ترك برس

لا تزال أصداء انتصار أذربيجان على أرمينيا في إقليم "قره باغ"، قائمة في المحافل والصحافة الدولية، دون أن يغيب عن هذا النقاش، الدور التركي في تفوّق باكو على يريفان.

ويرى تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي البريطاني، أنه ومن خلال الانتصار الأذربيجاني في "قره باغ"، أصبحت تركيا أحد اللاعبين الأساسيين في القوقاز.

وأوضح راغب صويلو، كاتب التقرير ومراسل الموقع البريطاني في تركيا، أنه عندما أطل الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف من شاشة التلفزيون الشهر الماضي ليعلن بفرح عن وقف إطلاق النار في إقليم ناغورني قره باغ، كانت عبارات الشكر لأنقرة أول ما تلفظ به الرئيس المنتصر.

وبعد يومين من خطاب علييف المذكور آنفا، وجه أعضاء بارزون في المعارضة الأذربيجانية رسالة مفتوحة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، متجاهلين علييف، تدعو تركيا إلى نشر قوات دائمة في مدينة شوشة في ناغورني قره باغ، والتي استولت عليها باكو مؤخرًا، لحماية المنطقة من تهديد روسي محتمل.

كما وقف أردوغان إلى جانب علييف خلال عرض عسكري الخميس الماضي، احتفالًا بالنصر في "قره باغ."

ويعلق المراسل بأن "ما حدث يمثل تغييرًا صارخًا ومفاجئًا في أذربيجان، قد لا تكون المشاعر الأخوية المتدفقة التي عبر عنها المواطنون في الشوارع، كافية لتخمين مداه. لقد عادت تركيا إلى أذربيجان بعد 100 عام من سيطرة الجيش العثماني على باكو"

يقول "ميدل إيست آي" إن الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، وصف المسؤولين الأتراك قبل 10 سنوات بـ"الكذب والغش والخيانة" إثر سعي أنقرة إلى تطبيع العلاقات مع أرمينيا، وذلك خلال اجتماعات مع مسؤولين أميركيين كبار وفقًا لبرقيات دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس.

كما انتقدت الاحتجاجات التي خرجت في باكو حينها أنقرة لسعيها إلى التطبيع مع يريفان دون الحصول على أي مقابل لأذربيجان فيما يتعلق بإقليم ناغورني قره باغ.

ولكن الوضع مختلف جدا الآن، يقول صويلو، حيث أصبح علييف الآن يدعو أردوغان بالأخ الثقة، كما يحث الأذربيجانيون من مختلف الأطياف السياسية تركيا على إنشاء قواعد عسكرية في بلدهم.

بيد أن السؤال الذي ما فتئ الدبلوماسيون الأجانب يطرحونه سعيا منهم لفك رموز هذا التحول في الموقف هو "لماذا الآن؟".

للإجابة عن هذا السؤال، ينقل التقرير عن مسؤول تركي كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه القول إن تدخل تركيا حدث "لأن أذربيجان طلبت المساعدة" ويضيف "الأمر بهذه السهولة. لا توجد مؤامرة أوسع".

ويشير صويلو إلى أن اشتباكات عديدة متفرقة ما فتئت تثور من حين لآخر منذ احتلال القوات الأرمينية إقليم ناغورني قره باغ و7 مناطق أذربيجانية مجاورة له عام 1994، كان آخرها في يوليو/تموز عام 2016. وظل الصراع على الإقليم المتنازع عليه مجمدا منذ ذلك الوقت إلى أن قررت أنقرة التدخل.

وقال إن مسؤولين أتراكا سبق وصرحوا في مقابلات مختلفة مع موقع "ميدل إيست آي" بأن عملية السلام التي تديرها مجموعة "مينسك" الدولية برئاسة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة كانت عديمة الجدوى على مدار الـ30 عاما الماضية، وأن الوقت قد حان لاتباع نهج جديد لحل النزاع في الإقليم.

وأنشئت مجموعة مينسك، التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا عام 1992، لإيجاد حل سلمي للنزاع على إقليم ناغورني قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا، لكن البعض يتهمها بالعجز عن إنتاج حلول عملية للنزاع، رغم مرور 28 عاما على تأسيسها.

ويشير التقرير أيضا إلى الروابط العرقية الوثيقة التي تجمع تركيا وأذربيجان، بصفتها عاملا مهما في قرار أنقرة مساعدة باكو في حربها الأخيرة، حيث يتحدث الشعبان اللغة نفسها ولديهما تاريخ مشترك عريق، وهو ما لفت إليه المسؤول التركي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إذ تساءل مستنكرا "هل من الغريب أننا حاولنا مساعدة إخواننا؟!"

يذكر مراسل "ميدل إيست آي" إلى أن المسؤولين الأتراك يسارعون إلى القول إنه بالرغم من أن الصراع في الإقليم المتنازع عليه حسم لصالح أنقرة وباكو، فإن أرمينيا هي التي أشعلت فتيل الحرب الأخيرة.

فقد هاجمت القوات الأرمينية منطقة غنجة الإستراتيجية شمال أذربيجان في يوليو/تموز الماضي، مما أسفر عن مقتل جنرال ومساعديه ممن دربتهم تركيا. وأعلنت وزارة الدفاع الأرمينية حينها أن الاشتباكات بدأت بعد أن حاولت القوات الأذربيجانية عبور الحدود بشكل غير قانوني.

وأورد الموقع رأي الدبلوماسي ماثيو بريزا، السفير الأميركي السابق لدى أذربيجان، الذي قال إن الهجوم، المذكور آنفا، خلّف فراغا دبلوماسيا في الصراع الأذربيجاني الأرميني، ما يشير إلى أن يريفان ستنتهج نهجا أكثر عدوانية.

وأضاف بريزا "كان من الواضح أن الولايات المتحدة وفرنسا لن تلعبا أي دور للتوسط في هذا التصعيد في العنف. لقد وقفت روسيا إلى جانب أرمينيا، ووقفت تركيا في الجانب الأذربيجاني".

وفي 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلق الجيش الأذربيجاني عملية لتحرير أراضيه المحتلة في إقليم "قره باغ"، وذلك عقب هجوم شنه الجيش الأرميني على مناطق مأهولة مدنية.

وبعد معارك ضارية استمرت 44 يوما، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، توصلت أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ينص على استعادة أذربيجان السيطرة على محافظات محتلة قبل نهاية العام الحالي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!