
ترك برس
يرى زكريا يابيج أوغلو، رئيس حزب "الدعوة الحرة/هدى" وعضو البرلمان التركي، أن القضية الكردية في تركيا مرتبطة جذريًا بالعقلية الكمالية التي أسسها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، مشيرًا إلى أن سياسات الدولة التاريخية تجاه الأكراد حاولت إنكار هويتهم الثقافية وفرض نموذج أمة موحدة متجانسة بالقوة، بما في ذلك التنكيل والإبادة الجماعية.
وفي حديث مطول مع مجلة "المجلة"، شدد يابيج أوغلو على أن الأكراد لديهم تاريخ طويل وثقافة أصيلة متجذرة في العقيدة الإسلامية، وأن فصل الأكراد عن دينهم يهدد جوهر هويتهم الحضارية والثقافية. واعتبر أن حزب "العمال الكردستاني" وكل مكوناته يعارض هذا الإرث الثقافي، فقد فرض على الأكراد عقلية علمانية متطرفة تهدف إلى تفكيك الفطرة الكردية وإبعادهم عن ثقافتهم الإسلامية، وفق قوله.
كما أضاف: "بعد فشل المسار السياسي السابق في عام 2015، عاد خطاب السلطة إلى القول إنه 'لا توجد قضية كردية، بل إن هناك مشكلة إرهاب'، أما نحن في حزب 'الهدى'، فكنا نؤكد في كل المنابر أن القضية الكردية ما زالت قائمة وتنتظر الحل، وأن تحميل الأكراد وحدهم مسؤولية فشل 'عملية الحل' بسبب أخطاء ذلك المسار أمر غير مقبول، كما كنا نرفض ربط الترتيبات التحسينية المتعلقة بالحقوق الأساسية بشروط تتعلق بإلقاء التنظيم للسلاح".
وأوضح أن "الدولة يجب أن تستجيب للمطالب الشرعية للأكراد سواء تم إلقاء التنظيم سلاحه أم لا، فمسألة إلقاء السلاح شيء، وتلبية مطالب الأكراد المشروعة شيء آخر، وكنا نطالب بأن يكون التفاوض مع حزب 'العمال الكردستاني' محصوراً فقط بشرط التخلي عن السلاح".
وأشار إلى أن حزب "الهدى" كان دائمًا ضد استخدام العنف كوسيلة لحل المشكلات، مؤكدًا على ضرورة إبقاء قنوات الحوار مفتوحة دائمًا، وقد عبّر الحزب عن هذا الموقف مرارًا في لقاءاته مع الحكومة والأحزاب المعارضة، مشددًا على أهمية معركة "ملاذ كرد" التي جمعت الأكراد والأتراك على أساس الإسلام، واعتبرها نموذجًا يمكن البناء عليه لتحقيق وحدة مماثلة اليوم.
وأكد يابيج أوغلو أن "منذ تأسيس حزب 'الهدى'، ونحن نعمل على إرساء العدالة وتعزيز أواصر الأخوّة، وسنواصل مستقبلًا الدفاع عن الحق والعدل والأخوّة عبر العمل السياسي"، موضحًا أن الحزب يرى الحل السياسي والثقافي للقضية الكردية أساسًا لأي استقرار في تركيا والمنطقة.
بين الماضي والحاضر.. القضية الكردية في تركيا
على مدى عقود، شكل الصراع بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني أحد أكثر الملفات تعقيدا في المشهد السياسي والأمني لتركيا، فالحزب الذي بدأ كحركة مسلحة في سبعينيات القرن الماضي، تحول لاحقا إلى محور رئيسي ضمن أحداث شهدت عمليات عسكرية، ومفاوضات سلام متعثرة، وتحولات سياسية عميقة، بحسب تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.
وفي خطوة غير متوقعة، شهد عام 2024 دعوة زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي لمؤسس الحزب الكردي عبد الله أوجلان للحضور للبرلمان التركي وإلقاء خطاب يدعو فيه إلى حل الحزب وإنهاء النزاع، كما تلت هذه الدعوة زيارة وفد من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب لأوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي، قبل أن يصدر الأخير بيانا تاريخيا اليوم، يدعو فيه إلى مرحلة جديدة من السلام وإلى إلقاء السلاح.
وفي عام 2009 أطلقت الحكومة التركية بقيادة رجب طيب أردوغان "عملية الانفتاح الديمقراطي"، التي هدفت إلى تعزيز الحقوق الثقافية والسياسية للأكراد وفتح قنوات الحوار.
واصل حزب العدالة والتنمية في عام 2010 جهوده لتعزيز الحقوق الكردية عبر "حزمة حقوق الإنسان"، التي أُطلقت بهدف إزالة العقبات المتعلقة باستخدام اللغة الكردية والحقوق الثقافية، وسُمح لبعض القنوات التلفزيونية الخاصة ببث برامجها بالكردية ولغات أخرى، كما تم تخفيف عدد نقاط التفتيش الأمنية في جنوب شرق وشرق تركيا، وسُمِح للجامعات بإنشاء مؤسسات ومراكز بحثية بلغات غير التركية، في خطوة نحو المزيد من التعددية الثقافية.
وشهد عام 2011 تصاعدا في التوتر بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، وزادت هجمات الحزب تدريجيا ضد قوات الأمن التركية، مما أدى إلى تقويض جهود عملية الحل السياسي.
كما يذكر أنه في عام 2009 أدرجت الولايات المتحدة بعض قادة الحزب البارزين، بمن فيهم مراد كارايلان وزبير أيدر، ضمن قائمة تجار المخدرات الأجانب، ثم أضافت لهم أيضا في أبريل/نيسان 2011 اثنين من أبرز قياديي الحزب هما جميل بايك ودوران كالكان، في خطوة اعتبرتها تركيا دعما لجهودها في مكافحة تمويل الحزب.
في عام 2012 بدأ جهاز الاستخبارات التركي محادثات مباشرة مع أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي، حيث جرى التفاوض حول إمكانية وقف إطلاق النار والبحث عن حل سياسي للنزاع.
وفي عام 2015 وفي أعقاب تفجير مدينة "سروج"، جنوبي تركيا، والذي نُسب إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، انهارت محادثات السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، وتجددت المواجهات المسلحة بعد فترة من التهدئة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!










