ترك برس

توجه الغازي كاظم أونلو، مع أول وحدة عسكرية تركية إلى كوريا عام 1950، وكتب مذكراته اليومية عما عايشه فترة تواجده في كوريا. وتحتفظ عائلته بمذكراته التي عثرت عليها بعد وفاته في عام 2013، ويشارك حفيده يوميات جده على وسائل التواصل الاجتماعي.

بدأ الوجود العسكري التركي في كوريا بعد تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب، عندما بلغت المشاكل ذروتها بين الجانبين في 25 حزيران/ يونيو 1950، حيث قام الجيش الكوري الشمالي بتحديد حدوده، تدخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة محذرا كوريا الشمالية بأن توقف هجماتها.

دعت الأمم المتحدة الدول الأعضاء لتقديم مساعدات عسكرية لكوريا الجنوبية في 27 يونيو عند رفض كوريا الشمالية الانصياع للتحذيرات، وكانت تركيا في تلك الآونة قد تأسست بعد الحرب العالمية الثانية وعلى وشك الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأصدرت قرارًا بإرسال قوات عسكرية إلى كوريا الجنوبية في 25 تموز/ يوليو 1950.

انطلق أول جنود أتراك للدعم في كوريا الجنوبية يوم 17 أيلول/ سبتمبر 1950، وكان من ضمنهم الغازي كاظم أونلو، تحت قيادة تحسين يازجي، في لواء ضمّ 5083 جنديا. لم يتخلى الغازي أونلو، عن ذكرياته التي كتبها عن يومياته في كوريا إلى يوم وفاته، وفيما يلي نتطرق لأقسام من مذكراته عن الحرب في باشغديكلي.

بقلم الغازي كاظم أونلو، في كوريا

20 سبتمبر 1950

نحن في محطة كيريكالي، يقوم حشد كبير من الناس بتوزيع الماء على الجنود، ووضع سلة عنب كهدية في كل عربة. في هذه الأثناء يأتي إلى جانبي شاب مرتديا ملابسا أنيقة، ويقول لي إنه كان جنديا محاربا. يغادر متمنيا لنا ذهابا وعودة بالسلامة، ونحن نواصل طريقنا وسط تصفيق حار وأصوات "شكرا لك جيشنا التركي".

19 أكتوبر 1950

في الساعة 13:20: عانت أراضي كوريا الجنوبية من الاحتلال الصيني والمغولي والتوراني، والياباني والروسي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ثم تعرضت للاحتلال مرة أخرى من قبل الكوريين الشماليين الموالين لروسيا في 25 يونيو 1950، وبدأت ملاحم بإسراع عدة جيوش من عدة دول لنجدتها، واليوم وطأت أقدامنا تراب كوريا الجنوبية التعيسة التي شهدت عمليات لعدة جيوش.

29 أكتوبر 1950

زينت الأعلام التركية الرائعة المعسكر الذي نقيم فيه، واستعدت وحدتنا للاحتفال الذي سيبدأ في العاشرة صباحا. لن نتمكن من حضوره لأننا بعيدون عنهم. يعد عيد الجمهورية من أعيادنا المقدسة، وينبغي أن يسعد ويبتهج الجميع فيه. يحتفل فيه في داخل وخارج الوطن، وعلى العكس يحزنني ورفقائي الاحتفال في هذا اليوم في أماكن بعيدة عن وطننا الجميل. كان ينعم جميع المواطنين الأتراك بنوم هانئ عندما بدأ الحفل هنا، وكانت الساعة 3:00 في تركيا، وبالطبع كبارنا وزوجتي الوفية وأولادنا ورود منازلنا كانوا من بين هؤلاء النيام. بلا شك كان حزني عظيما في هذا العيد لأنني أقضيه لأول مرة خارج الوطن ولا أعرف كيف ستمر ساعاتي وأيامي وأين وماذا أفعل؟ بعد شعوري بالحزن اليوم، لا أبعد الله أحدًا عن وطنه وعن بيته، إنه شعور مؤلم للغاية.

3 نوفمبر 1950

تظهر بوادر الاستعداد للحرب تدريجيا، يبدو احتمال تحركنا في أقرب وقت. أعطى الضباط درسا عن إشارات الخريطة في المساء، ثم استمعت إلى إذاعة أنقرة التي كانت تبث بعض الأغاني.

17 نوفمبر 1950

نأكل في الصباح حساء الدقيق مع المربى والشاي، لأننا نعطى الدقيق بدلا من الخبز ولا أحد منا يعرف كيفية صنع الخبز، نتناول غدائنا بلا خبز أيضا، ونشتاق لرؤية الخبز. تم رفع علمنا المجيد على سارية العلم بمعسكر تايدونغ في الساعة 13:00. يقدم لنا العشاء بلا خبز أيضا، ويستمر عملنا اليوم كباقي الأيام حتى الساعة 22:00.

20 ديسمبر 1950

أمضيت ليلتي بفرح وابتهاج لاستلامي رسالة بالأمس، كانت هذه الليلة من اللياليّ الأولى الحلوة التي نمت فيها نومًا هانئًا. استيقظت بالصباح بنفس الفرح والبهجة وواصلت أعمالي بشكل طبيعي. لا ترك الله أحدا من جنودنا بدون رسالة، صعب جدا أن لا يتواصل معك أحباؤك.

18 يناير 1951

بثت الوكالة الإخبارية في ساعات الصباح الأولى "رفض الصينيون مذكرة السلام"، فحزن وتألم جنودنا بعد تحطم أملهم وحلمهم بالعودة إلى الوطن دون أن يشهدوا حربا مؤلمة.

4 فبراير 1951

تستمر المعارك بشدة طوال اليوم، بينما يطلق وابل من الرصاص من المدفعية كالمطر على العدو. كانت الطائرات تحلق مثل النسور قاذفة ضربات جوية على مواقع العدو، وقد استشهد اليوم جنديان في هذه المعارك وأصيب 12 جنديا من جنودنا، وبلغت خسائر العدو 244 قتيلا و732 جريحا.

29 أبريل 1951

كسر الفوج الاحتياطي قوة العدو بشدة مما عطل تقدمهم نسبيا، وواصلت الطائرات والمدفعيات ضرباتها طوال اليوم، ما أدى للتسبب بأضرار كبيرة للعدو.

12 مايو 1951

لم يكن هناك أي نشاط يذكر للعدو على الجبهة. تمر أيامنا في أجواء مضطربة، وبعد توقعنا معاودة هجوم العدو في أقرب وقت، وفقا لشهادة الأسرى والتجسس على الاتصالات اللاسلكية للعدو.

العثور على مذكراته بعد وفاته

توفى الغازي كاظم أونلو في عام 2013، وكان يحتفظ بمذكراته في مخبأ خاص. عثرت عليها عائلته بعد وفاته. يحتفظ الحفيد سايجي أونلو، بعناية بمذكرات جده عن يومياته في الحرب منذ عثوره عليها بهدف نقلها إلى الأجيال القادمة.

كما يشارك الحفيد أونلو يوميات جده عبر وسائل التواصل الاجتماعي باستمرار قائلا: "هذه الذكريات علاوة على أنها ذكريات عائلة فهي أيضا ذكريات أمة". ويصف يوميات جده و ما عاشوه عند رؤيتها بهذه الكلمات:

"لم يطلعنا جدي على ذكرياته طوال حياته. قرأناها بعد أن عثرنا عليها بعد وفاته، وبدأ بكتابتها يوم 20 سبتمبر 1950 وانتهى في 13 أغسطس 1951، يعني منذ مغادرته الوطن حتى عودته. كتب فيها تفاصيل مثل الأماكن التي ذهب إليها والأحداث التي عاشها ومشاعره. أعتقد أنه كان يسطر أشواقه بدلا من انتظاره للرسائل، وكان يكتب موبخا في نهاية كل يوم "لا توجد رسالة اليوم أيضا". في النهاية كتب "لا توجد رسالة اليوم أيضا، صدق من قال البعيد عن العين بعيد عن القلب"، بعد ذلك لم يعد يكتب أي كلمة عن أشواقه، ثم تغير أسلوبه...".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!