أوكاي غونينسين – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

عندما تتصاعد وتيرة الأحاديث عن تحالفات قبل او بعد الانتخابات، سرعان ما يتبادر إلى ذهن العديد منا مشاكل جمة كالجبال، فلا أحد يستطيع التحدث بإيجابية عن تجارب التحالفات السياسية التي كانت تحدث، حتى من قبل المشاركين فيها.

ربما لم يكن تحالف حزب الطريق القويم مع الحزب الشعبي الديمقراطي الاجتماعي، عام 1991 سيئا كغيره من التحالفات السياسية الأخرى، لكننا في نفس الوقت لا نستطيع اعتبار أنّ قيادة هذا التحالف لتركيا في ذلك الوقت كان جيدا.

كان التحالف القومي بقيادة دمرال قبل عام 1980 كابوسا بالنسبة لتركيا، كما ينطبق الأمر على التحالف الذي جرى بعد انتخابات عام 1999، فالتحالف القومي قبل الثمانينات جعل تركيا تمد يدها للخارج من أجل الخروج من أزماتها الاقتصادية، وتحالف التسعينات سبّب أكبر وأعظم أزمة اقتصادية في تاريخ الجمهورية التركية.

والحديث الذي يدور عن تحالف الان، يرتكز في الحقيقة على احتمال ضعيف، وخلاصته العمل على عدم حصول العدالة والتنمية على أغلبية كافية في البرلمان تؤهله لتغيير الدستور وإنشاء النظام الرئاسي، من خلال تشكيل تحالف مضاد بين الأحزاب الأخرى.

ومن يسعى لوضع حزب العدالة والتنمية في هذه الوضعية هما حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، وانضم إليهما مؤخرا حزب الشعوب الديمقراطي الذي بدأ يستخدم نفس أسلوب الخطاب مؤخرا، محاولين تشكيل تحالف بينهم تحت قبة البرلمان.

ولو افترضنا أنّ التحالف قد تم، واتفقت الأحزاب الثلاثة على برنامج سياسي مشترك، فالعواقب بعدها لن تخرج عن الإفلاس والتضخم وأزمة اقتصادية كبيرة في البلاد، وتوقع ذلك لا يحتاج لسؤال خبراء في الاقتصاد.

في الحقيقة من الصعب جمع الأحزاب الثلاثة على برنامج سياسي واحد، لاختلاف أفكارهم ومبادئهم وتوجهاتهم، لكن الهدف من هكذا تحالف هو أنْ يخاطب كل حزب فئته الخاصة من الشعب، وهذا لا يمثل سوى تكرارا لحالات سبق وأنْ عشناها وجربناها، ورأينا آثارها على الدولة والشعب.

وما يسعون إلى تحقيقه، يتمثل في أنْ يحصل حزب العدالة والتنمية على عدد المقاعد الأكبر داخل البرلمان كحزب، وسيأخذ الأمر بتشكيل الحكومة بناء على طلب رئيس الجمهورية، وحينها سيبحث الحزب عن حليف داخل البرلمان، ومن الواضح أنّ احتمال تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الشعب الجمهوري يساوي صفرا، وبما أنّ العدالة والتنمية يتخذ في حملاته الانتخابية حزب الشعوب الديمقراطي الهدف الأبرز له، فإنّ احتمال تحالفهما ضعيف جدا.

وبذلك لا يتبقى أمام حزب العدالة والتنمية سوى حزب الحركة القومية، وستكون الإجابة واضحة ومعروفة لسؤال "كيف لتحالف العدالة والتنمية مع الحركة القومية أنْ يقود تركيا نحو أهداف تركيا الجديدة، أهداف 2023؟".

عندما نتحدث عن التحالفات والاحتمالات القائمة، نستطيع بكل سهولة التوصل إلى نتيجة تقيّم أفضل تحالف ممكن أنْ يحصل بعد الانتخابات ليقود الدولة التركية إلى ما ترنو إليه، خصوصا عندما نعلم أنّ عدم حصول حزب العدالة والتنمية على أغلبية كافية، لا يتم بتجاوز حزب الشعوب الديمقراطي لنسبة الحسم فحسب، وإنما على حزب الشعب الجمهوري أنْ يحصل على 30% من الأصوات، والحركة القومية على 20%، وهذا أقرب للخيال منه للواقع.

لهذا فإنّ كل المؤشرات تشير إلى أنّ احتمال تشكل تحالف هو احتمال ضئيل جدا، ومع اقترابنا أكثر من الانتخابات التي يفصلنا عنها شهر واحد فقط، ينصح المختصون بعدم الخوض في خيالات تشكيل تحالفات، لأن العدالة والتنمية يستطيع أنْ يتحالف مع نفسه عندما يفوز بأغلبية ساحقة، وكل الدراسات والاستفتاءات تشير إلى ذلك.

عن الكاتب

أوكاي غونينسين

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس