ترك برس

تباينت آراء الخبراء والمحللين الروس بشأن محاولات الولايات المتحدة الأمريكية إقناع تركيا بإعطاء أوكرانيا منظومة صواريخ "إس-400" التي اشترتها من روسيا، مقابل إعادتها إلى برنامج تطوير مقاتلات "إف-35".

تجدر الإشارة أنه في 24 فبراير/ شباط الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية “مشددة” على موسكو.

وتشترط روسيا لإنهاء العملية، تخلي أوكرانيا عن أي خطط للانضمام إلى كيانات عسكرية بينها حلف شمال الأطلسي "الناتو" والتزام الحياد التام، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا في سيادتها".

وقال متحدث باسم البنتاغون لشبكة سكاي نيوز عربية إن الولايات المتحدة تتفاوض باستمرار مع أنقرة بشأن احتمال تخلي تركيا عن منظومة إس-400 الصاروخية الروسية الصنع ونقلها إلى كييف، على خلفية الحرب الدائرة.

في المقابل، تقترح الولايات المتحدة إعادة تركيا إلى برنامج إنتاج القاذفات المقاتلة الأمريكية من طراز F-35 من الجيل الخامس، وكذلك رفع عدد من العقوبات عنها. كما أفادت وكالة رويترز بإمكانية نقل مجمعات إس-400 إلى كييف. حسبما نقلت صحيفة ""فزغلياد" الروسية.

وفي الصدد، قال الخبير العسكري، رئيس تحرير مجلة "ترسانة الوطن"، أليكسي ليونكوف: "إذا وافقت تركيا على نقل منظومة إس-400 الصاروخية المضادة للطائرات التي تم شراؤها من روسيا إلى أوكرانيا، فقد يؤدي ذلك إلى وقف كامل للتعاون بين موسكو وأنقرة. لذلك، لن يتخذ الرئيس التركي أردوغان مثل هذه الخطوة في الوضع الحالي".

وبالنسبة لأردوغان، فإن مثل هذه المساعدة لكييف تعني انتحارا. فـ "تركيا اشترت هذه المجمعات لتنظيم دفاعها الجوي. وقد تسببت هذه الخطوة في مشكلة بين أنقرة وواشنطن.

واستبعدت الولايات المتحدة تركيا من برنامج إنتاج طائرات F-35 وفرضت عددا من العقوبات على أنقرة. وبالمحصلة، استند برنامج أردوغان السياسي إلى ذلك بالكامل: فقد أظهر للناخبين الأتراك أنه زعيم مستقل وقوي"، بحسب ليونكوف.

بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد متخصصون في أوكرانيا مدربون على تشغيل منظومة إس-400، ويمكن أن يستغرق تدريبهم شهورا أو حتى سنوات.

وقال ليونكوف: "وإلى ذلك، تمتلك روسيا العديد من الأنظمة القادرة على تدمير مثل هذا السلاح". حسبما أوردت وكالة "RT".

وبحسب مصادر في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن المسؤولين الأمريكيين يريدون تحويل تركيا عن سياستها القائمة على التوازن بين موسكو وكييف. ولكن البيت الأبيض قلق من ردة فعل الكرملين على احتمال ظهور "إس-400" في منطقة الصراع.

هناك شيء واحد واضح: مع هذا الخيار لتقديم المساعدة إلى كييف، تتوقع واشنطن إزالة الخلافات مع أنقرة التي نشأت بسبب شرائها هذه المنظومة. وفق صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية.

على الرغم من حقيقة أن تركيا وصفت علانية ما كان يحدث بأنه "حرب" وأعلنت أن الإجراءات الروسية غير مقبولة، إلا أنها في الوقت نفسه لم تنضم إلى حملة العقوبات ضد روسيا. بل أبدت أنقرة رغبتها في أن تكون وسيطا وأجرت مفاوضات منظمة بين الوفدين الروسي والأوكراني على أراضيها.

لذلك، وفقا للمدير العلمي لمعهد أبحاث السياسة الخارجية آرون شتاين، يبدو "خيار إرسال إس-400 إلى كييف غير مربح بالنسبة لتركيا وغير واقعي. فقد تمكنت تركيا من السير على حد السيف، ومن المؤكد أن يثير نقل صواريخ إس-400 الروسية غضبا خطيرا لدى روسيا".

ومع ذلك، فإن مناقشة الفكرة مع "إس-400" توضح جيدا كيف يعود موضوعها من جديد إلى الأجندة الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا.

لا يستبعد المراقب العسكري في "غازيتا رو"، ميخائيل خودارينوك، أن توافق تركيا على العرض الأمريكي. وقال لصحيفة "كوميرسانت": "ففيما لم يكن بوسع أنقرة في السابق الخضوع لضغوط واشنطن دون الإضرار بالكرامة الوطنية، يبدو أن نقل إس-400 إلى أوكرانيا شيء مختلف. يمكن تسويق ذلك ليس كاستسلام، إنما كمساعدة أخوية في صد العدوان".

وأضاف أن إغراء أنقرة كبير: رفع العقوبات والعودة إلى برنامج F-35 إيجابيتان كبيرتان للغاية. "والباقي، مسألة تقنية. من الممكن نقل إس-400 بواسطة طائرات النقل العسكرية إلى بولندا، ومن هناك تسليمها إلى أوكرانيا.

لن يكون إتقان إس-400 صعبا على أولئك الذين تعاملوا مع إس-300. بينما إعادة تدريبهم لاستخدام باتريوت ستكون أكثر صعوبة. في ظل ظروف القتال، لن يستغرق ذلك الكثير من الوقت".

أما من وجهة نظر الخبير العسكري يوري ليامين فالتدريب سيستغرق وقتا، خاصة وأن أوكرانيا لديها نسخة قديمة جدا من إس-300، من مخلفات الحقبة السوفيتية؛ والفرق مع إس-400 كبير جدا.

و"سوف يتطلب نقل إس-400 أكثر من رحلة بطائرات النقل الثقيلة. وهذا يجب أن يلفت انتباه استخباراتنا، وبعد ذلك يمكن تدمير القوافل التي تنقل إس-400 بعد عبورها الحدود".

كما استبعد ليامين أن تقوم تركيا بهذه الخطوة غير الودية تجاه روسيا، وبحسبه، "أنقرة نفسها في حاجة إلى صواريخ إس-400. ولن يكون من السهل التعويض عنها دون المساومة على القدرة الدفاعية للبلاد".

وحث رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون، الأربعاء، الغرب والولايات المتحدة على تسليم بلاده مقاتلات إف-35 وبطاريات باتريوت "بدون أي شروط مسبقة"، قائلا إن المقترحات غير الرسمية لن تصلح العلاقات.

وفي مقال رأي في صحيفة وول ستريت جورنال، أشار ألطون إلى مقال نُشر الأسبوع الماضي اقترح استخدام أنظمة صواريخ إس-400 تملكها تركيا في أوكرانيا ضد روسيا، وذكر (المقال) أن ذلك سيؤدي إلى تحسين العلاقة بين واشنطن وأنقرة.

وقال ألطون، إن "الفكرة، رغم أنها غير واقعية اليوم، إلا أنها تمثل فرصة لمناقشة المشاكل التي واجهتها تركيا مؤخرا مع الغرب". حسبما نقلت وكالة الأناضول.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!