ترك برس

كشفت صحيفة" الشرق الأوسط"، تفاصيل مباحثات استضافتها العاصمة الروسية، موسكو، بين رئيس جهاز الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، ومدير مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، حول العلاقات بين البلدين، والتي تسودها القطيعة منذ اندلاع الأحداث السورية في 2011.

وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن مملوك وفيدان "اللذين يعرفان بعضهما بعضاً بشكل جيد"، عقدا في موسكو جولة من المحادثات السرية بينهما في يوليو/ تموز الماضي، شارك في جانب منها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

ونقلت الصحيفة العربية عن مصادر روسية وغربية وعربية، أن فيدان ومملوك قدما لائحة طويلة من المطالب القصوى.

وفي التفاصيل، تضمنت مطالب تركيا، التي تعتقد أن دمشق غير قادرة لوحدها على محاربة الميليشيات الانفصالية، فتشمل: عملاً جدياً ضد "بي كي كي" الإرهابي وجناحه السوري "ي ب ك"، والتعاون بين أجهزة الأمن في البلدين، ومفاوضات مع المعارضة السورية المدعومة من تركيا للوصول إلى تسوية سياسية، وعودة اللاجئين السوريين، وإنشاء مناطق آمنة في حلب ومناطق أخرى شمال سوريا بعمق 30 كلم، ومساعدة وتسهيل عمل اللجنة الدستوري السورية.

أما المطالب السورية فقد تضمنت احترام السيادة السورية، ووضع جدول زمني للانسحاب التركي من الأراضي السورية، ووقف دعم "الجماعات الانفصالية"، وإعادة إدلب الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المدعومة من تركيا منذ 2015، واستعادة السيطرة على معبر باب الهوى بين تركيا وإدلب، وفتح طريق "إم 4" الذي يمتد من حدود البحر المتوسط غرباً إلى العراق شرقاً وتسيطر عليها قوات سورية وتركية وميليشيات انفصالية، ومساعدة دمشق على تخطي العقوبات الغربية (كما تفعل تركيا مع العقوبات ضد روسيا) وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، والمساعدة في إعمار سوريا، ومساعدة دمشق على استعادة السيطرة على الثروات الطبيعية من نفط وغاز وزراعة شرق الفرات، وفقاً لـ "الشرق الأوسط."

 جولات أمنية... وخط دبلوماسي

بعد لقاءات أمنية سرية عدة بمستويات مختلفة في ريف اللاذقية وطهران وموسكو واستمرار عمل القنصلية السورية في إسطنبول التي غالبا ما بلغتها أنقرة بمواعيدها العسكرية في سوريا، رعت موسكو في بداية 2020 لقاءً علنياً بين مملوك وفيدان بثته وكالتا الأنباء الرسميتان في البلدين. وكرر الجانبان موقفيهما، إذ طالب مملوك بالتزام أنقرة باتفاقات سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين للعام 2018، إضافة إلى فتح طريق حلب - اللاذقية، وإجراء انسحابات من الأراضي السورية. في المقابل، طالب فيدان بالتعاون ضد تنظيم "ب ي د/ي ب ك" و"بي كي كي" الإرهابية والبحث عن تسوية سياسية.

عملياً، لم يسفر اللقاء عن اختراق كبير. وكأن الأسد وأردوغان أرادا فقط عدم إعطاء الانطباع بمعارضة وساطة بوتين. ومذاك، ذهب كل من الجانبين السوري والتركي في مساراته وأولوياته، بحسب تعبير الصحيفة العربية.

استطراداً، لا تزال موسكو متمسكة برفض انعقاد اللجنة الدستورية السورية في جنيف. ورغم زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى روسيا، فإن المعطيات تشير إلى استبعاد انعقاد اللجنة في الأشهر المقبلة، وأن أحد الخيارات هو عقدها في أستانة، علماً بأن أردوغان اقترح في طهران عقدها في مدينة يكون فيها مقر أممي.

اقتحام إيراني... وحلول روسية

حاولت إيران الدخول على خط الوساطة الأمنية بين سوريا وتركيا، الأمر الذي لم يرح البعض في دمشق وفي موسكو. لكن روسيا مستمرة في وساطتها. كررت ذلك خلال محادثات وزير خارجيتها سيرغي لافروف في موسكو مع نظيره السوري فيصل المقداد الذي أعرب عن شكوكه في قدرة فيدان بالتأثير على أردوغان، كما كان واقع الحال سابقاً.

بداية، هي تعتقد أنها نجحت في وقف خطط تركيا لشن عملية عسكرية، ونجحت في تغيير الخطاب التركي والسوري. وهي ترى أن الانسحاب التركي "سيحصل لكنه ليس أمراً عاجلاً"، وأن نقطة الجمع حالياً هي "العمل ضد الميليشيات الانفصالية". وقال مسؤول: "لو استمر الوضع على ما هو عليه سنتين أو ثلاثاً، من الصعب أن تستعيد سوريا وحدتها". ويعمل الوسيط الروسي حالياً على "خطة عمل" تنطلق من مطالب الجانبين والنقاط المشتركة. وبين الأولويات تقديم ضمانات أمنية للجانب التركي وترتيبات عملياتية لدمشق في إدلب وطريق حلب - اللاذقية، وأحد الحلول أن يعكف الجانبان السوري والتركي على نسخ مسودة جديدة لاتفاق أضنة للعام 1998 الذي أسس للتعاون الأمني بينهما ضد "بي كي كي" الإرهابي.

واختتمت "الشرق الأوسط" تقريرها بالقول إن جميع المؤشرات تشير إلى أن قطار التطبيع بين دمشق وأنقرة انطلق، وأن موسكو تعمل على صوغ محطاته وسرعته ومحتوياته، بين الانتقال السريع إلى الإطار السياسي، أو البقاء في الإطار الأمني والبحث عن أهداف واقعية مشتركة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!