ميديام يانيك - مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا) - ترجمة وتحرير ترك برس

كان من نتائج الانتخابات البرلمانية التركية التي أجريت في الـ7 من الشهر الجاري غموض مصير "عملية السلام" التي بدأتها الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني المحظور لإنهاء الصراع المستمر في البلاد منذ عقود.

وبعد الانتخابات البرلمانية ازداد الشعور بالقومية التركية والكردية في البلاد، حيث دخل حزب الشعوب الديموقراطي الكردي إلى البرلمان التركي لأول مرة كحزب سياسي، ولهذا السبب انخفضت أصوات حزب العدالة والتنمية، ونتيجة لذلك تأثرت عوامل حل المسألة الكردية بشكل سلبي.

تعقيد القومية التركية و الكردية

تزداد وتيرة العودة إلى الهوية الكردية عند الأكراد، كما يزداد التصرف على أساس هذه الهوية مع مرور الأيام. فقد انتخب أكثر من %60 من الناخبين الأكراد في هذه الانتخابات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، ولكن عند الاتراك لم يتجاوز هذا الرقم %16. وقد يكون انتخاب الأكراد لهذا الحزب سببا لارتفاع الأصوات القومية التركية أيضا. وبالتالي فإن الحالة النفسية المتبادلة بين الأتراك والأكراد يمكن أن تؤدي إلى بعضهما البعض بشكل حلزوني.

حالة التأهب في الهوية الكردية 

تشكل في المناطق التي جعلت الهوية الكردية أهم أولوياتها رأي عام مفاده أن الهوية الكردية مهددة في تركيا. وكانت الأحداث التي وقعت في عين العرب بشكل خاص سببا لتشكيل هذا الرأي. والوقت نفسه زادت من شرعيته مقاومة "حزب الاتحاد الدموقراطي الكردي (PYD)" والدعم لهذه الحركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في المنطقة.

كما نجحت الحركة السياسية الكردية في استغلال الأحداث التي وقعت في كوباني ضد حزب العدالة و التنمية، بإظهار أن هناك تحالفًا مستمرًا بين تركيا وتنظيم الدولة الإسلامية داعش. فكان هذا الرأي العام فرصة للأكراد، الذين احتشد الآلاف منهم وخرجوا إلى الشوارع في عدة مدن من أجل كوباني في تركيا.

السياسة الميكيافيلية للحركة القومية الكردية

يملك القائمون على إدارة الحركة القومية الكردية القدرة على إنتاج السياسة الميكيافيلية ما وراء الواقعية. ويستطيعون فضلا عن تنظيماتهم أن ينشروا آراءهم السياسية بشكل سريع وقوي. على سبيل المثال؛ شكلوا رأيًا عامًا حول أنهم يعملون مع حزب العدالة والتنمية دائمًا، الأمر الذي أقنع مؤيديهم بسرعة. وفي الانتخابات البرلمانية كذلك استخدموا لغة السلام. ومن جانب آخر مارسوا ضغطًا منهجيًا على المواطنين. إضافة إلى أن كل هذه السياسات التي استخدموها لا تبدو أخلاقية وهي معاكسة لقواعد الديموقراطية.

إضعاف عملية السلام

إن حاجة تركيا إلى حل المشاكل الداخلية في وقت أصبحت فيه دولة أكثر قوة هو ما يجعل من الممكن استمرار عملية السلام. فضلا عن أن أردوغان أقنع قطاع المحافظين بحل هذه المشاكل، أو على الأقل أن يدعموه بهدوئهم. ومن جانب آخر فقد أظهرت الحركة القومية الكردية بوضوح أنها مجرد حركة من المكيافيلية ما وراء الواقعية. ومع ذلك انتشر في القطاعات المختلفة أنها ليست حركة موثوقة، وفي كل فرصة تحاول أن تزيد من قوتها في البلاد.

وفي الختام، فإنه ليس بمقدور تركيا الانسحاب من عملية السلام. ولكن ظهور نتائج ما بعد الانتخابات سوف يؤثر على هذه العملية بشدة. والآن وفي هذه المرحلة يجب أن نفكر بكيفية إكمال عملية السلام الآن.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!