خليل أرسلان - خاص ترك برس

تسبب الغلاء وارتفاع معدلات التضخم في تركيا مؤخراً، بظهور بعض التعقيدات في أثمان الإيجار، كما هو الحال في العديد من المجالات الأخرى. ويتصدر الأجانب ممن لا يحيطون الإحاطة الكافية بحقوقهم القانونية، ضحايا التعقيدات هذه، سواء أكانوا مستأجرين أم أصحاب العقارات موضوع الإيجار.

نتيجة لذلك، نتلقى بشكل شبه يومي استفسارات مختلفة حول اختلافات تنشأ بين أصحاب العقارات والمستأجرين. لذا كان لزاماً كتابة مقال يوضّح تفاصيل الحقوق والمسؤوليات في هذا الخصوص.

بداية، يجب الإشارة إلى أنه عادة ما يتم إبرام عقود الإيجار في تركيا لمدة عام واحد. لكن هناك اعتقاد خاطئ يجب تصحيحه، ويتمثل في الظن بأن سريان هذا النوع من عقود الإيجار ينتهي بمضي عام على إبرامه. إلا أن القانون يقضي بوجوب إبلاغ المستأجر غير الراغب في تجديد العقد، صاحب العقار قبل انتهاء العقد بـ 15 يوماً على الأقل، برغبته المذكورة، وذلك عبر طرق الإبلاغ الرسمية. وفي حال عدم إبلاغ المستأجر صاحب العقار بهذا الأمر، يتم تمديد العقد تلقائياً بنفس الشروط السابقة مع إضافة زيادة لقيمة الإيجار بمعدل مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار الجملة (TEFE-TÜFE) في ذلك الشهر. أما صاحب العقار، فلا يحق له قانونياً إبلاغ المستأجر باعتزامه عدم تمديد العقد، ما لم يكن هناك سبب من الأسباب الموجبة لذلك والتي نصّ عليها القانون.

هناك بعض الأسباب القانونية التي تمنح صاحب العقار، حق فسخ عقد الإيجار ومطالبة المستأجر بإخلاء العقار. هذه الأسباب هي:

1- إن كانت هناك حاجة ملحة لاستخدام العقار كشقة أو مكان عمل لنفسه، أو زوجته، أو أقربائه من الأصول والفروع أو لصالح من يعد مكلف قانونياً برعايتهم، يمكنه مطالبة المستأجر بإخلاء العقار وفق الأسس القانونية ذات الصلة. ولا يحق لصاحب العقار بعد إخلائه لحاجة ملحة، تأجيره لمستأجر آخر غير المستأجر القديم، طيلة 3 سنوات، إن لم يكن هناك مبرر قانوني لذلك.

2- في حال تملّك العقار شخص آخر لاحقاً، وظهرت حاجة ملحة لاستخدامه كشقة أو مكان عمل لنفسه، أو زوجته، أو أقربائه من الأصول والفروع أو لصالح من يعد مكلف قانونياً برعايتهم، يمكنه فسخ عقد الإيجار عبر دعوى يرفعها بعد 6 أشهر، وذلك بشرط إبلاغ المستأجر كتابياً بالوضع خلال شهر من امتلاكه العقار.

3- كما يحق للمالك الجديد استخدام حقه في فسخ عقد الإيجار بسبب حاجته الملحة لذلك، عبر دعوى قضائية يرفعها خلال شهر واحد من انتهاء مدة العقد. وبالتالي يمكن للمالك الجديد إبلاغ المستأجر، عبر إبلاغ رسمي، بحاجته لاستخدام العقار ومبرره لذلك، خلال شهر من امتلاكه العقار. وفي حال لم يتم الإخلاء خلال المدة المحددة، يحق للمالك الجديد رفع دعوى إخلاء خلال الأشهر الـ 6 التالية لذلك. ويتطلب إثبات وجود حاجة ملحة من أجل تأمين صدور قرار الإخلاء من الدعوى القضائية المرفوعة.

4- في حال كانت هناك حاجة لصيانة أو توسيع أو تغيير العقار بالكامل مع استحالة استخدامه خلال هذه الفترة، يمكن فسخ عقد الإيجار عبر رفع دعوى قضائية، خلال شهر من تحديد التاريخ اللازم لهذه الغاية، وذلك مع الامتثال للفترات الزمنية المعتمدة في هذا الخصوص. ويعد المستأجر القديم صاحب أولوية في استئجار العقار بعد انتهاء أعمال صيانته أو توسيعه أو تغييره، وفق شروط وعقد وثمن إيجار جديد. وعلى المستأجر استخدام حقه هذا خلال شهر واحد اعتباراً من إبلاغه من قبل صاحب العقار كتابياً. ولا يحق لصاحب العقار تأجير العقار لشخص آخر طيلة 3 سنوات ما دام حق الأولوية هذا قائماً لصالح المستأجر القديم.

5- في حال كان المستأجر قد تعهّد كتابياً لصاحب العقار بإخلاء العقار خلال فترة معينة بعد استئجاره، ولم يفِ بتعهده هذا، يحق لصاحب العقار في هذه الحالة فسخ عقد الإيجار خلال شهر واحد من التاريخ المُتعهّد به، وذلك عبر التقدم بطلب التنفيذ أو رفع دعوى قضائية.

6- في حال تسبب المستأجر بتلقّيه إخطارين اثنين من صاحب العقار بسبب عدم تسديده ثمن إيجار العقار لمدة عام أو أكثر (فيما يتعلق بعقود الإيجار المحددة زمنها بعام واحد أو أكثر)، حينها يحق لصاحب العقار فسخ عقد الإيجار خلال شهر واحد اعتباراً من انتهاء سنة الإيجار التي تم فيها توجيه الإخطار، وذلك عبر رفع دعوى قضائية.

في العقود محدود الأجل، يحق للمستأجر إنهاء عقد الإيجار بشرط إبلاغ صاحب العقار برغبته هذه قبل انتهاء العقد بـ 15 يوماً على الأقل. وفي حال لم يقم بإبلاغ صاحب العقار برغبته هذه، يتجدد العقد تلقائياً لعام آخر بنفس شروطه السابقة (ما عدا قيمة الإيجار). في المقابل، لا يمكن لصاحب العقار إبلاغ المستأجر برغبته في إلغاء العقد قبل انتهائه بـ 15 يوماً، نظراً لعدم امتلاكه هذا الحق قانونياً. إلا أنه يحق لصاحب العقار في نهاية العام العاشر على الإيجار، إنهاء عقد الإيجار دون الحاجة لمبرر، لكن بشرط إبلاغ المستأجر بذلك قبل 3 أشهر على الأقل من انتهاء المدة المحددة.

في حال تصرف صاحب العقار بشكل مناقض للأحكام القانونية أعلاه، يُعتبر ملزماً بدفع تعويض للمستأجر القديم بقدر لا يقل عن إجمالي قيمة آخر إيجار عن عام كامل.

إعادة تحديد قيمة الإيجارات

مؤخراً، برزت أيضاً خلافات أخرى بين المستأجرين وأصحاب العقارات، فيما يخص إعادة تحديد قيمة الإيجار. ويعد قانون الديون التركي هو المرجع الرسمي في تحديد معدل زيادة قيمة الإيجارات. ويتم حساب هذا المعدل بناء على مؤشر أسعار المستهلك (TÜFE) خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة (يتم الإعلان عنها شهرياً من قبل هيئة الإحصاء التركية). ويمكن زيادة قيمة الإيجار بشرط ألا يتجاوز هذا المعدل القانوني. وفي حال نص العقد المبرم بين الطرفين على زيادة قيمة الإيجار بنسبة تفوق معدل مؤشر أسعار المستهلك، فإنه لا يمكن اعتماد ذلك، ويتوجب تحديد معدل الزيادة بحيث لا يتجاوز معدل مؤشر أسعار المستهلك.

لا يعد المستأجر ملزماً بدفع ثمن إيجار أكثر مما نص عليه العقد أو فاق القيمة المحددة وفق معدل مؤشر أسعار المستهلك، وذلك حتى وإن طالبه صاحب العقار بذلك. لكن في هذه الحالة، قد يلجأ صاحب العقار إلى بدء متابعة تنفيذية لذا على المستأجر في هذه الحالة، الاعتراض على المتابعة التنفيذية خلال المدة المتاحة لذلك.

إحدى الطرق الأخرى التي قد يلجأ إليها المستأجر أو صاحب العقار، هي ما ورد في قانون الديون التركي. وهو أنه في عقود الإيجار التي تفوق آجالها مدة 5 سنوات أو التي يتم تجديدها بعد كل 5 سنوات، يمكن للطرفين (المستأجر وصاحب العقار) المطالبة بتحديد معدل زيادة الإيجار من قبل القاضي، بغض النظر عما إذا كان هناك اتفاق بينهما في هذا الخصوص أم لا. وفي هذه الحالة، يقوم القاضي بتحديد ثمن إيجار المرحلة المقبلة عبر الوضع بعين الاعتبار أسعار الإيجار المماثلة ومعدل مؤشر أسعار المستهلك.

في حال كان المستأجر يقوم بتسديد ثمن إيجاره دون مراعاة معدل الزيادة المنصوص عليه في العقد، يحق حينها لصاحب العقد بدء متابعة تنفيذية ضد المستأجر. ويتمكن صاحب العقار بهذا الشكل من تحصيل حقه من المستأجر.

أما الطريقة القانونية الأخرى لتحصيل صاحب العقار حقه من المستأجر المتخلف عن تسديد ثمن إيجاره، هي توجيه إخطارين اثنين إلى المستأجر ومن ثم فسخ عقد الإيجار المبرم معه ورفع دعوى إخلاء ضده.

عن الكاتب

خليل أرسلان

محامي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس