ترك برس

شهدت مدينة إسطنبول، مؤخراً، انطلاق مشروع يهدف لخلق الترابط في مجال بيئة ريادة الأعمال، بين الجالية العربية في تركيا، والتي يقارب عددها 6 ملايين نسمة.

المشروع الذي يحمل اسم "كور إسطنبول"، بدأ مزاولة نشاطه على أرض الواقع بعد عام كامل من التحضيرات، وهو يهدف إلى خلق مجتمع شبابي عربي متخصص ومهتم بقطاع ريادة الأعمال في تركيا، ويعمل على بناء شركات ناشئة وفاعلة، وإنتاج أيد عاملة تمتلك مهارات العمل في السوق.

ومن خلال هذا المشروع، تسعى مجموعة من الشباب العرب في تركيا لاستغلال ظروف بيئة العمل واتساع الجالية العربية وتنوع أفكار أبنائها عن طريق بناء مركز متخصص في تقديم خدمات متكاملة في مجال ريادة الأعمال برعاية رجال أعمال ومنظمات دولية داخل تركيا وخارجها.

ولتحقيق هذه الأهداف، يقدم "كور إسطنبول" 3 خدمات رئيسية، أهمها إطلاق برنامج احتضان يستهدف 40 مشروعا ناشئا سنويا في تركيا، حيث يتلقى فيه أصحاب المشاريع المحتضنة دعما استشاريا كاملا بدءا من تقييم الفكرة، مرورا بتنفيذ بحوث السوق وبناء النموذج التجاري وخطة العمل وتقديم الاستشارات القانونية، وصولا إلى توفير مساحة عمل مجانية طوال فترة الاحتضان، مع ربط المحتضنين بشبكة من المستثمرين المهتمين بالمشروع.

كما يقدم كور إسطنبول خدمة إطلاق برامج وأنشطة متخصصة لتطوير المهارات الحرفية المطلوبة في سوق العمل، كالتصميم والتسويق واللغات والتجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي وغيرها من القطاعات.

ويقدم المركز لأصحاب المشاريع التي يتم احتضانها خدمة مساحة عمل تفاعلية داخل مكان عمل يجري تشييده في منطقة يني بوسنة بإسطنبول الأوروبية، ويمتد على مساحة 1200 متر مربع، وسيكون مجهزا بكل وسائل وأدوات الدعم التقنية واللوجستية من قاعات اجتماعات وقاعات تدريبية، و50 مكتب عمل شخصي مجهزا للشباب العربي وأصحاب المشاريع.

وتصنف كور إسطنبول، التي رخصت في تركيا على أنها مؤسسة مجتمع مدني "غير ربحية"، المستفيدين من خدماتها إلى 3 شرائح: وهي شريحة الراغبين في دخول مجال ريادة الأعمال لتنفيذ فكرة أو مشروع خاص، وشريحة الذين يمتلكون مشاريع انطلقت بالفعل في إطار العمل الحر لكنهم يبحثون عن الدعم والتمويل والخدمة لتطوير أعمالهم، أما الشريحة الثالثة من المستفيدين فتتمثل فيمن يبحثون عن امتلاك مهارات تؤهلهم لدخول سوق الأعمال.

ونقل تقرير لـ "الجزيرة نت"، عن عبد العزيز جهاد، مدير برنامج الاحتضان ونائب المدير التنفيذي لمركز كور إسطنبول، قوله إن الفكرة نبعت من حقيقة اتساع حجم الجالية العربية في تركيا التي يربو تعداد أفرادها على 6 مليون نسمة، وفي حين أنها تمتلك المؤهلات والموارد والقدرات وأفكار المشاريع الخلاقة، فهي تعاني من غياب الترابط في مجال بيئة ريادة الأعمال ونقص الدعم الريادي الكافي لسد احتياجاتها بالشكل المطلوب.

وأضاف أن مجموعة من الطلاب العرب من جنسيات مختلفة انطلقت في هذا المجال، مستفيدة من المزايا التي يوفرها سوق ريادة الأعمال التركي الذي يضم 56 مسرعة أعمال و45 مساحة عمل مشتركة، أسهمت خلال السنوات العشر الأخيرة في تحويل عدد كبير من المشاريع الناشئة في البلاد إلى مشاريع مليارية في القيمة السوقية.

ويسعى القائمون على مركز كور إسطنبول إلى الاستفادة من التجربة التركية العميقة بشقيها الحكومي والخاص في دعم قطاع ريادة الأعمال، حيث يوضح جهاد أن التجربة التركية هي تجربة حديثة وناشئة في سوق ريادة الأعمال العالمي، لكنها تميزت باكتمال أركانها التي حققت نجاحات هامة مثل تجارب "التكنو باركس" ومسرعات الأعمال المختلفة.

وأشار جهاد إلى أن هناك تفاوتا في واقع ريادة الأعمال في العالم العربي، إذ قطعت دول الخليج شوطا جيدا في هذا المجال، بينما تعاني دول أخرى من تأخره. لكن السمة العامة لريادة الأعمال العربية هي أنها ما زالت بيئة ناشئة تلقى اهتماما متزايدا من قطاعات الشباب بيد أن الدعم الموجه لها ما زال دون المستوى المطلوب.

وأوضح الناشط العراقي أن دور كور إسطنبول يتمحور حول خلق بيئة متكاملة لريادة الأعمال العربية في تركيا تتكون من مجموعة أقطاب، أهمها الخبراء والمستثمرون وأصحاب أفكار المشاريع، بحيث تدعم هذه الأقطاب بعضها بعضا في جميع المجالات على طريق دعم الأعمال الناشئة.

ويعتقد الناشطون في مركز ريادة الأعمال الناشئ أن تجارب تأسيس المشاريع التي خاض غمارها كثيرون منهم قبل قرارهم صهر تجاربهم في "كور إسطنبول" تمثل قيمة عملية وواقعية تضاف إلى حسابات النجاح التي يعولون عليها، إذ سبق للمدير التنفيذي للمشروع سلام أحمد أن نفذ مشاريع ناجحة في إطار ريادة الأعمال في مسقط رأسه بغداد وفي تركيا التي يقيم فيها اليوم، وكذلك فعل مضر غليون وهو طالب سوري أسس مشاريعه الخاصة ويعمل منسقا في برنامج الاحتضان.

ويقول غليون إن من ميزات فكرة المركز الجديد قدرته على التعامل مع التنوع الكبير لعناصر بيئة ريادة الأعمال العربية في تركيا وتغطيتها مساحة واسعة من الجغرافيا العربية، مؤكدا أن رواد الأعمال العرب في تركيا تجمعهم ظروف موضوعية متقاربة، لكن هناك لمسات تفرد تتميز بها كل مجموعة منهم، حيث تسعى كور إسطنبول إلى توفير الظروف المناسبة لنمو وتطور مختلف الأعمال العربية الناشئة في تركيا وحتى في الدول العربية.

ويوضح غليون أن قيمة النشاط في مجال ريادة الأعمال تكمن في الطبيعة النوعية لرواد الأعمال الذين إذا أحسن تكوينهم كانوا قادرين على تحريك مجتمع ريادة الأعمال بالكامل.

أما البراء عمار مدير قسم التسويق الإلكتروني في المجموعة، فقال إن التغييرات الكبيرة في سوق الأعمال عقب انتشار جائحة كورونا عام 2019 منحت كور إسطنبول فرصة حقيقية لتسويق فكرته ورفعت من جاذبيته بين شريحة المستهدفين العرب في تركيا، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، التي تم استهدافها بشكل مركز في عملية التسويق الإلكتروني للمشروع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!