تلفت بها انتباہ القراء لمقالاتك>>...لاحظ في العنوان الأول، لن يعرف القارئ عن أي عناوين تتحدث، هل تقصد عناوين الصحف؟ أم عناوين الفقرات في كتاب يتم تأليفه، أم العناوين الرئيسية في الجرائد، أم عناوين أطروحة الدكتوراه التي تعدها؟.. وأما العنوان الثاني فهو أكثر وضوحاً و أكثر تحديداً، لذلك من المهم تبيان مقصدك في عنوانك.

3- استخدم الأرقام في العنوان:

استخدام الأرقام في العناوين ذو تأثير و جاذبية غربية، فقد لوحظ تلك النزعة و الميل لدى المستخدمين للجوجل بالنقر على العناوين التي تحوي على الأرقام، ربما السبب هو التصور الذي تشكله الأرقام في ذهن المستخدم حول طبيعة المقالة التي هو بصدد قراءتها، فالأرقام تشكل تصوراً لديه أن المقالة مقسمة إلى أجزاء، وليست عبارة عن سرد متواصل من الكلام الذي لا يفصل بينه أي فاصل، لتقتنع بتأثير الأرقام قارن بين العنوانين التاليين:العنوان الأول:<< نصائح لتصبح كاتبا قديرا >>...العنوان الثاني: << 5 نصائح لتصبح كاتبا قديرا >>...لاحظ الجاذبية التي أضافها الرقم(5) بمجرد تواجده في العنوان رقم (2) مقارنة بالعنوان رقم(1).

4- تكلم بعنوانك مع القارئ بشكل شخصي:

سياسة أخرى مفيدة في زيادة عدد القراء هي التوجه إلى القارئ في العنوان، لا تستخدم صيغة الجمع أو صيغة المبني للمجهول في العنوان بل استخدم صيغة المخاطب و الضمائر التي تولد إحساساً لدى القارئ بأنك تكلمه شخصياً، هذه السياسة هي بدورها أثبتت فعاليتها في رفع عدد القراء عندما تستخدم بشكل صحيح مع العناوين، مثال: المثال الأول: << كيف يُكتب عنوان جذاب للمقالات>>...المثال الثاني: << كيف تكتب عنوانا جذابا لمقالاتك >>...لاحظ العمومية في العنوان الأول، في حين تم التكلم مع المستخدم بشكل مباشر في العنوان الثاني من خلال استبدال كلمة(مقالات)بكلمة(مقالاتك) (1).

5- استعمل اللغة القوية الحية الرصينة في العنوان:

يفترض بكل كلمة في النص أن تكون ببلاغة مميزة، فما بالك بالعنوان؟ فإن النص الجيد يعرف من أسلوب الكاتب في صياغة العنوان، يحتاج العنوان الجيد إلى الاعتماد على كلمات مميزة وموحية وعلى صفات قوية وأسماء معبرة. فكر في كل كلمة في العنوان المبدئي وابحث لها عن بديل أفضل. هل توجد مرادفات مميزة أكثر أو تحمل إيحاء أو قدرة على الوصف بدقة بلاغية أفضل؟..

6- استخدم أسلوب السؤال(كيف):

من أشهر الطرق المستخدمة على الويب على الإطلاق، وذلك لأسباب كثيرة، أكبرها أن هذا العنوان يدل على أن المحتوى تعليمي، ولا أحد يكره أن يحصل على معلومة أو خبرة من شخص آخر بطريقة مجانية خاصة لو كانت مرتبطة به، وستظل إحدى طرق كتابة العناوين الكلاسيكية التي تؤتي ثمارها، وهذا هو السبب الذي تم لأجله اختيار عنوان هذه المقالة.

7- اذكر نتيجة زمنية معجلة:

من المعلوم أن الإنسان مفطور ومجبول على السعي إلى النفع والعائدة المعجلة، فإذا ذكرت في العنوان ما تدل على النتيجة التي تترتب على قراءة مقالتك مباشرة فسوف تنجذب إلى مقالتك النفوس، وتهوي إليها القلوب، وإليك بعض الأمثلة إلى جانب عنوان هذه المقالة التي تقرأها الآن:

- غير حياتك من اليوم.

- تعلم مهارة الإلقاء في سبع دقائق.

-الذاكرة القوية في 4 أسابيع.

- وداعا للقلق في خمس دقائق.

أما في حال كان موضوعك جذابا ومشوقا بطبعه، فضع عنوانا يؤكد هذه الميزة.. مثل:

- ظواهر حيرت العلماء.

- أحلام غيرت التاريخ.

- حين أمطرت السماء ضفادع.

- المسلمون أول من اكتشف أمريكا...

وأخيرا، صفوة ما ذكرت لك في هذا المقال أن المهم فعلا هو أن تبتعد عن العناوين التقليدية والمملة أو التي تقدم صورة كاملة  للموضوع، ولتركز دائما أن العنوان الجذاب يهدف في المقام الأول إلى إثارة رغبة القارئ وجذب انتباهه لقراءة مقالك خلال أربع ثوان لا غير!!

عن الكاتب

يوسف عبد الرحمن الخليلي

أستاذ الأدب العربي بمعهد الخليل الإسلامي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس