ترك برس

أكّدت صحيفة "فزغلياد" الروسية أنه لا يمكن لأحد منع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من بناء القناة الجديدة بين البحرين الأسود ومرمرة بمدينة إسطنبول، في ظل أحقية تركيا في بناء قنوات على أراضيها السيادية.

ونشرت "فزغلياد" تقريرا تحدثت فيه عن التداعيات المحتملة لمشروع قناة إسطنبول، والتي قد تصبح بديلا لمضيق البوسفور، مشيرة إلى أنها لن تكون المشروع الضخم الوحيد، بحسب ما ألمح إليه الرئيس التركي في حديثه عن اتفاقية مونترو، ذات الأهمية بالنسبة لدول البحر الأسود بما في ذلك روسيا.

وبحسب موقع "عربي21"، قالت "فزغلياد" إنه بعد انتهاء فترة رئاسة دونالد ترامب أصبح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محط اهتمام الجميع. ومع أن أردوغان "زعيم راديكالي"، إلا أنه رئيس "مبدع وطموح للغاية يتخذ باستمرار قرارات ذات أهمية كبيرة". وقد وجهت عدة انتقادات إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على خلفية تشكيك أردوغان في مصير اتفاقية مونترو.

وذكرت الصحيفة أن اتفاقية مونترو المبرمة في سنة 1936 تنظم مرور السفن المدنية والسفن الحربية من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط والعودة عبر قناتي البوسفور والدردنيل. وتفرض الاتفاقية قيودا على وجود أساطيل غير تابعة لدول البحر الأسود، سواء من حيث وقت الإقامة أو الحمولة، كما أنها تسلب أنقرة القدرة على التحكم في مرور السفن الحربية لدول البحر الأسود أو أي سفن تجارية عبر المضيق، في حال لم تكن تركيا في حالة حرب أو غير مهددة بالحرب.

بحسب مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، فإن إبرام الاتفاقية "ليس خطوة رائعة، بل خطوة معقولة"، بفضلها لم تستطع الدول المعادية إنشاء قواعد بحرية في البحر الأسود وتهديد الأمن التركي من الشمال. في المقابل، يريد أردوغان اليوم تحويل هذه الخطوة من معقولة إلى رائعة، مؤكدا أن قناة "إسطنبول" التي من المتوقع أن تصبح بديلا لمضيق البوسفور حسب خططه لا علاقة لها باتفاقية مونترو. وهو محق من الناحية النظرية.

وأوضحت الصحيفة أنه لا يمكن إدراج قناة إسطنبول في هذه الاتفاقية المبرمة قبل أكثر من 80 عاما، ويحق لتركيا تنظيم السفن والقوارب التي سوف تمر عبر القناة في جميع الظروف. وللوصول إلى بحر إيجة ومن هناك إلى البحر الأبيض المتوسط، فيجب أن تمر السفن والقوارب عبر مضيق الدردنيل، وهو جزء من اتفاقية مونترو. وهذا يعني أن قناة إسطنبول لا علاقة لها باتفاقية مونترو، ولا تقوضها في نفس الوقت.

ومع انطلاق أنقرة في بناء القناة الثانية، البديل لمعبر الدردنيل من مرمرة إلى بحر إيجة، سيتغير الوضع بشكل كبير. وحيال هذا الشأن، صرح وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو: "تركيا لن تدفن الاتفاقية. سوف نواصل العمل باتفاقية مونترو كما في السابق، وستمر السفن عبر مضيق البوسفور والدردنيل وفقًا للقواعد الحالية".

ستحصل أنقرة على ممر آخر، عبر قناتين جديدتين، يكون تحت سيطرتها بشكل كامل. ولا يتعلق الأمر بالمضائق، بل بالقنوات الاصطناعية، التي ربما ينجح المحامون الأتراك في سحبها جزئيًا من اتفاقية قانون البحار، ما يضمن السيادة التركية الكاملة.

وبناء على ذلك، ستحدد تركيا بنفسها الأطراف وتحت أي ظروف تمر السفن عبر هذه القنوات، وسوف تجني أرباحا هائلة. وقد أوضح أردوغان أن بناء قناة "إسطنبول" سيصاحبه بناء قنوات أخرى للحد من الاعتماد على اتفاقية مونترو، مقابل جعل العديد من الدول في تبعية لتركيا.

بينت الصحيفة أن القناة الجديدة ستمكن تركيا من تحصيل رسوم مرور السفن التجارية، إلى جانب التحكم في مرور السفن الأجنبية. ومن جهتهم، لا يعارض الأمريكيون إنشاء قاعدة بحرية خاصة بهم في البحر الأسود، وإن لم تكن على أراضي أوكرانيا أو جورجيا، فعلى الأقل في بلغاريا أو رومانيا، غير أن اتفاقية مونترو لا تسمح بذلك.

عند حفرها القنوات، قد تسمح تركيا بمرور حاملات الطائرات الأمريكية إذا ما توقفت الولايات المتحدة عن التدخل في شؤونها الداخلية ومنحتها تفويضًا كاملاً في الشرق الأوسط. لكن أنقرة قد لا تسمح بذلك في حال تلقت تنازلات من الجانب الروسي بشأن سوريا وجنوب القوقاز، وأخذت مصالحها بعين الاعتبار في شبه جزيرة القرم وعدد من المناطق الأخرى في روسيا.

وأوردت الصحيفة أن أردوغان يستخدم استراتيجيته المعتادة القائمة على الضغط من أجل الحصول على تنازلات من طرف الشركاء والأعداء وحتى الحلفاء. إلى جانب ذلك، لا يمكن لأحد منع الزعيم التركي من بناء القناة الجديدة في ظل أحقية تركيا في بناء قنوات على أراضيها السيادية.

وبناء على ذلك، يتعين على اللاعبين الدوليين في منطقة البحر الأسود التكيف أو البحث عن أدوات مماثلة للضغط على أنقرة. حسب الصحيفة الروسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!