أوكاي غونينسين - صحيفة أقشام - ترجمة وتحرير ترك برس

عشنا يوم أمس أكبر مجزرة دموية في تاريخ الجمهورية التركية، ونعيش الآن حالة من الغضب والحزن الشديدين، ولا شك أنّ هناك هدفا لهذه المجزرة المروعة، ولتحديد هذا الهدف، لا يمكننا الاكتفاء بقول "الهدف هو تركيا بأكملها".

هدف المجزرة هو استهداف اليساريين، الذي اجتمعوا من أجل إقامة مهرجان يدعو للسلام، هؤلاء الذين جاؤوا من كل أنحاء تركيا من أجل إعلان أنهم يقفون ضد عنف جميع الأطراف. وقد كان اليساريون أيضا هدفا لمجزرة سوروج، وكذلك استهدفوا الشباب الاشتراكي، لأنهم كانوا ينوون الذهاب إلى كوباني من أجل تقديم المساعدات الإنسانية للأكراد هناك.

لا يوجد أسباب حقيقية من الممكن أنْ تقود الجماعات الارهابية التي ذكرها رئيس الوزراء لارتكاب مجزرة مروعة مثل هذه، ولا يوجد حتى الآن أي تفسير منطقي من الممكن أن يدل على أنّ حزب العمال الكردستاني هو من ارتكب هذه المجزرة. كما أننا نجد أنّ احتمال قيام داعش بارتكاب مجزرة ضد اليساريين في أنقرة كالمجزرة التي حصلت في سوروج هو احتمال ضعيف.

من يقف خلف هذه المجزرة يتعدى بمراحل كونه من إحدى المنظمات التي ذكرناها، فالقيام بمجزرة بهذا الحجم وفي العاصمة التركية أنقرة، دليل قاطع على الهدف الكبير الذي يكمن خلف مثل هذه الحادثة.

في السابق، أعلن رئيس الوزراء عن إلقاء القبض على مرتكبي التفجيرات التي حصلت في ريحانلي وسوروج وفي ديار بكر، لكن رئيس الوزراء نفسه يدرك أنّ من تم إلقاء القبض عليهم هم بعيدون جدا عن مركز القرار الذي أوعز إليهم للقيام بهذه التفجيرات، وهذا الأمر تكرر في قهرمان مراش وفي سيواس، وحقيقة ارتكاب المتهمين الذين تم إلقاء القبض عليهم لهذه العمليات ما يزال مثار جدل ونقاش.

ارتُكبت العديد من الجرائم في تركيا لا نعلم حتى الآن من قام بها، ولا شك أنّ رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو يعلم جيدا أنّ كل التحقيقات التي تبعت تلك الجرائم قد توقفت عند محطة معينة، ولم تستطع الوصول إلى من قام بتلك العمليات، مثل اغتيال "أبدي إبيكتشي" وكذلك "أوغور مومجو".

قلنا قبل عدة أيام فقط أننا نعيش "اجواء انتخابية هادئة"، وقلنا أيضا "أنّ ذلك لا يعني إهمال السيناريوهات المروعة والمرعبة التي كنا نعيشها قبل كل انتخابات"، وقد وقعت مجزرة أنقرة قبل أن يمر 24 ساعة على هذه الكلمات.

الهدف الأول لهذه المجزرة هو نقل التوتر والقلق إلى الذروة، والهدف الثاني هو الحيلولة دون إجراء انتخابات سليمة هادئة. ويوجد هدف ثالث أيضا، وهو إظهار أنّ حزب العدالة والتنمية لا يستطيع إدارة الدولة التركية بعد الآن.

وإذا كان الحزب الأكبر في البلاد لا يستطيع إدارة شؤونها، وإذا استطاعت هذه الأطراف دبّ الرعب في نفوس المواطنين، فإنّ نتيجة ذلك معروفة، وهي "لنترك الديمقراطية فترة من الوقت، لنستعيد عافيتنا، ثم نعود للديمقراطية مجددا".

عن الكاتب

أوكاي غونينسين

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس