ترك برس

باشر البرلمان التركي أعماله مؤخراً في الدورة التشريعية الـ 28 والذي انتُخب نوابه في الانتخابات التي شهدتها البلاد يوم 14 مايو/ أيار الماضي، وحصل تحالف الجمهور بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، على الأغلبية فيه بإجمالي 323 عضوا من أصل 600 في البرلمان.

وفي تحالف الأمة (المعارض)، حصل حزب الشعب الجمهوري على 169 مقعدا، تشمل أحزاب "السعادة" و"المستقبل" و"الديمقراطية والتقدم (ديفا)" و"الحزب الديمقراطي" المتحالفة معه، بينما نال حزب "الجيد" منفردا 43 مقعدًا، أما في تحالف العمل والحرية فحصل حزبا "اليسار الأخضر" (أكراد) و"العمال التركي" على 61 مقعدًا و4 مقاعد على التوالي.

وينتظر البرلمان التركي مسودات قرار وتشريعات هامة ليحولها إلى قوانين.  

وفي هذا الإطار، استعرض تقرير لـ "الجزيرة نت" أهم الخطط التي ينوي التحالف الحاكم طرحها على أجندة البرلمان الجديد، وعلى رأسها الدستور الجديد، وموقف المعارضة منها.

ما ملامح الدستور الجديد المقترح؟

أكد الرئيس أردوغان في أولى خطاب له بعد الفوز، على ضرورة العمل لإعداد دستور جديد "مدني" ومناقشته، وتعهد قبل الانتخابات البرلمانية بإدراج هذه المسألة على جدول أعمال البرلمان الجديد، وقال إنه "في حال تحقيقه فذلك يعني تلاشي آخر الغيوم التي تغطي سماء الديمقراطية (في تركيا)"، في إشارة إلى الانقلابات العسكرية السابقة التي شهدتها البلاد في القرن الماضي.

ويتكون الدستور التركي من 7 أقسام و177 مادة أساسية و21 مادة مؤقتة، وينص على منع تغيير المواد الأربع الأولى فيه المتعلقة بأسس الجمهورية التركية وعلمانية الدولة.

ولإقرار الاستفتاء على أي تعديل دستوري، تلزم موافقة 360 نائبا على الأقل (أي 60%)، أما إذا حصل على موافقة أكثر من 400 فلا يلزم الاستفتاء.

ويرى رئيس مركز "أورسام" للدراسات التركية أحمد أويصال أن "فوز أردوغان بالرئاسة وحصول تحالفه على أغلبية مقاعد البرلمان يجعل من السهل تمرير القوانين، بما فيها التعديلات الدستورية، وذلك يضمن استقرار النظام السياسي".

وأضاف أويصال أن "أكبر إنجاز لأردوغان أنه فرض السيطرة المدنية على العسكر، لكن روح الدستور الحالي ما زالت تحمي منطق الوصاية العسكرية، لذلك من الضروري في ظل تركيا الجديدة كتابة دستور جديد على يد المدنيين لا العسكر الذين طرحوا الدستور الحالي في 1982".

وعن المواد الأربع الأولى، قال إن إمكانية تغييرها من عدمه "ترجع إلى قرار الشعب"، لكن الدستور الحالي ينصّ على عدم تغييرها.

في المقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي فائق بولوت إن "جميع الدساتير التركية تصنف مدنية والتعديلات التي يريدها أردوغان غير واضح حتى الآن نصها وهدفها، وإذا كانت ستعزز من صلاحياته بصفته حاكما أو تهدف لتفكيك المعارضة".

ويرى بولوت أن أردوغان يريد دستورا يدعم الحريات، لكن خطابه لا يعكس ذلك، "وبينما ينتقد الوصاية العسكرية فإنه يفرض وصايته الخاصة (بصفته حاكما)".

أما المواد الأربع، فبرأي بولوت ليس من الواضح حتى الآن إذا كان تحالف "الجمهور" أو أحزاب من داخله تريد تغييرها أم لا، وكذلك المرجعية التي ستستند إليها في حالة التغيير ما زالت غير واضحة، "لكن الأكيد أن المعارضة سترفض ذلك".

ما مصير مسودة الدستور التي أعدّها تحالف الأمة؟

قبل الانتخابات، أعلن تحالف "الأمة" المعارض، المعروف باسم الطاولة السداسية، مسودة دستور جديد أبرز مواده العودة للنظام البرلماني، وبعد إخفاقه في الحصول على الأغلبية البرلمانية تُطرح تساؤلات بشأن مصير تلك المسودة.

وفي هذا الصدد، يقول المحلل أويصال إن "من الممكن ضم مواد من هذه المسودة في التعديلات الدستورية الجديدة في حالة التوصل إلى اتفاق بين السلطة والمعارضة، لكن ذلك يحتاج إلى حوارات كثيرة بينهما، وهذا مرتبط بالظرف السياسي في ذلك الوقت".

بدوره، يقول المحلل بولوت إن "إعداد الدستور (بشكل صحيح) يتضمن مشاركة ممثلين عن جميع الأحزاب بتياراتها المختلفة وأيضا مندوبين عن المناطق التركية يتناقشون ويقدمون مقترحا لمسودة دستور تتضمن القواسم المشتركة بينهم، وإلا سيكون الدستور ممثلا لطرف واحد ولا يرضي الآخرين".

كيف ستتعامل الأحزاب الجديدة داخل البرلمان؟

تمكنت أحزاب جديدة من دخول البرلمان لأول مرة مثل حزب "الرفاه من جديد" ضمن تحالف "الجمهور"، وفي المقابل ضمّت قائمة نواب حزب الشعب الجمهوري قرابة 40 نائبا من 4 أحزاب متحالفة معه، منها حزبان حديثا النشأة.

ويتفق حزب "الرفاه من جديد" (المحافظ)، لمؤسسه فاتح أربكان، مع توجّه أردوغان في قضايا أهمها إدراج حرية الحجاب ضمن الدستور.

وبخصوص نواب الأحزاب المعارضة المتحالفة مع الشعب الجمهوري، يرى أويصال أنها ستكون مستقلة أكثر عن حليفها بعد انعقاد البرلمان، ويمكن أن تتعاون مع التحالف الحاكم في تمرير التعديلات الدستورية إذا تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.

أما بولوت فيرى أن هذه الأحزاب ستحدد موقفها بناء على القيم المشتركة مع أحزاب المعارضة وعلى رأسها "الشعب الجمهوري"، وفي حالة عدم التوافق بينهما ستتحرك بشكل مستقل ومختلف عن "الشعب الجمهوري".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!