ربا حبوش - خاص ترك برس

بعد أكثر من تسع سنوات على الثورة السورية تواطأ فيها كل شيء لإحكام اليأس على نفوس السوريين وخلق حالة عامة من التلاوم المستمر بين الجميع وللجميع، وقد وقع لوم السوريين على المجتمع الدولي، والقيادات السياسية، والعسكرية، والمجتمع مدني، لا شيء غريب في ظل الألم والظلم والقهر الذي يتعرضون له.

من يتواصل مع السوريين أو يتابعهم يشعر بحجم القهر والغضب الذي يملأ نفوسهم من خذلان القريب وتخاذل البعيد.

ضمن هذه الصورة المؤلمة وتعقيد المشهد تأتي أسئلتي لأصدقائي ومعارفي مع اختلاف تياراتهم ومذاهبم وآرائهم، ماذا نريد من سورية المستقبل؟

وبالرغم من بداهة الجواب نظرياً إلا أن التطبيق صعب وشاق عملياً ويحتاج لتضافر الجهود ويفرض إعادة طرح السؤال هنا حتى لا تضيع البوصلة أو يتشتت الهدف، فثورتنا التي خرجنا من أجلها هي ثورة الحقوق والحريات، هذا جوهرها، وهدفها الوصول إلى العيش الكريم في كنف دولة ديمقراطية تضمن الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية لكافة أبنائها.

لم تكن ثورتنا أبداً ثورة ضد فئة؛ بل ثورة المظلومين ضد الظالمين، وثورة المطالبين بالحرية ضد طغمة الاستبداد، فهي ثورة وطنية منذ الانطلاقة سادها شعارات الوطنية عبر عموم مراحلها، ولطالما صدح صوت المتظاهرين: "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد"، وكان هذا أكثر ما يغيظ نظام الأسد الذي دأب على تصوير الثورة بأنها ضد طائفة، وليست ضده شخصياً، وضد عصاباته الأمنية، التي ضمت أسوأ ما في السوريين من مجرمين وفاسدين وانتهازيين من كل الطوائف والأعراق.

 إن إعادة النظر بشكل دائم بالخطاب الوطني في ضوء المتغيرات المستمرة بالمشهد السوري هو ضرورة ملحة لابد من العمل عليها مهما كانت التحديات قاسية، لتعميق ملامح خارطة الطريق أمام السوريين وإنقاذ الوطن ممن يدعي الوطنية والممانعة، وهو ضرورة من أجل تفعيل الحراك المدني ضد كل أشكال الطغيان الداخلي والخارجي، وردع كل محاولات العبث بمصالح الوطن وثقافته وعقائده وموارده.

 إن سورية المنشودة لن تكون إلا بهذا الخطاب الوطني الجامع، الذي يجمع ولا يفرق ويبني ولا يهدم ويزرع ولا يحرق، إن الإسقاط الحقيقي للنظام يكتمل بزوال جميع رواسبه القاتمة وعلى رأسها خطابه الخلبي الذي يتغنى بالتنوع أمام الكاميرا ويمارس وراءها أشنع أفعال الإقصاء والإلغاء وسياسة التفرقة وتمزيق النسيج الاجتماعي والإبادة لكل من يقول: لا.

عن الكاتب

ربا حبوش

نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس