ترك برس

أكد موقع ميديابارت "Mediapart" الفرنسي أن ما أجج الحرب في ليبيا، هو الدعم الذي قدمته القوى الأخرى للجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، وأن إلقاء اللوم على التدخل التركي ضرب من النفاق.

جاء ذلك في مقال حرره الكاتبان نيكولا شيفرون ورشيدة العزوزي، حيث استعرضا الأحداث التي تلت حصار حفتر لطرابلس في ربيع 2019 بدعم من مصر والإمارات وروسيا وفرنسا، مع ظهور الطائرات من دون طيار التركية والمعارك التي أدت إلى فشل هجوم حفتر، كما استعرضا التهم التي وجهت إلى الأتراك بجلب مرتزقة من سوريا واليمن للقتال في ليبيا.

وحالياً، تجد قوات حكومة الوفاق نفسها في موقف قوة أمام مدينة سرت، وأمام قاعدة الجفرة الجوية التي يسمح موقعها بالسيطرة الجوية على جميع أنحاء الدولة، وهي لا تخفي هدفها بالسيطرة، بالتعاون مع أنقرة، على هذين الهدفين، قبل العودة إلى اتفاقية الصخيرات ودخول المفاوضات مع بنغازي.

وأمام هذا الوضع، يبرز تهديد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ 20 يونيو/حزيران الماضي بأن جيشه، وهو واحد من أكبر القوات في المنطقة، على استعداد للتدخل مباشرة في حالة الهجوم على سرت والجفرة، إلا أن أنقرة – بحسب الموقع الفرنسي- يبدو أنها لا تخشى مواجهة مباشرة مع مصر، خاصة أن الجيش المصري ركز، منذ انقلاب السيسي، معظم نشاطه على السيطرة على بلاده، كما أن العديد من القيود الأخرى تمنعه من التوجه نحو حرب واسعة النطاق في ليبيا، كما تعلق الخبيرة الجيوسياسية بورا بايكتر من جامعة كولتور في إسطنبول.

ويشير الأخصائيون في الشرق الأوسط إلى التوافق المهم بين الولايات المتحدة التي ترى في وجود 14 طائرة مقاتلة روسية على قواعد حفتر خطرا أكبر من التدخل التركي في ليبيا، وإلى الانقسام الأوروبي واستعداد الروس لترك الميدان مفتوحا لحكومة الوفاق الوطني في الجفرة، بعد أن أفادت الصحافة بمغادرة مرتزقة شركة فاغنر المرتبطة بالكرملين تلك المنطقة.

وأشار الكاتبان إلى أن تركيا أصبحت من خلال فرض نفسها في غربي ليبيا، بموافقة ضمنية من الأميركيين، قوة مهمة لا يمكن تجاهلها في حال قيام وساطة ولا في حالة الحرب، وكذلك روسيا التي تدعم معسكر حفتر.

ورأى المقال أن تركيا وروسيا معا بدأتا تهمشان الأوروبيين الذين لا حيلة لهم، وتغيران توازن القوى على الأرض، فضلا عن التوازن الإستراتيجي والدبلوماسي بين المعسكرين اللذين يتحالفان معهما، فقد أثبتا في ليبيا كما في سوريا أنهما يمكن أن يكونا خصمين وشركاء في المشهد السياسي العسكري نفسه.

ولكن تركيا -حسب الكاتبين- هي التي يتركز عليها الغضب الدولي، وتتعرض لانتقادات من أوروبا، وخاصة من فرنسا التي دخلت معها في مواجهة دبلوماسية، واتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا بتحمل "المسؤولية التاريخية والجنائية" في الصراع الليبي، حتى إنه ذهب إلى حد التشكيك في عضوية أنقرة في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وقال متخصص آخر في ليبيا هو فولفرام لاخر إن "لوم الأتراك على التدخل هو نفاق إلى حد كبير، عندما نعلم أن هذه الحرب بأكملها تمت بفضل الدعم الذي قدمته القوى الأخرى المعنية لحفتر، وهو الدعم الذي لم يتم التشكيك فيه على الإطلاق".

وختم الكاتبان بأن التدخلات التركية هي التي أعادت الديناميكية الدبلوماسية التي انهارت منذ أبريل/نيسان 2019، وأعادت الغربيين مرة أخرى إلى الطاولة، وأجبرت الأوروبيين على الالتزام، كما هي الحال في مؤتمر برلين في يناير/كانون الثاني الماضي.

وتدعم أنقرة الحكومة الليبية المعترف بها دوليا في مواجهة مليشيا حفتر المدعومة من دول عربية وأوروبية، وذلك بموجب اتفاق تعاون أمني وعسكري أبرمته أنقرة وطرابلس، نهاية العام الماضي.

وشنت مليشيا حفتر بدعم من دول عربية وأوروبية عدوانا على طرابلس في 4 أبريل/ نيسان 2019، ما أسقط ضحايا من المدنيين، بجانب دمار واسع، قبل أن تتكبد خسائر كبيرة.

وحقق الجيش الليبي انتصارات على مليشيا حفتر أبرزها تحرير كامل الحدود الإدارية لطرابلس، وترهونة، ومدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية، وبلدات بالجبل الغربي.

في المقابل، تدعم دول أوروبية وعربية أبرزها الإمارات ومصر، الجنرال الانقلابي في ليبيا، خليفة حفتر، ضد حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، وذلك عبر إمداده بالمال والسلاح.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!