ترك برس

قالت الصحفية الروسية المختصة بالشأن السياسي والسياسة الخارجية، يوليا لاتينينا، إن الرئيس فلاديمير بوتين ضيّق على نفسه، من خلال تعاطيه مع الملف الأوكراني، مؤكدة أنه مدرك تماماً على ما يبدو قوة تركيا.

جاء ذلك في مقال لها بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حول تطورات الأزمة القائمة بين روسيا وأوكرانيا، وسط تصاعد التوتر واتجاهه إلى صراع مسلح.

وتؤكد الصحفية الروسية أنه في ظل التصعيد الحالي بين موسكو والغرب فإن ما سيحدث الأيام القليلة المقبلة أمر غير معروف، لكن الشيء الوحيد الواضح هو أن مقامرة السيد بوتين فشلت حيث يرى الآن أن هامش المناورة المتاح له يتضاءل ويمكنه اتخاذ خطوة الغزو والمجازفة بالهزيمة، أو التراجع دون أدنى مكسب من نهج السير نحو حافة الهاوية الذي يتبناه.

وترى الكاتبة أن نية الكرملين عدم خوض غمار الحرب قد لا تكون واضحة خاصة في ظل الحشد المضطرد لأكثر من 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن هناك أسبابا عديدة للاعتقاد بأن موسكو ستتراجع عن خطوة الغزو.

فمن ناحية لدى بوتين -الذي اتسم سلوكه بالحذر الفطري لمدة عقدين من الزمن- سجل في الانسحابات عند ظهور أول مؤشر على الصراع الحقيقي، فعندما قتلت القوات الأميركية عشرات المرتزقة الروس بسوريا عام 2018 على سبيل المثال كانت لديه فرصة مثالية للرد، لكن موسكو نفت بدلا من ذلك وقوع أي مذبحة على الإطلاق.

وبالمثل -تضيف الكاتبة- عندما استهدفت طائرات مسيرة تركية المرتزقة والمعدات الروسية في كل من ليبيا وسوريا لم يكن هناك أيضا أي إقرار واضح من قبل موسكو، بل إن بوتين كان مدركا تماما على ما يبدو قوة تركيا لدرجة أنه لم يجرؤ أيضا على الوقوف إلى جانب أرمينيا عندما تعرضت أراضيها في سبتمبر/أيلول 2020 للهجوم من قبل أذربيجان المدعومة من أنقرة.

وفي كازاخستان، بدأ الرئيس الروسي -بعد أن قرر إرسال قواته منتصرة إلى هناك لفترة غير محددة- في سحبها بعد وقت قصير فقط من تلقي وزير الخارجية سيرغي لافروف مكالمة هاتفية من نظيره الصيني وانغ يي.

ومن الواضح أن العمليات العسكرية الروسية الكبرى الناجحة في عهد الرئيس بوتين -هزيمة جورجيا عام 2008 وضم شبه جزيرة القرم عام 2014- حدثت على حين غرة حينما كان الغرب منشغلا بأشياء أخرى وكانت موسكو قادرة على إتمام مخططاتها دون تهديد معارضة دولية مسلحة.

مغامرة توسعية

لكن في الحالة الأوكرانية -تضيف الكاتبة- ليس هذا هو الحال، كما أن الأسباب الداخلية لخوض الحرب غير موجودة الآن في روسيا حيث انخفضت نسب التأييد لبوتين وارتفعت الأسعار، لكن لا وجود لاضطرابات داخلية كبيرة ولم يتبق سوى عامين على الانتخابات.

كما أن بوتين ليس بحاجة في الوقت الراهن لمغامرة توسعية من أجل دعم حكمه أو إلهاء الشعب عن مشاكله "فالحرب زر أحمر كبير يمكن الضغط عليه مرة واحدة فقط، لكن الآن ليست هناك حاجة لذلك".

ثم إن هناك سببا رئيسيا يبرر هذا الموقف -تختم الكاتبة- وهو أن روسيا لن تكون متأكدة من النصر حيث تحسنت قدرات الجيش الأوكراني كثيرا بعد أن رفع مستوى معداته وجاهزيته لاحتمال غزو بري، ومن المرجح أن القوات الروسية المنتشرة بالقرب من الحدود غير كافية لإتمام المهمة. وبسبب تعداده الكبير، قد يكون بمقدور الجيش الروسي التقدم، لكن الشيء المؤكد أن ذلك ستكون فاتورته خسائر فادحةً في الأرواح.

وتشهد العلاقات بين كييف وموسكو توترا متصاعدا منذ نحو 7 سنوات، بسبب ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في "دونباس".

وبين الفينة والأخرى، تتواصل الاشتباكات في "دونباس" بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا الذين أعلنوا استقلالهم المزعوم عام 2014.

ومؤخرا، وجهت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، اتهامات إلى روسيا بحشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، وهددت واشنطن بفرض عقوبات على موسكو إذا شنت هجوما على أوكرانيا.

وترفض روسيا الاتهامات بشأن تحركات قواتها داخل أراضيها وتنفي وجود أي خطط عدوانية لديها تجاه أوكرانيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!